على نحو مفاجئ نفض حزب المؤتمر الشعبي بولاية كسلا، يده من الشراكة بحكومة الوفاق الوطني ولاية كسلا، وأعلن الحزب انسحابه من الحكومة مبرراً خطوته بأن الأحداث التي شهدتها الولاية مؤخراً ساهمت بخروجه من الحكومة، ولم يكتفِ الحزب بذلك فقد طالب الأمانة العامة في الخرطوم بعقد اجتماع عاجل لاتخاذ قرار الانسحاب من الحكومة، وبهذه الخطوة يبدو بأن الحزب بكسلا يريد أن يدخل في مواجهة مباشرة مع الأمانة العامة بالمركز، خاصة وأن قرار فض الشراكة من عدمه حق لا تمتلكه الأمانة العامة، وإن كانت المؤمنة عليه، فهل ترضخ الأمانة العامة وتسارع في عقد اجتماع الهيئة القيادية للحزب وفتح كراسة المشاركة والإجابة على امتحان الشراكة الصعب؟، أم أن أمانة كسلا تغرد بعيداً عن السرب ؟ .
تقرير:أيمن المدو
قرار مركزي
الأمين السياسي للحزب السفير إدريس سليمان، أكد أن الشعبي بكسلا قد طالب الأمانة العامة بالخرطوم عبر خطاب وبيان بفض الشراكة والانسحاب من الحكومة، مشيراً إلى أن قضية فض الشراكة قضية مركزية تخضع إلى الهيئة القيادية للحزب، وليس الأمانة العامة المركزية، وأكد سليمان لـ(آخر لحظة) أن الحزب سيوضح ملابسات ما جرى في مؤتمر صحفي يعقد اليوم بدار الحزب بالخرطوم .
وفي ذات المضمار يشير القيادي بالحزب عبد العال مكين، إلى أن الشعبي بكسلا لم يعلن الانسحاب من الحكومة كما تداول، لكنه طالب المركز بالانسحاب، وقال إن المطالبة خاضعة إلى النقاش داخل الأمانة العامة، باعتبار أن الانسحاب حق مكفول للهيئة القيادية للحزب لوحدها، وتابع حتى الأمانة السياسية المركزية والأمانة العامة لا يملكان هذا الحق لأن قرار المشاركة اتخذ في مجلس الشورى وبالتالي هو صاحب القرار في فض الشراكة والانسحاب من البقاء في الحكومة، وبموجب ذلك فإن قرار فض الشراكة ليس بيد أمانات الولايات لجهة أنه قرار مركزي في المقام الأول والأخير، وأشار مكين إلى أن هناك وفدا من المركز ضم في معيته د. محمد الأمين خليفة، بجانب قيادات من الحزب حطوا رحالهم إلى كسلا للجلوس والتفاكر مع قيادات حزبهم بالولاية.
التمسك بالمشاركة
وفي المنحنى ذاته أكد أمين العلاقات الخارجية بالحزب، نادر السيوفي للصحيفة أن مطالب أمانة حزبه بكسلا جاءت على خلفية الأحداث التي شهدتها الولاية مؤخرا من احتجاجات وما صاحبها من حادثة مؤلمة من اغتيال لمعلم خشم القربة، في وقت استبعد انسلاخ حزبه من المشاركة لأنها تمت بعد مخاض عسير بحسب قوله .
بالمقابل يرى القيادي بالشعبي د.عمار السجاد، أن النظام الأساسي للحزب لا يسمح للأمانة العامة باتخاذ قرار الانسحاب من المشاركة في الحكومة لأن قرار المشاركة حق أقرته الهيئة القيادية للحزب ولا ينقض هذا القرار إلا عبر الهيئة القيادية والتي يلتئم اجتماعها الدوري كل ستة أشهر، من أجل تقييم المشاركة ومحاسبة الأمانة العامة ضمن واجباتها الأخرى، وأكد السجاد لـ(آخر لحظة) أن هناك حقا للأمانة الاتحادية وأمانات الولايات في تجميد مشاركتهم دون الانسحاب، وأشار إلى أن الأمانة العامة ليس لديها خيار سوى التمسك بالمشاركة في الحكومة لأن قرار فض الشراكة ليس بيدها، في وقت اتهم السجاد الأمين العام للحزب د.علي الحاج، ورئيس شورى الحزب الشيخ إبراهيم السنوسي، بتجاوز مؤسسات الحزب بتغييب وتجميد اجتماعات الهيئة القيادية خوفا من المحاسبة وتقييم المشاركة في الحكومة، لافتاً إلى أن قرارات الهيئة القيادية فوقية لا يعلى عليها بجانب أنها ملزمة للأمانة العامة معتبرا أمر تغييبها يمثل نوع من الشمولية والدكتاتورية.
انعدام المؤسسية
بينما يشير المحلل السياسي أستاذ العلوم السياسية بالجامعة الإسلامية د. راشد التجاني، إلى أن إعلان انسحاب الشعبي بكسلا يدل على انعدام المؤسسية داخل الحزب بجانب عدم وجود تنسيق بين الأمانة العامة للحزب بالمركز والولايات في المواقف، وأشار إلى أن قرار مشاركة الحزب في الحكومة يمثل قرار المؤتمر العام للحزب، وأردف أي قرار مخالف لذلك يجب أن يكون نابع من المركز العام وليس أمانات الحزب بالولايات، وأشار إلى أن توجيهات أمانة الحزب بكسلا للمركز بفض الشراكة تمثل صورة مقلوبة أمام النظام السياسي الذي يحكم الحزب، والذي يعطي حق التوجيهات المصيرية للأمانة العامة وليس للأفرع بالولايات، وقال حتى لو كانت هنالك تحفظات من قبل الأمانة في المشاركة بالحكومة فيجب عليها الاستمرار إلى حين انعقاد المؤتمر العام، والذي من خلاله يمكن تحديد أمر المشاركة من عدمها لأن قرار المشاركة مركزي وحول السناريوهات المحتلمة داخل الحزب .
وفي حال تمسك الشعبي بكسلا بالانسحاب، قال التجاني إن هناك خيارين لا ثالث لهما، الأول أن يتمسك الشعبي بكسلا بقرار الانسحاب مما يؤدي إلى انسلاخ المجموعة صاحبة القرار من الحزب في حال عدم رضوخ المركز لطلبها، والاحتمال الثاني هو إثناء المجموعة عن قرارها بعد الجلوس إليها والتوصل معها إلى مفاهمات تجنب الحزب مخاطر الانزلاق نحو الانسلاخات.
يمكنك ايضا قراءة الخبر في المصدر من جريدة آخر لحظة