لَعَلّ القاريء المُتابع لما نكتب في هذه الحلقات.. من قُرّاء صحيفة “الصيحة” الغرّاء.. وقد نسينا تحيّتهم ابتداءً.. وها نحن نفعل.. كَمَا شَغلتنا الشّواغل عن إزجاء شُكرنا وتقديرنا لأُسرة صحيفة “اليوم التالي” بَدءاً من ناشرها الصديق الدكتور مزمل أبو القاسم الخلوق، الودود، الصدوق وأسرة تحريرها بمُختلف مواقعهم وتَخصُّصهم واختصاصهم وقرُّائها الكرام.. لكل ما طوّقونا به من تقديرٍ نعتز به.. وها نحن نفعل.. يذكر القاريء إذن.. أنّنا بدأنا هذه الحلقات بعنوان.. من يُعاتب الأمير..؟ ولم نقدِّم إجابةً مُباشرةً على السُّؤال.. على أهميته.. رهاننا كان على فطنة القاريء.. الذي يَهتم دائماً بالحرص على قراءة ما بين السُّطور.. ثُمّ يُفاجئنا بتحليلاتٍ واستنتاجاتٍ تفوق فَهمنا المَحدود.. ولكن هذا لا ينفي أنّ البعض.. خَاصّةً من المُتنطعين.. ومُدعي الفهم.. يَصر.. لا عَلى عَدم الفَهم.. بل عَلى ليْ عُنق الحَقائق..!
ودَعُونا نَعُود لواحدةٍ أخرى من اتّهامات إسحق أحمد فضل الله بأنّ الإعلام وراء الأزمة مع قطر.. ذلك أنّ إسحق لا يعترف بالوقائع التي يَصنعها البشر.. فالرجل في الأصل كاتب قصص قصيرة.. ويهتم بقصص الخيال.. غير العلمي.. مِمّا يجعل رواياته لا تقف على ساقين.. ولذلك ولمُصلحة القاريء والحقيقة.. فسنحرص على الاعتماد على الحقائق عَلّ ذلك يُساعد في الفهم..!
في فبراير من العام 2015 إنّ لم تَخُنِّي الذاكرة، أطلق الرئيس البشير تصريحاً صحفياً.. بدا غريباً وغير مسبوقٍ كما وصفته قناة العربية.. المحسوبة على عاصفة الحزم.. قال الرئيس يومها.. (إنّ التنظيم الدولي لجماعة الإخوان يُهَدِّد استقرار الدول العربية.. وأشار البشير إلى رفض بلاده للطابع الدولي للإخوان، مُنوِّهَاً بحق الدول في اتّخاذ مَا تَراه مُناسباً لخدمة أمنها واستقرارها بعد تنامي تأثير التّنظيم الدولي للإخوان وَتدَخُّله في شؤون دولٍ عربيّةٍ)..! كان ذلك التصريح مُربكاً بقدر ما كان واضحاً لا لَبْسَ فيه.. واضحاً حَدّ أن فهمته الدّوحة وفهمه التّنظيم الدُّولي.. ولم يعجبهما ولا شَكّ.. تَصريح الرئيس ذاك كَانَ صَبّاً للزيت على نَارٍ اشتعلت أصلاً.. منذ موقف السُّودان من أحداث رابعة العدوية.. في أغسطس 2013 كان أول تَصريحٍ رَسمي للنّظام الإسلامي في السُّودان.. إنّ ما يحدث في رابعة العدوية هو شأنٌ داخليٌّ يخص مصر.. ولم تقف حيرة المُندهشين من موقف النظام في السُّودان مِمّا جَــرَى لـ (إخوانهم).. بل في مَا حَدَثَ بعد ذلك.. حيث كانت أول زيارة خارجيّة للرئيس المصري عبد الفتاح السيسي للخرطوم.. بل بَدَت العلاقة بين البلدين.. من بعد ذلك.. أكثر استقراراً وتَطوُّراً.. وفي كل هذا كَانَ التّنظيم الدُّولي.. المُتحرِّك بين تركيا وقطر.. يكظم غيظه.. وينتظر..!
ولكن مُفاجآت الرئيس لا تَنتهي.. فأتى بخطوةٍ أُخرى.. ظَنّها البعض ضَربَاً من ضُرُوب المُناورة التي يُجيدها.. ولكن الخطوة بالنسبة للرئيس كانت تعني شَيئاً مُهمّاً.. لم يفهمه الكثيرون.. فقد قال الرئيس وهو يُخاطب شُورى الوطني في العام الماضي.. (إنّ المؤتمر الوطني حزبٌ قائمٌ على مباديء معروفة).. ثُمّ قال ما يلي نَصّه.. (نحن حركة إسلامية كاملة الدسم، وليست لنا عَصبيّة لاسم، من جبهة الميثاق وحتى حزب المُؤتمر الوطني).. والتّصريح الذي حسبه البعض مُتناقضاً مع تَصريحه الأول.. كَانَ في الواقع مُكمّلاً له.. فالرئيس أرَادَ أن يَفصل بين التّنظيم الدولي وبين الحركة الإسلاميّة.. التي يُفترض أنّها تحكم السُّودان.. ولأنّ التّنظيم الدُّولي مَوجودٌ وفَاعلٌ في الدوحة.. كَانَ من الطبيعي أن تلقي فعاليته تلك بظلالها على العلاقات مع الخُرطوم.. وما يبدأ بالعتاب.. يُمكن أن يَتَطَوّر لاحقاً إلى مَوقفٍ بلا سَقفٍ.. ويبدو أنّ هذا ما يتشكّل الآن.. فهل فهمتم..؟!
الصيحة
اقرا الخبر ايضا من المصدر من هنا عبر صحيفة الراكوبة نيوز