السودان الان السودان عاجل

مزمل أبو القاسم يكتب : دموع الطيب مصطفى

مصدر الخبر / المشهد السوداني

د. مزمل أبو القاسم
*يُحسب للأخ الطيب مصطفى اعترافه بأنه كان بائساً وخائفاً عند سقوط النظام السابق، وأنه اليوم أشد بؤساً وخوفاً مما سبق.
*قبلنا اعترافه لأننا التمسنا فيه الصدق، لكننا لا نستطيع أن نقبل تحريضه للجيش وقوات الدعم السريع لقمع المعتصمين أمام القيادة العامة، حين كتب “هل يُعقل أن تعجز القوات المسلحة والدعم السريع التي قضت على التمرد في هجليج وأبو كرشولا وقوز دنقو ووادي هور في أطراف السودان.. هل تعجز عن بسط الأمن وفرض هيبة الدولة في قلب الخرطوم بل أمام القيادة العامة، عرين القوات المسلحة ورمز عزتها وهيبتها وقوتها”.
*من يعتصمون أمام القيادة مواطنون عُزَّل، يمارسون حقهم الطبيعي في الاحتجاج، ويراهم الطيب في هيئة متمردين ينبغي للجيش والدعم السريع أن يتوليا تأديبهم، وإبعادهم عن القيادة بالقوة.
*نحمد الله أن الرد عليه أتى من قائد أركان الجيش، سعادة الفريق أول هاشم عبد المطلب، الرجل المسؤول الصادق الوطني الوفي، الذي أكد أنهم لن يطلقوا رصاصة واحدة على المواطنين، لأن جيش الوطن مكلف بحمايتهم، لا بقتلهم.
*حديث الطيب طبيعي، إذ إن الشيء من معدنه لا يُستغرب، لكن الغريب المستنكر حقاً أن يتباكى صاحبنا على ضياع نعمة الأمن، زاعماً أننا كنا ننعم بالطمأنينة حتى السادس من أبريل، مستشهداً بإغلاق الشباب لمسار القطارات وبعض الشوارع، وإقدامهم على تفتيش المارة، ليدلل بها على تردي الأحوال الأمنية في البلاد حالياً.
*أي مقارنة موضوعية بين ما كان وما يحدث الآن ستنسف حديث الطيب ومن جذوره، فالثابت أن الأوضاع الأمنية الحالية، على هشاشتها، وعدم استقرارها، أفضل بكثير من نظيرتها في العهد السابق، برغم خروج جهاز الأمن عن نطاق الخدمة تقريباً، وبرغم إضراب الشرطة وغيابها عن الشوارع في الأيام الماضية.
*صحيح، حدثت وقائع مرفوضة، تم فيها التعدي على بعض المدنيين (حادثة قرطبة مثالاً)، لكنها ووجهت برفضٍ تام من الرأي العام، وتم استنكارها في وقتها، ونرجو أن لا تتكرر، كي لا تُحسب على ثورةٍ تغنى العالم كله برقيها وسلميتها.
*نقول للطيب المقارنة التي عقدتها لا تنبني على أي منطق، إذ لا توجد حالياً تاتشرات بلا لوحات تجوب الشوارع لتنشر الفوضى، وتطلق النار على المدنيين العُزَّل، بلا ضابط ولا رقيب.
*من يفتشون الناس في محيط الاعتصام يرددون عبارة (أرفع يدك فوق.. التفتيش بالذوق)، فهل استأذن من حملوا السلاح وأطلقوا الرصاص على الأبرياء أحداً قبل أن يقتلوا به أكثر من خمسين، ويجرحوا المئات؟
*ابتداءً من يوم 11 أبريل الحالي لم تسجل مضابط الشرطة أي حالة إعدام لمواطن بريء رمياً بالرصاص، كما حدث للشهيد معاوية بشير، ورفاقه الأبرار، د. بابكر ومهند وعبد العظيم وماكور وطارق أحمد وبقية من دفعوا حياتهم وبذلوا دماءهم ثمناً للحرية.
*منذ التاريخ المذكور اختفى ملثمون مجهولون، كانوا يرتدون أزياء القوات النظامية، ويحملون السياط وينهالون بها على الناس ضرباً في الطرقات، ويقتحمون البيوت ليروعوا الآمنين، ويعتدوا على الأطفال والشيوخ والنساء.
*حالياً لا يوجد فوضويون يختطفون الأبرياء اعتسافاً، ليوسعوهم ضرباً وتعذيباً حتى الموت، ثم يرمون جثثهم في الطرقات مثلما تُرمى جثث الكلاب، كما حدث للشهيد محجوب التاج، صاحب التسعة عشر عاماً.
*حالياً لا توجد معتقلات يتم فيها تعذيب الأبرياء بالخابور حتى الموت، كما حدث للشهيد أحمد الخير في خشم القربة.
*حالياً لا توجد اعتقالات سياسية، ما خلا التي تعرض لها بعض قيادات ورموز النظام السابق، ولا توجد أي رقابة على الصحافة وبقية وسائل الإعلام، ولا يوجد تضييق على الرأي، ولا مصادرات للصحف، يتم بموجبها تعمد إلحاق الأذى بالناشرين، بأخذ الصحف بعد طبعها، لمنع توزيعها، ورميها لأصحابها في اليوم التالي (كراجع).
*حالياً لا توجد محاكم طوارئ، تملأ السجون بالأبرياء، ويتم فيها توظيف القضاء لإذلال المواطنين بجلدهم وحبسهم.
*ربما كان الطيب ورهطه آمنين قبل الحادي عشر من أبريل، لكن الملايين من أبناء هذا الشعب الطيب لم يكونوا كذلك أبداً.
*نتفهم خوفه من فقدان الأمن، ونعتقد أنه يقصد جهاز الأمن الذي كان يمتلك سلطاتٍ غير محدودة، تجعله منزهاً عن المساءلة والمحاكمة مهما فعل، بالحصانة التي يوفرها له قانونه المعيب، ونقول له شتان بين ما كان، وما هو حادث الآن.

اقرا الخبر ايضا من المصدر من هنا عبر موقع المشهد السوداني

عن مصدر الخبر

المشهد السوداني