رئيس الوزراء الدكتور عبد الله حمدوك الذي أدى اليمين الدستورية إيذانا ببداية حكومة الفترة الانتقالية المتوقع إعلانها الأسبوع المقبل، تنتظره تركة ثقيلة ممثلة في الهم الاقتصادي وكيفية إعادة الروح فيه وإصلاحه عقب الانهيار الشامل الذي أوصله له النظام البائد، على مدى ثلاثة عقود من التجارب المريرة التي دفع ثمنها المواطن السوداني.
ويرى المشفقون على الرجل الذي ظل يخدم المجتمع الدولي والإقليمي عبر المنظمات على مدى عقدين تعينه في ذلك خلفيته الاقتصادية وتخصصه في تنمية المجتمعات الريفية، أن الرجل بلا يشك سيواجه مشكلات معقدة وتركة ثقيلة قوامها كيفية ترميم رفات الاقتصاد السوداني، والسير به إلى بر الأمان، عبر برنامج محدد للانعاش الاقتصادي، يمكن البلاد من تجاوز حاجز ارتفاع معدل التضخم، واستقرار سعر الصرف، وإعادة التوازن للميزان الخارجى ثم الانطلاق نحو التنمية والتي تتطلب إعادة العلاقات وتطبيعها مع مؤسسات التمويل الدولية، بالإضافة إلى معالجة ديون البلاد الخارجية التي تفوق الـ50 مليار دولار، بوصفها أكبر تركات النظام البائد.
وأرسل رئيس الوزراء الجديد في أول تصريح صحفي له عقب أدائه القسم رسائل تطمينية للمواطن الذي ظل ينتظر حصاد ثورته في معاشه وخدماته، مفادها أنه يضع خطة للتعاطي مع التحديات الطارئة، ومعالجة قضايا التضخم وتوفير السلع والعناية بالقطاعات المنتجة.
وقطع بحتمية إعادة هيكلة النظام المصرفي الذي قال إنه شارف على الانهيار وأبان أن هناك قضايا ذات طبيعة صعبة سيواجهها في الأيام المقبلة. ولفت إلى أن هناك قضايا لا تقبل المساومة مثل معالجة الفقر ومجانية التعليم والصحة.
ونوه إلى ضرورة الاستفادة من التجارب الاقتصادية العالمية، والمزج بينها في ضبط توجهات البلاد الاقتصادية واستند في ذلك إلى ما اسماه بالمناخ السياسي الملائم ما يساعد على العبور بالسودان إلى بر الأمان.
وأجمع عدد من خبراء الاقتصاد الذين استطلعتهم (سونا) على صعوبة المهمة التي تنتظر الدكتور حمدوك خاصة أنه جاء في وقت شهد فيه السودان تدهورا غير مسبوق في الاقتصاد وانهيارا في بنياته، حيث قال بروفيسور محمد الجاك أحمد أستاذ الاقتصاد بجامعة الخرطوم إن حالة الاستقرار الأمني والسياسي التي تشهدها البلاد ستنعكس إيجابا على مجمل الأوضاع الاقتصادية في البلاد الأمر الذي يتيح للبلاد إقامة شراكات وعلاقات تعاون اقتصادى واستثمارى مع دول العالم كافة.
وأضاف الجاك أن الانفراج الذي تشهده علاقات البلاد الاقتصادية مع دول الخليج والغرب بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية من شأنه أن يعيد التوازن للاقتصاد القومي للبلاد ولفت إلى أن العالم بأثره يعول على السودان في توفير الغذاء الذي أصبح من أكبر التحديات العالمية.
وقال إن المطلوب من حكومة حمدوك في هذه المرحلة العمل على تهيئة البيئة الاستثمارية في جوانبها القانونية والتشريعية والاقتصادية كافة وذلك لجذب الاستثمارات المالية والمصرفية مع السعي لتوظيف فوائض رؤوس الأموال العربية في دعم مشروعات تأمين الغذاء العربي والمشروعات المشتركة.
دكتورة ماجدة مصطفى صادق الخبيرة الاقتصادية ورئيس قسم الاقتصاد بجامعة السودان العالمية ذكرت أن الحكومة مطلوب منها العمل على الخروج بالاقتصاد من نفق الأزمة ومحاولة تقديم الحلول العاجلة للمشاكل الآنية التي تتعلق بمعاش الناس.
وتوقعت ماجدة قيام الولايات المتحدة الأمريكية برفع اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب، مما يجعل أبواب السودان مشرعة أمام الاستثمارات العالمية الضخمة، خاصة من الدول الغربية في مختلف مجالات الاستثمار من الزراعة والتعدين والبنى التحتية والسياحة ورعاية وتسمين الحيوان.
ولفتت إلى أن الاستقرار السياسي الذي سيشهده السودان سيؤدي إلى سرعة إنجاز الأعمال وإزالة القيود البيروقراطية ويشجع على المزيد من دخول الاستثمارات.
وتوقعت أن يحدث انفتاح اقتصادي واضح في مجالات التعاون الدولي وعلاقات السودان الخارجية بالكتل الاقتصادية الإقليمية والعالمية، مطالبة بأن تكون من أولويات الحكومة المقبلة استكمال المفاوضات الخاصة بانضمام السودان لمنظمة التجارة الدولية وأضافت أن نجاح السودان في الانضمام لمنظمة التجارة الدولية سيلقى الكثير من الدعم المالي واللوجستي، مما يمكنه من الخروج من مأزق عجز ميزان المدفوعات.
وأكدت تحقيق نمو اقتصادي سريع للسودان على المدى القصير والمتوسط والطويل من خلال فتح الأبواب أمام الاستثمارات الضخمة والتعاون الدولي ومساعدة المنظمات المالية العالمية، مما يزيد حجم إنفاق قطاع المستهلكين وبالتالي انتعاش قطاع الخدمات.
وأشارت ماجدة إلى أن الاستثمارات في مجال البنية التحتية من شأنها تشجيع قيام المصانع والصناعات المرتبطة بالزراعة، كما ستؤدي إلى سهولة الاتصال وتحسين خدمات الخطوط الجوية وحركة الموانئ والإسهام بصورة فعالة في زيادة حجم صادرات السودان.
نعم إن المهمة التي تنتظر رئيس وزراء الفترة الانتقالية كبيرة وجسيمة قوامها إعادة بناء الاقتصاد السوداني والعبور بالبلاد إلى مصاف الدول المتقدمة، وهي مهمة صعبة ولكنها ليست مستحيلة خاصة إذا صلحت النوايا وتحقق السلام واتجه الجميع نحو البناء والإنتاج.
تقرير- محمد عبد الرحيم/ سونا
يمكنك ايضا قراءة الخبر في المصدر من موقع المركز السوداني للخدمات الصحفية