الخرطوم – مهند عبادي
سلسلة من الوعود البراقة مقرونة بعدد من الاشتراطات ظلت تدفع بها الولايات المتحدة الأمريكية طيلة السنوات الماضية لتشكل عقبة أمام خطوات الوصول إلى هدف رفع اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب، واستبشر الكثيرون خيرا بالتغيير الذي حدث لنظام الحكم وعدوه خطوة مهمة في سبيل إزالة اسم البلاد من القائمة السوداء سيما وأن الولايات المتحدة قد رفعت قبل فترة العقوبات الأحادية عن البلاد، ولكن يبدو أن العصا الأمريكية لا زالت مسلطة على رأس البلاد وتأبى أن تتيح المجال كاملا أمام الجزرة؛ فثمة شروط متجددة دفعت بها أمريكا مؤخرا لتحقيق هدف مغادرة القائمة السوداء.
الآن وبعد أربعة أشهر على إطاحة نظام الإنقاذ وبدء إجراءات تشكيل الحكومة الانتقالية ظهرت مجددا الدعوات للمطالبة برفع اسم السودان من قائمة الإرهاب، وأعلن رئيس الوزراء السوداني عبد الله حمدوك بدء اتصالات مع الإدارة الأمريكية حول رفع اسم البلاد من قائمة الدول الراعية للإرهاب، وقال: بدأنا اتصالات مع الولايات المتحدة لرفع اسم السودان من قائمة الإرهاب.
وكانت الخارجية السودانية قد أكدت يوم الأربعاء الماضي في بيان لها أهمية استئناف الحوار الثنائي مع الولايات المتحدة. وفي السياق أكد المبعوث الأمريكي بوث دعم بلاده للحكومة المدنية القادمة بالخرطوم، مشيرا إلى أن الحوار سيستأنف قريبا بين البلدين، ومن جهته ﺃﻛﺪ ﺍﻟﺴﻔﻴﺮ ﺍﺳﻜﻮﺕ ﻏﺮﺍﻳﺸﻮﻥ ﺍﻟـﻤـﺒـﻌـﻮﺙ ﺍﻟـﺴـﺎﺑـﻖ ﻟﻺﺩﺍﺭﺓ ﺍﻷﻣﺮيﻛﻴﺔ ﻟﻠﺴﻮﺩﺍﻥ، ﺃﻥ ﺍﻟﻠﺤﻈﺔ ﺍﻟﺘﺎﺭﻳﺨﻴﺔ ﻗﺪ ﺗﺤﻘﻘﺖ ﻹﺯﺍﺣﺔ اﺳﻢ ﺍﻟﺴﻮﺩﺍﻥ ﻣﻦ ﻗﺎﺋﻤﺔ ﺍﻟﺪﻭﻝ ﺍﻟﺘﻲ ﺗتهمها ﺃﻣﺮيكا ﺑﺮﻋﺎﻳﺔ ﺍﻹﺭﻫـﺎﺏ ﺍﻟﺪﻭﻟﻲ، ﻭﺃﺷـﺎﺭ ﺇﻟﻰ ﻗﻨﺎﻋﺘﻪ ﺑﺄﻥ ﺍﻟﺴﻮﺩﺍﻥ ﻗﺪ ﺍﺳﺘﻮﻓﻰ ﺷﺮﻭﻁ ﺇﺯﺍﻟﺘﻪ ﻣﻦ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﻘﺎﺋﻤﺔ ﻭرأى ﻏﺮﺍﻳﺸﻮﻥ ﺃﻥ “ﺇﺩﺍﺭﺓ ﺩﻭﻧﺎﻟﺪ ﺗﺮﺍﻣﺐ ﺭﺑﻤﺎ ﻳﻜﻮﻥ ﻟﺪﻳﻬﺎ ﺗﻘﺎﺭﻳﺮ ﺃﻣﻨﻴﺔ ﻟﻢ أﻁﻠﻊ ﻋﻠﻴﻬﺎ”، ﻭﺃﺿﺎﻑ ﺑﺎﻟﻘﻮﻝ: “ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ ﺃﻧﻨﻲ ﺃﻋﺘﻘﺪ ﺃﻥ ﺍﻟﺴﻮﺩﺍﻥ ﻗﺪ ﺍﺳﺘﻮﻓﻰ ﺟﻤﻴﻊ ﺍﻟﻤﻌﺎﻳﻴﺮ ﻹﻟﻐﺎء ﻗﺮﺍﺭ ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ ﺍﻟﺮﺍﻋﻴﺔ ﻟﻺﺭﻫﺎﺏ، ﻓﺈﻧﻪ ﻗﺮﺍﺭ ﺣﻜﻮﻣﻲ”. ﻭﺃﻛﺪ ﻏﺮﺍﻳﺸﻮﻥ ﺃﻥ ﺍﻟﺤﻜﻮﻣﺔ ﺍﻟﺠﺪﻳﺪﺓ ﺇﺫﺍ ﻋﻤﻠﺖ ﻣـﻊ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﺍﻟــﺪﻭﻟــﻲ ﻟﻠﺤﺪ ﻣﻦ ﺍﻹﺭﻫـﺎﺏ ﻭﻟﻤﻨﻊ ﺍﻟﺴﻮﺩﺍﻥ ﻣﻦ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﻣـﺄﻭﻯ ﻭﺣﺎﺿﻨﺎً ﻟﻺﺭﻫﺎﺑﻴﻴﻦ ﻣﺮﺓ ﺃﺧﺮﻯ، ﻭﺳﻌﺖ ﻟﺘﻮﻓﻴﺮ ﺍﻷﻣــﻦ ﻟﻠﺴﻮﺩﺍﻧﻴﻴﻦ ﻭﺃﻣﻨﺖ ﻋﻠﻰ ﻭﺟﻮﺩ ﻧﻈﺎﻡ ﻗﻀﺎﺋﻲ ﺗﻌﻠﻮ ﻓﻴﻪ ﺳﻴﺎﺩﺓ ﺍﻟﻘﺎﻧﻮﻥ، ﻓﻼ ﻣﻨﺎﺹ ﻟﻠﻤﺠﺘﻤﻊ ﺍﻟﺪﻭﻟﻲ ﺇﻻ ﺃﻥ ﻳﺮﻓﻊ ﺍﺳـﻢ ﺍﻟـﺴـﻮﺩﺍﻥ ﻣﻦ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﻘﺎﺋﻤﺔ.
ويعني بقاء السودان في قائمة الدول الراعية للإرهاب استمرار القيود التي لم تنتهِ برفع العقوبات فقط، حيث لا تزال البلاد محرومة من تلقي المساعدات الأجنبية والاستفادة من مبادرة إعفاء الديون والتعامل مع مؤسسات المال الدولية كصندوق النقد والبنك الدوليين وتعيق مساعي البلاد للانضمام إلى منظمة التجارة العالمية، فضلا عن حرمان الشركات الكبرى والدول الغربية من التعامل مع الحكومة السودانية أو عقد أي صفقات نظرا لبقائه في تلك القائمة وأعلنت الولايات المتحدة الأمريكية رفع العقوبات الاقتصادية المفروضة على السودان، وعللت قرارها بتسجيل الخرطوم تحسناً في أوضاع حقوق الإنسان ووقف القتال في المنطقتين وتسهيل إدخال المساعدات إليها، فضلاً عن وقف العمليات العسكرية في مناطق النزاع، ومكافحة الإرهاب والحد من عملية الاتجار بالبشر، وتبذل الحكومة جهوداً مضنية من أجل الوصول إلى ذلك الهدف عبر تنفيذ الاشتراطات الأمريكية المفضية إلى إزالة اسم البلاد من قائمة الدول الراعية للإرهاب، لتكتمل بذلك الحلقة بعد أن تم رفع العقوبات الأحادية والحظر الاقتصادي الأمريكي الذي كلف البلاد كثيرا علقت إدارة ترامب الجولة التالية من المحادثات التي كانت مقررة في أبريل بعد تولي الجيش السلطة.
وفي السياق يرى مراقبون أن رفع التصنيف في الوقت الحالي مستبعد وأن القيود لا تزال قائمة ويقول مسؤول في الخارجية الأمريكية إن الولايات المتحدة لا تزال بحاجة لتسوية قضايا قائمة منذ وقت طويل مع السودان قبل أن تفكر في رفعه من قائمتها للدول الراعية للإرهاب. وقال ديفيد هيل وكيل وزارة الخارجية الأمريكية للشؤون السياسية عندما سئل عن هذه المسألة: “هناك عدد من الأشياء التي نتطلع لبحثها مع حكومة بقيادة مدنية” وأضاف: “هذه القضايا تشمل حقوق الإنسان والحريات الدينية وجهود مكافحة الإرهاب بالإضافة إلى تعزيز السلام الداخلي والاستقرار السياسي والانتعاش الاقتصادي في السودان”. وكانت الحكومة الأمريكية علقت النقاش بشأن تطبيع العلاقات مع السودان في أبريل بعد الإطاحة بالرئيس عمر البشير وقال هيل إن التعليق لا يزال ساريا وقال هيل إنه التقى مع عبد الفتاح البرهان رئيس المجلس العسكري الانتقالي وأعضاء من قوى إعلان الحرية والتغيير، الذي يمثل تحالف المعارضة وجماعات أخرى من المجتمع المدني وأضاف هيل “بحثنا أيضا أهمية إجراء تحقيق شامل مستقل في العنف الذي حصد حسب تقارير موثوقة العديد من الأرواح منذ الإطاحة بالنظام السابق”.
يمكنك ايضا قراءة الخبر في المصدر من جريدة اليوم التالي