السودان الان

المتحدث باسم تجمع المهنيين أمجد فريد لـ”اليوم التالي”: لن نسمح بأن ترفع المؤسسة العسكرية البندقية ضد أي مواطن سوداني

مصدر الخبر / صحيفة اليوم التالي

حوار – بهرام عبد المنعم
** في الصالة الملحقة باتحاد المصارف ينهي أمجد فريد الحديث عن قضايا المفقودين ويجلس في منصة (اليوم التالي).. بالنسبة لفريد فإن “السودان لم يكن دولة راعية للإرهاب بل الذي كان يرعى الإرهاب هو النظام السابق الذي اختطف السودان، واختطف الدولة واختطف الحكومة ورعى الإرهاب”.
ويوضح فريد، في مقابلته مع (اليوم التالي)، أن “ذلك النظام أسقطه الشعب السوداني وحيدا ومنفردا بمعركة باسلة لم تسقطه واشنطن أو غيرها، لذا فاستمرار معاقبة الشعب السوداني على جرائم النظام السابق الذي انتفض وثار ضده سيكون أمرا غير أخلاقي من واشنطن أو المجتمع الدولي”.
وأشار إلى أن هناك أمرا أساسيا يجب أن نفهمه، وهو أنه لا يمكن أن نسمح بعد ثورة ديسمبر المجيدة والانتصارات المشهودة، أن ترفع مؤسسات الدولة بما فيها المؤسسة العسكرية، بندقية ضد أي مواطن سوداني، هذا أمر مرفوض تماما، وإذا حصل فلا بد من الضغط بشعار (تسقط بس) على الحكومة. فإلى مضابط المقابلة كاملة.
– بالنسبة لأهمية ملف المفقودين وإمكانية مؤسسات الدولة في الوقت الراهن من حسم هذا الموضوع، وإيصاله إلى نهاياته؟
المسألة ليست إمكانيات، بل هو واجب أجهزة الدولة، ما جرى أن مبادرة “مفقود” ولجنة تجمع المهنيين، ونقابة الأطباء، ولجنة الأطباء المركزية، والتحالف الديمقراطي للمحامين بشأن قضية المفقودين، هذه كلها جهود أهلية، ولكن أعتقد أن من أولى وأعجل أولويات الحكومة، أن تخاطب هذا الملف بلجنة قانونية عدلية، دورها واضح وهو أن تجد المواطنين السودانيين الذين تم فقدهم بعد مجزرة 29 رمضان.
الدولة خادم اجتماعي وهذه مشكلة مجتمعية، يوجد مواطنون سودانيون مفقودون لا نعلم عنهم شيئا، أين الدولة؟ المفروض أن تلعب دورها بشكل مباشر ويصل ذراعها التنفيذي إلى نهاية واضحة بخصوص مصير هؤلاء المفقودين.
– ما هي أولى أولويات حكومة رئيس الوزراء عبد الله حمدوك، من وجهة نظرك؟
– طبعا هناك كثير من الأولويات التي ليست لها تراتبية، فحكومة حمدوك مواجهة بكثير من الملفات، ينبغي أن تركز في العمل فيها بالتوازي، من أكثر التحديات البارزة ملف السلام، وإنجاز عملية سلام حقيقية تختلف عن منهج نظام الرئيس المعزول عمر البشير، وهذه العملية لا يمكن أن تكون، إذا لم تخاطب جذور مشكلة الحرب في السودان، ولا يمكن أن نبحث عن دولة مدنية واستقرار في السودان بدون تحقيق سلام، والمدخل الوحيد لتحقيق السلام في السودان هو العدالة، لا مدنية ديمقراطية بلا سلام، ولا سلام بدون عدالة، عدالة في معناها الأوسع، اجتماعية في توزيع الموارد، والخدمات في السودان، والعمل على كسر سجن منهج الاستغلال القديم في السودان.
واحدة من مشاكل السودان، أن هناك فئات اجتماعية معينة تحتكر السلطة والثروة والخدمات منذ ما قبل استقلال السودان، هذه الفئات النخبوية يجب أن تفهم بشكل واضح أن من الأفيد لها والأجدى للشعب السوداني واستقرار وسلام السودان، أن تكون هناك عدالة في إنهاء حالة التمييز والمساواة الأفقية بين المناطق والأقاليم في السودان وعدم المساواة الرأسية بين الفئات الاجتماعية المختلفة، والمدخل لهذا دعم الخدمات الاجتماعية.
الجدير بالذكر أن رئيس الوزراء، عبد الله حمدوك، كان لديه تصريح جيد، حول مجانية التعليم والعلاج في أولى أولوياته وهذا أيضا مدخل جيد، هناك تحدٍ آخر يواجه حكومة حمدوك، وهو كلفة رفع المعاناة كاهل المواطن، هناك انهيار كامل للاقتصاد في السودان، وهذا لديه أسبابه المتعلقة بالفساد وسوء الإدارة ومنهج النظام السابق الذي كان ينظر للدولة كأداة للربح، ولملء الجيوب الشخصية.
لذلك تقليل كلفة الحياة في السودان، وإعادة تعريف مفهوم الدولة كخادم اجتماعي للمواطنين، يجب أن تكون من الأولويات الأساسية لحكومة حمدوك في شهورها الأولى.
– رئيس الوزراء عبد الله حمدوك تحدث عن حاجة حكومة الفترة الانتقالية إلى مبلغ 8 مليارات كيف كيف تنظر إلى تلك المسألة؟
هذا السؤال يوجه إلى حكومة حمدوك، انتهى عهد السياسيين الذين ينظرون في كل شيء، من المفترض أن تنتهي تلك المسألة، رأينا منهج السياسي “السوبر مان” الذي يتحدث في كل شيء، وكيف أوصلنا إلى نهايات سيئة.
لكن أعتقد من وجهة نظري الشخصية، أن السياسة الاقتصادية لحكومة حمدوك مبنية على الأهداف التي ذكرها، ومهمتنا مراقبة تنفيذها بشكل واضح، وأتمنى ألا نقع فريسة مرة أخرى لصراعات المحاور، ونتلقى الدعم مقابل مواقف سياسية.
مشكلة السودان ليست مشكلة فقر، بقدر ما هى مشكلة استغلال وسوء إدارة وفساد، أتمنى أن يكون منهج الحكومة، الاعتماد على الذات، وإيجاد رؤى وطنية لإدارة الأمر دون الانعزال عن العالم، نحن في الآخر لا نستطيع اعتزال بقية العالم.
– رغم تخصيص الأشهر الستة الأولى للسلام، إلا أن الحركات المسلحة، والجبهة الثورية خاصة، لديها منظور مغاير، كيف يتم تحقيق السلام في ظل هذا التباين؟
هناك أمر أساسي يجب أن نفهمه وهو أنه لا يمكن أن نسمح بعد ثورة ديسمبر المجيدة والانتصارات المشهودة، أن ترفع مؤسسات الدولة بما فيها المؤسسة العسكرية، بندقية ضد أي مواطن سوداني، هذا أمر مرفوض تماما، وإذا حصل فلا بد من الضغط بشعار (تسقط بس) على الحكومة.
حركات الكفاح المسلح ليست مجرد حركات مسلحة تخوض حربا عبثية، إنما هي حركات سياسية سودانية لديها مطالبها السياسية المشروعة، لكن النظام السابق واجهها بمنهج الإقصاء والعنف والتمييز على أساس دينهم ومناطقهم وإثنياتهم، لذلك لم تجد خيارا أمامها إلا رفع السلاح.
أعتقد أن التأسيس النظري لحكومة ما بعد الثورة كان يقوم على أن هناك صفحة جديدة من تاريخ السودان فتحت مبنية على المساواة أمام القانون وحق السودانيين كلهم في التأثير على العملية السياسية بشكل متساوٍ.
فترة الستة أشهر الأولى قد لا تكفي وقد يكون للجبهة الثورية والحركات المسلحة أخرى آراء يجب نقاشها معهم ووضعها في الاعتبار والسماح بوجود منهج ديمقراطي يتم خلاله وضع اعتبار لكل هذه الأطروحات السياسية ومناقشتها وإيجاد الحل الأفضل لكل السودانيين للوصول لما يتوافقون عليه.
– الجبهة الثورية ترى أن الحكومة الحالية حكومة محاصصات، ما هو تعليقك؟
الجبهة الثورية طرحت ترتيبات لعملية السلام تم تضمين أغلبها في الفصل رقم 15 من الوثيقة الدستورية، الجبهة الثورية ترى أن هناك نقاطا أساسية لم يتم تضمينها، وهذا من حقها، وأمامنا فترة الستة أشهر لمناقشة ذلك.
أعتقد أن هناك نقاط تحول إيجابية وصولا إلى الحل الذي يجمع كل السودانيين وإخراج البندقية من العملية السياسية إلى الأبد، وهذا لن يتم إلا عبر عملية سلام حقيقية تعالج جذور المشاكل التي أدت إلى الحروب.
– ما هو الدور المنوط بتجمع المهنيين السودانيين ما بعد تكوين الحكومة الانتقالية؟
تجمع المهنيين السودانيين مواجه بمشاكل كبيرة جدا، ومهام كبيرة أبرزها استعادة البناء الديمقراطي للنقابات السودانية والتركيبة الديمقراطية، وهيكلة النقابات بطريقة فئوية على مدى 30 سنة من حكم الإنقاذ.
حاول حزب المؤتمر الوطني بأذرعه المختلفة تشويه الحركة النقابية السودانية بفرض قوانين نقابة المنشأة وتكسير شكل النقابات الفئوية في السودان، تجمع المهنيين لديه لجنة عمل نقابي تدرس حاليا في التجارب النقابية المختلفة لوضع قانون بديل للنقابات، وتحاول الإعداد لورش ومؤتمرات مختلفة لكيفية استعادة البناء النقابي.
هناك مهمة أخرى لتجمع المهنيين وهي مهمة الواجب الوطني لمراقبة الديمقراطية والعمل على تعزيزها والعمل على الدفع فيها ومراقبة أداء الحكومة والدفاع عن حقوق منتسبي النقابات، كل هذه المهام ملقاة على عاتق تجمع المهنيين السودانيين بالإضافة إلى مهام البدء في مستقبل تكوين هذه النقابات في شكلها الديمقراطي، هل ستختار أن يكون لها اتحاد مهني عبر تجمع المهنيين، أو أن تكون عبر اتحاد العمال الأوسع وغيرها.
– وماذا عن الاتحادات والنقابات الحالية؟
الاتحادات الحالية عبارة عن أذرع للسلطة، استخدمتها الإنقاذ على مدى 30 سنة كأذرع سلطوية تقمع بها المهنيين والعمال ولا تمثل قضاياهم ولا ترفع راية الدفاع عنهم، ودونك اتحاد الصحفيين السودانيين، عندما ننظر إلى المستقبل لن ننظر إلى أدوات الماضي، الاتحادات الحالية جزء من النظام القديم، وينبغي أن تذهب إلى مزبلة التاريخ.
– هناك تخوف من تغلغل فساد النظام القديم في مؤسسات الدولة؟
هنا نحن نتحدث عن منهج التمكين ومنهج الإحالة للصالح العام، والتي كسَّرت الخدمة المدنية السودانية، إحدى كبرى المهام المواجهة بها حكومة حمدوك، هي إعادة إصلاح الخدمة المدنية السودانية، وهذا لن يحدث بجرة قلم، أو بمنهج الصالح العام القديم والفصل والتشريد العشوائي، لكن أظن أن على حكومة حمدوك، استعادة منهج العدالة في الخدمة المدنية، بحيث تكون هناك فئات موحدة لتولي مناصب في الخدمة العامة، هذه المراجعة موكلة للذراع التنفيذي.
نحن لا نتحدث عن تفكيك الدولة العميقة برفت 100 شخص، على سبيل المثال في وزارة الصحة خلال 6 أشهر من انقلاب 1989 فصلت الإنقاذ 55 مدير إدارة طبية من 60 كانوا يديرون النظام الصحي في السودان، وهذا من الأسباب التي أدَّت مباشرة إلى انهيار الخدمات الصحية في السودان.
حاليا يجب أن تتم مراجعة مؤهلات من يتولون مناصب الخدمة العامة، هل هم الأكثر تأهيلا فعلا، أم أنهم أتوا لأنهم من أصحاب الولاء للنظام السابق فقط؟ يجب أن تكون هذه العملية مستمرة بشكل واضح وعادل وشفاف، بالإضافة إلى أن الكثير ممن هم في هذه المناصب لديهم جرائم فساد، وعندما نتحدث عن المسار القانوني للإصلاح وتحقيق العدالة، فهو المسار إلى إصلاح الخدمة المدنية.
– هل أنت مقتنع بمحاكمة الرئيس المعزول عمر البشر بجرائم فساد مالي، خاصة وأن هناك جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية؟
النظام السابق ارتكب الكثير من الجرائم ليس الفساد المالي فقط، وأعجبني عندما أكد القاضي خلال محاكمة البشير، أنه مطلوب على ذمة قضايا وجرائم أخرى، لا أريد التعليق على قضايا لا زالت قيد المحكمة، ولكن من الضروري التأكيد على أن تحقيق العدالة مطلب شعبي ومطلب سياسي.
حزب المؤتمر الوطني وقادته ارتكبوا الكثير من الجرائم في حق المواطن السوداني، أنا أدعو كل مواطن سوداني ذا مظلمة من النظام السابق إلى فتح بلاغات مباشرة ضدهم.
– في ظل الحكومة الانتقالية، هل يمكن أن يخرج السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب؟
السودان لم يكن دولة راعية للإرهاب بل الذي كان يرعى الإرهاب هو النظام السابق الذي اختطف السودان، واختطف الدولة واختطف الحكومة ورعى الإرهاب، ذلك النظام أسقطه الشعب السوداني وحيدا ومنفردا بمعركة باسلة لم تسقطه واشنطن أو غيرها، لذا فاستمرار معاقبة الشعب السوداني على جرائم النظام السابق الذي انتفض وثار ضده سيكون أمرا غير أخلاقي من واشنطن أو المجتمع الدولي.
الشعب السوداني كتب بمداد من نور صفحة جديدة من تاريخه ولا ينبغي تحميله وزر النظام السابق.
ورفعت إدارة ترامب، في 6 أكتوبر 2017، عقوبات اقتصادية وحظرا تجاريا كان مفروضا على السودان منذ 1997.
لكن واشنطن لم ترفع اسم السودان من قائمة “الدول الراعية للإرهاب”، المدرج عليها منذ عام 1993، لاستضافته الزعيم الراحل لتنظيم القاعدة، أسامة بن لادن.
وفي 21 أغسطس الماضي، أدى رئيس الوزراء السوداني، عبد الله حمدوك، اليمين الدستورية رئيسا للحكومة، خلال المرحلة الانتقالية التي تستمر 39 شهرا، وتنتهي بإجراء انتخابات.
ويأمل السودانيون أن ينهي الاتفاق بشأن المرحلة الانتقالية، الموقع في أغسطس الماضي، اضطرابات متواصلة في البلد منذ أن عزلت قيادة الجيش، البشير.

يمكنك ايضا قراءة الخبر في المصدر من جريدة اليوم التالي

عن مصدر الخبر

صحيفة اليوم التالي