القاهرة: صباح موسى
أنهت الجبهة الثورية الجزء الأول من اجتماعاتها بمنتجع العين السخنة شرق القاهرة أمس (الأربعاء)، والخاص بالترتيبات الداخلية للجبهة، وأكملت البناء الداخلي لها تحت مظلة واحدة، وتم الاتفاق على مسارات التفاوض ومناقشة النظام الأساسي ودستور الجبهة، كما أسكنت أماناتها الشاغرة بعد اختيار إدريس الهادي رئيسا لها وجبريل إبراهيم أمينا عاما ومالك عقار نائبا في الاجتماعات التي عقدت في جوبا مؤخرا.
أفكار إيجابية
ودخلت الجبهة الثورية في اجتماعات تشاورية مع الجانب المصري حول كيفية الاستعداد لمفاوضات السلام المزمع عقدها في الرابع عشر من أكتوبر المقبل، وتلقت الجبهة الثورية بعض الأفكار التي تساهم في عملية السلام، وصفها قادة الجبهة بالأفكار الإيجابية والبناءة، وتعلقت هذه الأفكار في مجملها بضرورة تحقيق السلام الشامل في السودان بضم وتوحيد كل الأطراف الحاملة للسلاح لتأمين الاستقرار بشكل كامل في البلاد للانتقال من الحرب إلى السلام، وكذلك توحيد الموقف التفاوضي، ومؤتمرات حول عودة اللاجئين والنازحين، وبناء وتنمية ما دمرته الحرب، وأبان المجتمعون في العين السخنة أن القاهرة كانت تعرض أفكارها لمجرد المساهمة والمساعدة في تحقيق السلام بالبلاد، مؤكدين أن مصر لا يهمها أين يتحقق السلام بقدر ما يهمها كيفية تحقيقه والتنسيق مع كافة الأطراف الإقليمية والدولية لنجاح العملية السلمية، كما أكدوا على أن أمن واستقرار السودان خط أحمر بالنسبة لمصر لأنه يحقق أمنها واستقرارها، كما أنه أمن قومي عربي أيضا، ورحب المجتمعون بالأفكار المصرية ووعدوا بمناقشتها حتى تأخذ طابعا تنظيميا والرد بشكل رسمي عليها بعد أن جرت المناقشات مع الجانب المصري حولها.
تباينات المقر
وعن اختيار مكان التفاوض القادم بين الجبهة الثورية وباقي الحركات المسلحة مع الحكومة الانتقالية، هناك تباين في الرؤى حول مقر المفاوضات، فهناك من يطلب جوبا مقرا للتفاوض وعلى رأسهم عبد العزيز الحلو والجنوبيون أنفسهم، وكشفت مصادر من داخل الاجتماعات لـ(اليوم التالي) أن أمريكا تريد السودان مقرا للتفاوض، وأن هناك رغبة واسعة بعقدها في العاصمة الإماراتية أبو ظبي وعلى رأس هذا الاتجاة مني أركو مناوي، وكشفت المصادر أن القاهرة وأنجمينا ليست لديهما الرغبة في أن يكون التفاوض على أراضيهم. وأكد محمد شرف القيادي بحركة العدل والمساواة أن الجبهة غير منشغلة بمكان التفاوض. وقال شرف لـ(اليوم التالي) إن ما يشغلنا الآن الوحدة الداخلية للجبهة الثورية، وتوحيد كل الحركات تحت مظلتها، إضافة إلى وحدة الموقف التفاوضي، مضيفا أن كل ذلك هو الذي سيعمم الاستقرار، وسوف يعجل بالوصول إلى اتفاق سلام بالتشاور مع كل الأطراف في الجوار الإقليمي والمحيط العربي المؤثر في السودان، مؤكدا أن قضية السلام شائكة وعندها تعقيداتها وأبعادها، وقال: نحن حريصون على إشراك كل الأطراف فيها، مشيرا إلى الدول التي بذلت مجهودا في السلام السوداني ومنها ألمانيا وفرنسا وأمريكا ودول الاتحاد الأوروبي والترويكا، مضيفا أن الألمان استضافوا حوالي 4 جولات لمفاوضات السلام من قبل، وكذلك فرنسا شاركت عبر منظمات مجتمع مدني، مضيفا أنه على رأس كل هذه الدول مصر والتي تحرص كل الحرص على تحقيق السلام في السودان، مرحبا بالدور المصري في هذا الصدد، وقال إن مصر من أكثر الجهات التي تعلم جيدا تعقيدات عملية السلام في السودان.
بيان ختامي
وقررت الجبهة الثورية إرسال وفد عالي المستوى للخرطوم، واستمرار عضويتها في نداء السودان وقوى الحرية والتغيير مع إجراء إصلاحات جذرية عليهما، إضافة إلى مناقشة الجوانب الفنية لمنبر السلام والشراكة الإقليمية والدولية في صناعة السلام وتنفيذه في السودان، وقدمت الثورية الشكر لمصر على استضافتهما لاجتماعها بالعين السخنة هذه الأيام، وذلك للبحث عن السلام العادل والشامل والعاجل في السودان، كما ثمنت الثورية مشاركة وفد من جنوب السودان في الاجتماعات، وأشاد الاجتماع بالإجراءات التي قامت بها الحكومة الانتقالية بإطلاق سراح المزيد من أسرى الحرب وإلغاء القرارات الجائرة للنظام السابق بحق قادة الجبهة الثورية، وأكد الاستعداد للعمل المشترك مع السلطة الانتقالية لتنفيذ كافة إجراءات بناء الثقة الواردة في الوثيقة الدستورية وكل ما نص عليه إعلان جوبا بما في ذلك تفعيل كافة المسارات التي نص عليها، مؤكدة سعيها لشراكة في صنع وبناء السلام للوحدة وبناء نظام جديد وأن تكون هذه الحروب آخر حرب في تاريخ البلاد.
الجهاز التنفيذي
واختارت الثورية مني أركو مناوي نائبا لرئيس الجبهة، وياسر سعيد عرمان نائبا للأمين العام، وتم اختيار سبعة عشر من أمناء السكرتاريات المختلفة، كما تم اختيار أسامة سعيد ناطقا رسميا، لتكمل بذلك اعتماد الجهاز التنفيذي لها بالكامل، واختار المجلس القيادي التوم هجو رئيسا للمجلس التشريعي للجبهة، ومرشح تجمع قوى التحرير نائبا لرئيس المجلس التشريعي، على أن يكمل الجهاز التشريعي عضويته ويعقد اجتماعه في أقرب وقت ممكن، وقد تقرر تمثيل النساء بأربعين في المائة من عضوية الجهاز التشريعي.
تطوير وبناء
وقالت الجبهة الثورية في بيان لها أمس (الأربعاء) إنه بعد نقاش مستفيض وتقييم وافي لتجربتي نداء السودان والحرية والتغيير وآخذين في الاعتبار الأوضاع الحرجة والانتقالية التي تمر بها بلادنا وحاجتها الماسة لأكبر قدر من الإجماع الوطني وتوحيد إرادة السودانيين نحو بناء بلد جديد فإن الثورية قد قررت الاستمرار في تطوير نداء السودان وقوى الحرية والتغيير بحيث تعكس هذه التحالفات المصالح الوطنية وتوحد السودانيين لاجتياز الفترة الانتقالية في شراكة منتجة مع كل قوى التغيير وأطراف الحكم الانتقالي، مدركين للمناخ الجديد الذي صنعته الثورة والهدف الاستراتيجي للجبهة الثورية في الانتقال من الحرب إلى السلام والمساهمة الفاعلة في بناء النظام الجديد وتحول الجبهة الثورية إلى كتلة قادرة على المنافسة الانتخابية وتأتي برضا الناس، وقررت الجبهة الثورية إرسال وفد عالي المستوي للخرطوم لتعزيز الثقة، وإعطاء أكبر قدر من المشاركة الجماهيرية والتفاعل مع الجماهير في عملية صنع السلام الذي يخاطب مصالحها الفعلية.
الجوانب الفنية
وقامت قيادة الجبهة الثورية بإكمال مناقشة الجوانب الفنية للمنبر الذي يستضيف مفاوضات السلام وكيفية مشاركة الشركاء الإقليميين والدوليين ومساهمتهم في قضايا السلام المختلفة، وإمكانية القيام ببعض الأنشطة المتعلقة بالعملية السلمية في أكثر من عاصمة، بجانب إجراءات الحصول على تفويض جديد من الاتحاد الأفريقي ومباركة من المجتمع الدولي لمنبر السلام والعملية السلمية بكاملها، وتقدمت عدد من التنظيمات بطلبات للانضمام لصفوف الجبهة الثورية، وقد ناقش المجلس القيادي هذه الطلبات ورحب بها من حيث المبدأ، وتكونت لجنة لمناقشتها وفق الإجراءات التي نص عليها دستور الجبهة الثورية، وسيتم الرد كتابة على كل طلب من هذه الطلبات، كما سيتم قبول المستوفين منهم لشروط الانضمام، ودعت الجبهة الثورية تنظيمات المجتمعين المدني والسياسي للانخراط في صفوف الجبهة الثورية وتكوين كتلة جماهيرية وتأريخية لبناء وطن جديد، كما دعت الجبهة الثورية بنات وأبناء الشعب السوداني، وخاصة المتضررين من الحروب في مناطق النزوح واللجوء لدعم العملية السلمية والتي يجب أن تكون ملكا للجماهير وتستجيب لمعاناتهم وتطلعاتهم، وفي ذلك فإن الجبهة الثورية ستسعى لإيجاد المنابر المهمة للتفاعل مع المتضررين من الحروب والمستفيدين من بناء نظام جديد، وأكدت أن السلام هو المدخل الحقيقي لتحسين شروط الحياة المعيشية وإصلاح الاقتصاد وتعافي النسيج الوطني السوداني وإعادة هيكلة القطاع الأمني وإصلاح العلاقات الخارجية، ولذا فإن دعم شعبنا لهذه العملية أمر لا غنى عنه.
تقييم التجربة
ومن المتوقع أن تستكمل الجبهة الثورية اجتماعاتها الخاصة بتحالف نداء السودان غدا (الجمعة)، وسوف يناقش هذا الاجتماع تقييم تجربة نداء السودان في الفترة السابقة بتقييم النجاحات والإخفاقات والنظام الأساسي وكيفية التطور لمواكبة مرحلة ما بعد التغيير، إضافة إلى إدخال إصلاحات جذرية في قضية تحالف قوى الحرية والتغيير بغرض تطويرها، وكذلك إعادة إنتاج نداء السودان لنفسه وفق الوقائع الجديدة بعد أن أصبح شريكا في الحكم بعد أن كان تنظيما معارضا، ومن معارض لشريك للحكم ومن داع للسلام إلى صانع للسلام، وسوف يناقش اجتماع نداء السودان أيضا استقالة الإمام الصادق المهدي من رئاسة التحالف وإمكانية انتخاب رئيس جديد لنداء السودان رجحت مصادر لـ(اليوم التالي) أن يكون من الجبهة الثورية هذه المرة. في الوقت نفسه انخرطت الثورية في ورش تأهيلية بالسخنة تتعلق بموضوع التفاوض، وحضر الاجتماعات وفد من الجبهة الثورية بزعامة عبد العزيز الحلو.
يمكنك ايضا قراءة الخبر في المصدر من جريدة اليوم التالي