لم تكن احتفالات ذكرى ثورة (21) أكتوبر كالمرات السابقة، فقد حبست الخرطوم وعدد كبير من الولايات أنفاسها في سابقة تعد الأولى من نوعها.. فالاحتفالات التي دعت إليها اللجنة الميدانية لقوى الحرية والتغيير، لإحياء ذكرى 21 أكتوبر المجيدة، شهدت خروج الآلاف في مسيرات عفوية تدعم الحكومة الانتقالية، واستكمال متطلبات الثورة، وحل حزب المؤتمر الوطني، وسلّم المتظاهرون رئيس مجلس السيادة الانتقالي، الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان، بالقصر الجمهوري مذكرةً بتلك المطالب.
تقرير: جاد الرب عبيد
استعدادات وازدحام
ومنذ الصباح الباكر أغلقت القوات المسلحة والقوات النظامية الأخرى الدعم السريع وجهاز المخابرات والشرطة، أغلقت جميع الطرق المؤدية إلى محيط القيادة العامة، بما فيها الجمهورية والجامعة والطابية وشارع النيل، وكان قد استبقت القوات المسلحة المواكب بتحذيرات من التواجد ومرور المسيرات من أمام المقار العسكرية بالخرطوم والولايات، حفاظاً على قومية ونهج القوات المسلحة في الحياد، وناشدت الجهات والتنظيمات السياسية والمجتمعية أن تلتزم بالمطلوبات اللازمة لإقامة وتسيير المواكب والمسيرات والالتزام بالمسارات والمواقيت بغية تأمين وحماية تلك التجمعات، وشهدت الخرطوم يوم أمس ازدحاماً مرورياً خانقاً جراء غلق الطرقات الرئيسية، حيث اضطر الكثيرون إلى الوصول لمواقع العمل راجلاً .
مخاوف الانقلاب
وتأتي استعدادات القوات وإغلاق الطرق المؤدية إلى قيادة الجيش، على خلفية الدعوات التي اطلقتها جهات انتقدتها قوى الحرية والتغيير ورأت أنها مناهضة للثورة، ونسبتها لـ(إسلاميين وقيادات بالنظام السابق)، سيما وأنها تطالب بتوجه المواكب إلى محيط القيادة العامة، لتصحيح مسار الحكومة الانتقالية، والرفض القاطع لدعوات العلمانية وفصل الدين عن الدولة، إلا أن تلك المسيرات لم تجد القبول من المتظاهرين، بيد أن المواكب انحصر توجهها إلى القصر الجمهوري وساحة الحرية والميادين بالأحياء، في وقت يرى آخرون أن استعدادات الجيش وإغلاق الطرقات لم يكن خوفا من المسيرات والمواكب، إنما كانت هناك مخاوف وتوقعات بتخطيط جهات لانقلاب تحت غطاء ذكرى 21 أكتوبر.
احتفالات بالميادين
واحتفلت مواكب ذكرى 21 أكتوبر، بالنقاط الرئيسية التي حددها تجمع المهنيين السودانيين، وهي ساحة الحرية ـ الساحة الخضراء سابقاً ـ وسوق الشعبية كنقطة نهائية لمواكب مدينة بحري، إلى جانب ميادين المولد، والأهلية وميدان مربع 1 بالصالحة لثوار أم درمان، علاوة على ميدان دار السلام أو المولد بالحاج يوسف وشرق النيل، وخاطب الاحتفالات الحاشدة عدد من قيادات الحرية والتغيير .
مذكرة للبرهان
هذا وتسلّم رئيس مجلس السيادة الانتقالي، الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان، مذكرةً قدمها عددٌ من الشباب في القصر الجمهوري، وقال البرهان في رسالة مكتوبة، رداً على المذكرة، (إن المطالب التي قُدِّمت مشروعة، ويجب على الجميع العمل عليها)، وأضاف البرهان في رده بحسب المتحدث الرسمي لمجلس السيادة، محمد الفكي سليمان: تابعتُ بتقدير كبير مسيرتكم، التي أكدت روحكم الوطنية الحقّة وحرصكم التام على الممارسة السليمة والسلمية، وشكر البرهان مقدمي المذكرة على تقديمهم نموذجاً راقياً.
توجيهات النائب العام
في وقت أصدر النائب العام تاج السر علي الحبر، توجيهات تقضي بحماية المواكب واحترام حق التعبير في حدود القانون، مشدداً على وكيل النيابة الأعلى بمعية عدد من وكلاء النيابة أن يكونوا مصاحبين للشرطة بدائرة الاختصاص فضلاً عن حماية مسارات المواكب وضمان عدم إطلاق الغاز أو استخدام العصي أو الرصاص .
وتعليقاً على الاحتفالات قال عضو المجلس السيادي محمد حسن التعايشي، أكتوبر الأخضر باسمك الأرض تغني، وأضاف ثورة أكتوبر إنجاز عظيم حققه شعبنا في سبيل السلام والحرية لم يستطع الساسة حينها من تحقيق أهم شعاراتها وهو تحقيق السلام ومخاطبة جذور الأزمة الوطنية، تزامن التوقيع اليوم مع ذكرى أكتوبر هو إحياء للذاكرة وانتصاراتها واختباراً لثورة ديسمبر، مؤكداً أن القضايا الكبيرة تحتاج إلى قرارات كبيرة وإرادة صلبة
وبهذه الاحتفالات تكون الفترة الانتقالية قد عبرت بيوم استثنائي، بعد المخاوف التي اعترت الكثيرين من أن يحدث عنف واشتباكات بين اليمين واليسار، وأفلحت القوات المسلحة والنظامية الأخرى بالعبور باحتفالات أكتوبر إلى بر الأمان.
يمكنك ايضا قراءة الخبر في المصدر من جريدة آخر لحظة