طال انتظار الشارع حتى أُعلِنت الحكومة الانتقالية. الشارع المتعطش للتغيير كان ينتظر قرارات ثورية تمس بشكل مباشر النظام البائد كحال معظم الثورات في العالم تلك التي تعقبها قرارات كبيرة تعبر بشكل واضح عن إرادة التغيير وتروي عطش الشارع الذي لا يزال يدفع ثمن التغيير دمًا.
تقريبًا هناك شعور عام أن الثورة لا زالت رخوة وأن المشهد العام يسير باتجاه تحاشي أي احتكاك مع النظام البائد، وأن…. وأن.
والواقع أن هذا الشعور بدأ يتمدد يومًا بعد يوم بل أن البعض يكاد يجزم أن تسويةً ما حدثَتْ وما عزز هذا الشعور وقائع وأحداث وتصريحات تعبّر عن شعور النظام البائد بالأمان بل كأن ثورة لم تنفجر ضدهم ذلك نتاج تصريحات تكاد تكون مطمئنة من قبل المكونين العسكري والمدني.
يبدو أن اللجنة الأمنية لنظام البشير والتي أصبحت بعد 11 أبريل المجلس العسكري ومن ثم باتت المكون العسكري في مجلس السيادة. هذه اللجنة التي لا يتنمي أحد من أعضائها إلى التنظيم الإسلامي يبدو واضحًا أنها قصدت التعامل بلطف مع النظام البائد، ليس لطفًا منها بقدر ماهو تحاشي لأي مواجهات قد تقود إلى تطورات كبيرة، وهي تعلم أنها ليست بالقوة التي تجعلها تواجه النظام التذي كانت هي جزء منه، عطفًا على غياب المعلومات.
وهذا لا يحتاج إلى دليل، على سبيل المثال اتخذ المجلس العسكري قرارات بتجميد حسابات بعض المؤسسات التابعة للنظام البائد ذات الصبغة العسكرية والأيدلوجية، لكن سرعان ما تراجع عن قراراته.
أما المكون المدني ستواجهه عقبة الوصول إلى المعلومات مع ضغط الشارع الذي يريد أن يتلمس إرادة تغيير جادة.
قبل أيام شكا عضو المجلس السيادي، محمد الفكي من عدم تعاون المكون العسكري فيما يتعلق بالمعلومات. المكون العسكري نفسه غير ملم بالمعلومات على النحو الذي يجعله متفوقا على المكون المدني في مسألة المعلومات.
هناك مسؤول عسكري كبير اضطر للاستعانة بأحد شباب الإسلاميين الذي انخرطوا ضد النظام منذ سنوات طويلة، تفاجأ هذا الشاب بأن المسؤول الذي تقع على عاتقه ولاية كاملة خالي الذهن تمامًا.
عقبة المعلومات ستظل قائمة والتوهان ربما يكون سيد المشهد وهذا طبيعي في المرحلة الأولى، لكن غير الطبيعي أن تستمر في تصدير الطمأنينة للنظام البائد الذي قامت هذه الثورة ضده وضد سياساته..حتى الآن رموز النظام قابعين في المعتقلات دون تقديمهم إلى محاكمات، بل دون تحريك بلاغات تكاد تكون شبه جاهزة، وهذا الأمر لا يحتاج إلى معلومات ولا كثير عناء.
هذه ثورة دُفِع فيها ثمن غالٍ، الوقوف في منتصف الطريق هو انتحار، إما التقدم بصرامة وحسم لإنجاز مطلوبات الثورة أو النكسة الكبرى.
التيار
اقرا الخبر ايضا من المصدر من هنا عبر صحيفة الراكوبة نيوز