الخرطوم – بخيتة زايد
قبل الوصول إلى باحة المحكمة التي كانت عربات الشرطة تضرب طوقاً أمنياً حولها، وإجراءات الدخول تسير على قدم وساق حتى امتلأت القاعة الكبرى إيذاناً بقرب موعد انعقاد الجلسة الـ(13) في محاكمة منسوبي جهاز الأمن والمخابرات العامة المتهمين في قضية الشهيد أحمد الخير، بيد أن هذه الجلسة تحديداً كانت لها أهمية كبيرة في تحقيق مبدأ العدالة وسيادة حكم القانون، وبُعد خاص في نفوس ذوي الشهيد ومن حضروا الجلسة، لظهور مولانا تاج السر الحبر النائب العام ممثلاً للحق العام أمام المحكمة الخاصة، إذ إنها المرة الأول التي يظهر فيها النائب العام أمام المحاكم بعد الثورة، حيث إنها تعتبر خطوة مهمة في سبيل تمكين حكم وسيادة القانون على الجميع، وظهور النائب في تمثيل الادعاء العام حق أصيل كفله له القانون في المحاكم الخاصة.
ظهر مولانا تاج السر الحبر النائب العام ممثلاً للادعاء في الحق العام عند تسجيل الحضور من هيئة الاتهام أمام المحكمة الخاصة بمحاكمة (38) متهماً من منسوبي جهاز الأمن والمخابرات العامة يواجهون تهماً تتعلق بالاشتراك في الاحتجاز غير المشروع والتعذيب حتى الموت في معتقلات الأمن بمدينة خشم القربة في ولاية كسلا، في الجلسة الثالثة عشرة المنعقدة أمس (الأربعاء), بمجمع محاكم أم درمان وسط لسماع شهود الدفاع عن المتهمين في القضية.
حيث استمعت المحكمة إلى وكيل النيابة المشرف على طابور الشخصية، وكشف عن ضبط سكاكين بحيازة متهمين اثنين بررا حملها لحماية نفسيهما من الثوار، وتعرف الشهود على (26) متهماً. ووصف العقيد شرطة عابدين محمد أحمد عابدين، مدير دائرة الكلاب الشرطية، الغرفة الموجود داخلها الشهود بأنها معتمة ومظللة تماماً لا يرى الشخص داخلها ما بالخارج، ولا الشخص بالخارج يرى من بداخلها، لافتاً إلى أنهم قاموا بأخذ موبايلات الشهود منذ بداية العمل في الطابور، مشيراً إلى طرد أحد أفراد الأمن لمحاولته التعدي على أحد الشهود. وذكر الملازم أول شرطة محيي الدين عثمان، التابع لشعبة المباحث بشرطة الخرطوم وسط، أن الموبايلات تم استلامها بواسطة وكيل النيابة أكرم التابع للشؤون القانونية لجهاز الأمن والمخابرات، مشيراً إلى عقد (18) طابور شخصية، أربعة منها في الفناء والبقية داخل المكاتب بدائرة الكلاب الشرطية.
وقال قاضي الاستئناف الصادق عبد الرحمن الذي ينظر في إجراءات المحاكمة، “لا داعي للترحيب بالنائب العام، لأن لديه حقاً أصيلاً في الظهور بالمحاكم الخاصة، مشيراً إلى أن الجلسة محددة لمواصلة سماع شهود الدفاع.
وبدأت الجلسة بسماع مولانا محمد إبراهيم أحمد البشير، وكيل نيابة، عند مثوله كشاهد دفاع ثالث، وقال إنه كان مشرفاً على طابور الشخصية، وتعرف من خلاله الشهود على المتهمين، وذلك بدار الكلاب الشرطية بمنطقة بري بالخرطوم، وأضاف أن مهمته انحصرت في اختيار مكان الطابور وتحديد الجهة التي يجلس فيها المتهمون، وكان يرافقه مولانا أبوبكر المتحري في البلاغ في وجود عناصر من قوات الشرطة.
وأشار إلى أن الشاهد الأول أمجد بابكر تعرف على المتهمين الأول والثاني من خلال “18” طابور شخصية للمتهمين، ولم يبدر منه أي سلوك سلبي، وأكد البشير أنه كان يصرّ على مراعاة معايير الطابور بالذات من ناحية صفّ الطابور بالطول وتغيير الملابس للمشاركين في الطابور، مشيراً إلى أن الشاهد الأول على وجه الخصوص عُرض عليه (8) أشخاص في الطابور، منهم اثنان من المتهمين، وأعاد ترتيب الطابور بإضافة ثلاثة من المتهمين، وكان في كل مرة يقوم بالتعرف على المتهمين، لافتاً إلى تعدي الشاهد الثاني على أحد المتهمين أثناء التعرف على المتهم الرابع في الطابور رقم (3).
ولفت إلى أنه نبه الشهود بعدم التعدي على المتهمين وإلا سوف يقوم بتدوين بلاغات في مواجهتهم بقسم شرطة بري، مشيراً إلى حدوث مشكلة أخرى في الطابور رقم (3)، وأن سببها اكتشاف أن فردين من جهاز الأمن والمخابرات كانا يحملان “سكاكين”، بحجة حماية أنفسهم من الثوار، وتم تسليم السكاكين لنقيب شرطة، وأمر بتفتيش كل المتهمين قبل الحضور إلى طابور الشخصية، نافياً مشاهدته لأي شاهد كان يحمل هاتفاً أثناء الطابور.
وكشف الشاهد للمحكمة عن أن طابور الشخصية انعقد في ثلاثة أماكن؛ الأول فناء دائرة الكلاب الشرطية، والثاني مكتب بالطابق الثاني، والثالث مكتب العقيد مسؤول الدائرة، مؤكداً أن شاهد الاتهام الثالث في الطابور رقم (13/17) أرشد على متهمين، ووصل عدد المتهمين المرشد عليهم خلال (18) طابوراً تعرف إلى (26) متهماً.
واستأذن النائب العام بالخروج من الجلسة بعد سماع الشاهد الثالث، وواصلت المحكمة سماعها لشهود الدفاع، واستمعت الشاهد الرابع العقيد شرطة عابدين محمد أحمد عابدين، مدير دائرة الكلاب الشرطية، وقال إنه وبتوجيه من مدير الإدارة العامة للأدلة الجنائية بخصوص إجراء طابور شخصية للمتهمين بناءً على توجيه من النيابة، وتم تكليفه بالإشراف على الطابور، وتأمين المكان والخصوصية المطلوبة، لتعلق الأمر بجهات نظامية، وكان في فناء الدائرة وأحيل للمكاتب بسبب حرارة الجو، وأن المتهمين يتم إحضارهم من داخل عربة حافلة مظللة كلياً تسع لـ(25) راكباً، تحت تأمين الشرطة العسكرية، وكانوا يطلبون فرداً فرداً من بوابة ويعيدونهم من بوابة أخرى تفتح في الطريق الرئيسي للمبنى، وكان عدد القوات بالكلاب الشرطية (60) فرداً كانوا في معزل خلف المبنى، وبعضهم شارك في طابور الشخصية بالزي الملكي، مضيفاً أن القوات التابعة للكلاب الشرطية توجه كالعادة بارتداء الزي الملاكي وإحضار ملابس إضافية، مراعاة للظروف الصحية لتعاملهم مع الكلاب.
وأشار إلى أنه عين مساعد شرطة لحراسة مكتبه، في وقت كان فيه شهود الاتهام الأربعة في مكتب واحد، وكانوا يؤخذون فرداً فرداً للتعرف على المتهمين.
ووصف العقيد عابدين خلال مناقشته الغرفة الموجود داخلها المتهمون بأنها كانت مظللة تماماً لا يرى الشخص داخلها ما بالخارج ولا الشخص بالخارج يرى من بداخلها، لافتا إلى أنهم قاموا بأخذ موبايلات الشهود منذ بداية العمل في الطابور، وقال عابدين إنهم طردوا أحد أفراد الأمن بسبب محاولته التعدي على أحد الشهود، وقال إن الاستمارات الخاصة بالطابور من صميم عمل النيابة، وأكد أن اختيار المكان للطابور كان للخصوصية على مستوى التأمين واختياره شخصياً تم للخبرة في المجال.
وفي السياق، أفاد الملازم أول شرطة محيي الدين عثمان التابع لشعبة المباحث بشرطة الخرطوم وسط، شاهد الدفاع الخامس، بأن مولانا أبوبكر عثمان وكيل النيابة طلب منه حضور طابور الشخصية المُعد للمتهمين في قضية المعلم “أحمد الخير” لأهميته، وأشار إلى أن التحري كان بطرف نيابة الخرطوم وسط، وأثناء الطابور ذكر أحد أفراد الجهاز أن هنالك هاتفاً داخل غرفة الشهود، وأن التلفونات تم استلامها بواسطة وكيل النيابة أكرم التابع للشؤون القانونية بجهاز الأمن والمخابرات.
وواصل الشاهد في تفصيل عدد الطوابير التي تمت في فناء المكاتب، وقال إن (14) طابوراً تمت في مكاتب العقيد بالدائرة، و(4) طوابير تمت في فناء دائرة الكلاب الشرطية.
وبمناقشة الشاهد الخامس حول ما أدلى به من إفادات، قررت المحكمة رفع الجلسة، وحددت جلسة الأسبوع المقبل لمواصلة سماع شهود دفاع المتهمين في القضية.
يمكنك ايضا قراءة الخبر في المصدر من جريدة اليوم التالي