الخرطوم- بهرام عبد المنعم
وقعت الحكومة السودانية والجبهة الثورية، السبت، في جوبا اتفاقاً إطارياً لمسار دارفور لبدء التفاوض المباشر بما يمهد الطريق إلى سلام شامل ينهي الحرب ويمهد لعودة النازحين واللاجئين إلى مناطقهم وقراهم.
ووقع عن الحكومة السودانية عضو المجلس السيادي شمس الدين كباشي، بينما وقع عن حركة تحرير السودان، محمد بشير عبد الله، والعدل والمساواة، أحمد محمد تقد لسان، تجمع قوى تحرير السودان، مبارك بخيت إبراهيم، وحركة تحرير السودان-المجلس الانتقالي، نمر محمد عبد الرحمن.
وقال كباشي في تصريح أعقب مراسم التوقيع إن “هناك عزماً وفهماً مشتركاً قاد للتوصل إلى توقيع الاتفاق”.
وجدد التأكيد على أن السلام يمثل أولوية لأطراف التفاوض ومؤسسات الحكم الانتقالية والثورة.
وأكد أن الأيام المقبلة ستشهد التوقيع على مزيد من الاتفاقيات مع الفصائل التي تفاوضها الحكومة السودانية.
واتفقت الأطراف على مناقشة القضايا القومية الكلية، كالهوية والحريات العامة وحقوق الإنسان، وقضية استغلال الدين في مؤسسات الدولة، وصناعة الدستور ونظام الحكم، وإعادة هيكلة الخدمة المدنية والأجهزة النظامية، واستقلال القضاء والمؤسسات العدلية، وتقسيم الثروة، والمشاركة في السلطة الانتقالية.
ونص الاتفاق على إيقاف الحرب في كل أنحاء البلاد وتحقيق السلام العادل الشامل والدائم كأولوية قصوى لتحقيق المشروع الوطني النهضوي الشامل.
كما تضمن مخاطبة جذور الأزمة في السودان ومعالجتها بصورة ترفع المظالم التاريخية وترد الحقوق وتحقق العدالة والسلام والاستقرار في البلاد.
وأكد كذلك على مشاركة النازحين واللاجئين والمجتمع المدني والإدارة الأهلية في إحلال السلام والعقد الاجتماعي مع السماح للمنظمات الإنسانية والوطنية والإقليمية والدولية بالعودة إلى ولايات دارفور لتقديم المساعدات الإنسانية للنازحين واللاجئين، وإلغاء أي إجراءات إدارية تعرقل عملها.
ونص الاتفاق أيضاً على معالجة آثار الحرب وجبر ضرر المتضررين بتعويضهم فردياً وجماعياً تعويضاً عادلاً ومجزياً.
وتحدث عن إعادة هيكلة الدولة السودانية بإصلاح أجهزتها خلال الفترة الانتقالية بصورة تعكس استقلاليتها وقوميتها وضمان عدالة توزيع الفرص فيها، دون المساس بشروط الأهلية والكفاءة.
وأشار الاتفاق إلى إقرار مبدأ العدالة والمحاسبة، وعدم الإفلات من العقاب، وإفساح المجال للقضاء السوداني للقيام بدوره وتسليم المطلوبين للعدالة الدولية.
كما تضمن إطلاق سراح الأسرى والمسجونين والمحكومين بسبب الحرب في دارفور، والسعي الجاد لمعرفة مصير المفقودين وإصدار العفو العام عن كل عضوية حركات الكفاح المسلح، والاتفاق على ترتيبات أمنية فاعلة تضمن اتفاق السلام وحقوق قوات الحركات الموقعة على الاتفاق لضمان عدم الانتكاس إلى حالة الحرب مرة أخرى.
واعتبر رئيس وفد التفاوض عن حركة العدل والمساواة، أحمد تقد لسان، التوقيع على الاتفاق الإطاري خطوة جديدة تؤسس إلى تحقيق سلام شامل وتمكن الأطراف من مناقشة القضايا محل التفاوض.
وأوضح أن الاتفاق بإمكانه مناقشة التفاصيل المختلفة من أجل الوصول إلى سلام يخاطب جذور الأزمة، وعدَّها خطوة لإيقاف الحرب في مناطق النزاع للإسهام في التحول الديمقراطي السليم.
من جانبه، قال يوسف الضي، ممثل الوفد الحكومي، إن ثورة ديسمبر الماضي منحت فرصة عظيمة من أجل تحقيق السلام، وشدَّد على أن خطوة توقيع الاتفاق الإطاري جاءت كنتيجة لتفاهم الأطراف وجدية القادة في مسار دارفور.
ونوَّه إلى أن الاتفاق يهيئ فرصة للتنمية والخروج من كل ما يعوق تقدم الدولة السودانية، والدخول في حالة حوار وشراكة للتأسيس لسلام شامل وعادل.
من جانبه، قال رئيس وفد الوساطة، توت قلواك، إن توقيع إعلان المبادئ يمهد الطريق للدخول في تفاوض مباشر، وأكد أن السلام سيكون قريباً لتنتهي معاناة السودانيين في مناطق النزاع واللجوء.
وتستضيف العاصمة جوبا، منذ أغسطس الماضي، المفاوضات التي تجريها الحكومة الانتقالية مع الحركات المسلحة، لإنهاء الصراع المسلح الدائر في عدة أقاليم داخل السودان.
في الأثناء أعلن رئيس حركة جيش تحرير السودان، عبد الواحد محمد نور، التي تقاتل في دارفور منذ العام 2003، السبت، عن مبادرة لنقل مفاوضات جوبا إلى العاصمة الخرطوم.
ويشهد إقليم دارفور، منذ 2003، نزاعًا مسلحًا بين القوات الحكومية وحركات متمردة، أودى بحياة حوالي 300 ألف شخص، وشرد نحو 2.5 مليون آخرين، وفق الأمم المتحدة.
وذكر نور، وفق ما أوردت وكالة أنباء السودان الرسمية، أن المبادرة ترتكز على مخاطبة جذور الأزمة التاريخية منذ استقلال البلاد في 1956.
وأوضح أن المبادرة ستطرح أزمة السودان في حزمة واحدة، عبر مؤتمر جامع لكل أبناء السودان لإنهاء أسباب الحرب.
وشدَّد على ضرورة طرح قضايا الاقتصاد والتعليم والصحة والهوية والثقافة، وأزمة التنمية والتنوع الثقافي.
ونوَّه أن المبادرة تقترح تشكيل حكومة مستقلين برئاسة رئيس الوزراء الحالي، عبد الله حمدوك بكامل الصلاحيات، ومشروع لإدارة الدولة دون محاصصات بإشراك النساء والشباب، وكافة المكونات العرقية والجغرافية والجهوية والثقافية والعسكرية والسياسية.
وظل عبد الواحد نور (المقيم في باريس) يقاتل القوات الحكومية في دارفور منذ عام 2003، رافضًا كل الدعوات لإجراء مفاوضات مباشرة أو غير مباشرة مع الخرطوم.
وعقد رئيس الوزراء، عبد الله حمدوك، اجتماعاً مع نور، في مقر وزارة الخارجية الفرنسية، يوم 29 سبتمبر الماضي.
لكن نور رفض آنذاك الاشتراك في مساعي الحل السياسي، وشدَّد على عدم اعترافه بالحكومة الانتقالية، ووصف لقائه مع حمدوك بـغير الرسمي.
وقسمت الوساطة في دولة جنوب السودان، بنود التفاوض إلى خمسة مسارات، أربعة منها تقع تحت مظلة الجبهة الثورية، ومسار واحد يتبع للحركة الشعبية شمال بقيادة عبد العزيز الحلو.
وشملت مسارات الجبهة الثورية، مسار دارفور وتتفاوض حوله حركة تحرير السودان مني أركو مناوي، وحركة العدل والمساواة جبريل إبراهيم وحركات أخرى تقاتل في دارفور.
ومسار الشرق وتتفاوض حوله الجبهة الشعبية المتحدة، بقيادة الأمين داؤود ومؤتمر البجا المعارض، بقيادة أسامة سعيد.
أما مسار الشمال فيتفاوض حوله كيان الشمال بقيادة محمد سيد أحمد الجاكومي رئيس الكيان، وحركة كوش بقيادة محمد داؤود.
ومسار وسط السودان ويتفاوض حوله المتحدث باسم الجبهة الثورية التوم هجو.
ومن أبرز المطبات التي تواجه المفاوضات، الخلافات على علمانية الدولة السودانية، حيث تطالب الحركة الشعبية شمال، بقيادة عبد العزيز الحلو، بحكم علماني صرف لكل السودان.
وشدَّد الأمين العام للحركة الشعبية/ شمال عمار آمون دلدوم، على أهمية تطبيق العلمانية في كل السودان، وعدم السماح بإعادة قوانين الشريعة، وقال، “إن العلمانية موقف مبدئي لن نتنازل عنه”.
إزاء ذلك قال إبراهيم الشيخ رئيس وفد قوى الحرية والتغيير بالمفاوضات إن كلمة علمانية ربما يتم ابتذالها من البعض وتوظيفها بأنها ضد الإسلام والمسلمين.
وقال، “نحن مع دولة المواطنة والحريات المتساوية، وعدم التمييز على أساس الجنس أو النوع، وأوضح لأنه ستجري تفاهمات مع الحركة الشعبية شمال من أجل الوصول للدولة المدنية ودولة الحقوق.
وملف إحلال السلام أحد أبرز الملفات على طاولة حكومة حمدوك خلال مرحلة انتقالية، بدأت في 21 أغسطس الماضي، وتستمر 39 شهراً تنتهي بإجراء انتخابات، ويتقاسم خلالها السلطة كل من الجيش وتحالف قوى إعلان الحرية والتغيير.
يمكنك ايضا قراءة الخبر في المصدر من جريدة اليوم التالي