تحقيق / إخلاص الهادي
معاناة الريف لا يستشعرها إلا من سبقت له التجربة في العيش بالريف البعيد من المدن والخدمات العلاجية ونحن هنا بصدد الحديث عن منطقة الجنوب الغربي للنيل الابيض تحديداً الراوات التي يسكنها قرابة 97 ألف نسمة من جملة الـ2مليون و600 نسمة تعداد سكان محلية السلام، حيث يضم تكوينها الجغرافي أكثر من 73 قرية و36ريف، ونظراً للوضع السائد في المنطقة خاصة في الخريف تظل المعاناة سيدة الموقف، حيث تتقطع السبل بالمرضى في انتظار عربة الإسعاف الوحيدة التي تبرعت بها وزارة الصحة الاتحادية ضمن برنامج خفض وفيات الأمهات، ولكن فجأة اختفى الإسعاف الذي جاء للمنطقة كفاتحة خير وأمل معقود عليه لحل مشكله أرقت مضاجع المواطنين حينا من الزمن ، وتم تسليمهم إسعاف للمنطقة وفق برنامج خفض وفيات الأمهات بحضور والي النيل الابيض …. ليستمر بعدها فصلا آخراً من معاناة أخرى مابين الإهمال والتسيب والتسلط فأين إختفى الإسعاف؟؟
* رحلة البحث عن الإسعاف
ظل أهالي منطقة الراوات يتساءلون عن الإسعاف إلى أين ذهب وكيف وفي أي منطقة وجميع السبل أصبحت لا تجدي نفعاً خاصة بعد أن تنادى أهالي المنطقة وكأنما يبحثون عن إبرة في كومة قش وينشدون بعضاً من الأمل المعلق على مساحة تواجد الإسعاف المختفي لأكثر من شهرين …..
عباس محمد عقيد من أعيان المنطقة قال استلمنا الإسعاف من برنامج خفض وفيات الأمهات بعد أن طالبنا به ووافنا به السيد الوالي وتم تسليمنا فعلياً له موجهاً لوحدة الراوات الإدارية وهناك تفاصيل لا تبدو واضحة خاصة أن السواق الذي يعمل بالإسعاف يتعامل مباشرة مع المدير العام للصحة الأسبق ولا يتحرك إلا بإذن فقط دون مراعاة لحالات المرضى، وأضاف عباس قبل شهرين اكتشفنا عدم وجود الإسعاف وتساءلنا منه لنعلم انه في محلية ربك وبعدها سمعنا انه تحرك للدويم ونحن في أمس الحاجة له وما زلنا نبحث عن مكانه بالضبط في ولاية النيل الابيض وحاولنا الاتصال بالسواق لأكثر من مرة لا يرد على هاتفه ولا يجيب عن تساؤلاتنا والسواق هو المسئول عن اختفاء الإسعاف لأنه يحركه بمزاجه لأية جهة يريدها ولا يكترث إلى أن هناك أولويات ومسار عمل يجب أن يمر به قبل أن يغادر الإسعاف المنطقة ..
* غياب تام للوحدة الإدارية
إن الغياب التام والكبير الذي تظل تعكف فيه محلية السلام والوحدة الادارية لمنطقة الراوات أشاع بين أهالي المنطقة عدم المصداقية خاصة أن إسعاف الراوات قد جاء بعد معاناة سنين مع الأمطار والخريف ، وفقد الكثير من الأرواح، واعتبر المواطنون أن الإسعاف الذي سلمه الوالي للمنطقة بمثابة الخير لهم وحلا لمشكلة أرقت مضاجع الكثير من السكان فلا تدخل ولا حراك من قبل محلية السلام والوحدة الادارية الراوات لتعرف عن أسباب اختفاء الإسعاف و أين هو متواجد الآن …
* احتجاجات الأطفال
وفي إطار البحث عن إسعاف المنطقة خرج أطفال الراوات محتجين على فقدهم لأهم ما يريدونه في الوقت الخالي إسعاف واحد يحل معاناة كثير من الأسر وما كان منهم إلا وأن وقفوا احتجاجاً ويتساؤلون ويطالبون بعودة الإسعاف ويرفعون صوتهم عالياً كمطلب شعبي للوالي كاشا للنظر في موضوع الإسعاف وإعادته للمنطقة.
* «73» قرية في الإنتظار
يقول الفاضل مواطن من الراوات…… نحن مواطني الراوات ناشدنا الجهات المسئولة ونناشد ايضاً والي النيل الابيض باننا مقبلين على فصل خريف وتفصلنا مسافات عن الشارع الرئيسي والمدن الكبرى ولدينا حالات اسهالات مائية وأوضاع صحية مختلفة وجميعنا في الراواوت 73 قرية و36 ريف و97 ألف نسمة ينظرون إلى الإسعاف ويطالبون به ويتأملون خيراً في عودته لأهله خاصة واننا فقدنا امرأة وطفلها لعدم التدخل السريع للطبيب.
* إعتراف
محمد عوض الله ضابط الترحيلات بوزارة الصحة بالولاية علمنا منه بان الإسعاف تحرك بتوجيه من مدير عام الصحة الدكتور بابكر المقبول مع بداية ظهور حالات الإسهالات المائية بالولاية تحسباً للطوارىء بجمع كافة الإسعافات المنتشرة في الولاية وأن الإسعاف حالياً موجود في منطقة أبوشبيكة بمحلية الدويم ، وقال ضابط الترحيلات إن المدير التنفيذي على علم بان الإسعاف التابع للراوات سيكون ضمن الإسعافات في الطوارىء وأكد أن إسعاف الراوات سيؤول إلى منطقته حال إنتهاء موجة الإسهالات مع الإشادة والشكر لوحدة الراوات الإدارية.
* مدير عام الصحة يوضح
الدكتور بابكر المقبول مدير عام الصحة بالولاية الوزير المكلف قال إن الإسعاف تم سحبه تحسباً للطوارىء بالولاية نسبة لعدم الحاجة له في المنطقة وأفاد أن الوزارة لها الحق في تحريك الإسعاف من منطقة لأخرى حسب ما تراه الوزارة في حاجة المناطق بالولاية وفيما يختص الحديث بان الإسعاف سيؤول لمحلية السلام أكد المدير العام أن السلام ليست لها إسعاف محدد وإنما الإسعاف خاص بوزارة الصحة ويتم توزيعها على المناطق.
* أخيراً ….رسالة ونداء
ما بين التأكيد الحكومي بان الإسعاف ليس مفقود وبين الواقع الماثل بغيابه وسط الحديث بوجوده في طوارىء الولاية تشير الدلالات إلى أن الإختلاف في طريقة استخدامه قاد إلى تفاقم المشكلة ايضاً يستشف من القضية أن عمل الادارات متضارب كما أن الحديث عن إعطاء السلطة الكاملة في شأن الإسعاف للسواق يعتبر تخبطاً إذا ما صح هذا الأمر.
يمكنك ايضا قراءة الخبر في المصدر من صجيفة الوطن