السودان الان

البرهان .. حول لقاء (بنيامين) وأحوال (السودانيين)

مصدر الخبر / صحيفة آخر لحظة

بدا رئيس مجلس السيادة الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان هادئاً بصورة تدعو للريبة، وواثقاً من نفسه لدى لقائه بنا رؤساء التحرير ومدراء مكاتب القنوات الأجنبية وبعض كتاب الأعمدة .. ربما لمعرفته المسبقة لأي سؤال قد يطرح عليه حتى وإن كان ملغوماً، إذ أنه على يقين بما كان يدور بمخيلتنا جميعاً دون استثناء، وبالفعل سأله كل الحضور الذين تجاوز عددهم العشرين بقليل عن لقائه برئيس الوزراء الإسرائيلي بمدينة عنتبي اليوغندية، وقد كان هذا هدف اللقاء الذي تطرق كذلك لقضايا لا تقل أهمية على رأسها الأوضاع الاقتصادية.

الخرطوم : أسامة عبد الماجد

ماقبل اللقاء ومباركة حمدوك

كشف البرهان عن أن الاتصالات والمشاورات مع الجانب الإسرائيلي بدأت قبل أكثر من شهرين من الآن، وهي سودانية خالصة، رغم أن المبادرة كانت من الولايات المتحدة، وأشار إلى أنه لم يبلغ أحداً طيلة هذه الفترة عدا رئيس الوزراء د. عبد الله حمدوك الذي أخطره باللقاء المرتقب، قبل يومين من مغادرته لكن دون أن ينقل إليه كل التفاصيل أو مكان اللقاء، وأضاف: حمدوك بارك الخطوة وقال لي ( أمضي قُدماً) – نطقها بالانجليزية .Go a head
وبرر البرهان وضع الخطوة موضع السرية لعدم التشويش، واستدل بأن ثماني دول وجهات وأشخاص عرضوا قبل زمن الوساطة بين السودان وإسرائيل، وأنه عمد لعدم دخول أطراف، ونفى أن يكون أي وزير من الحكومة الانتقالية شهد اللقاء أو كان طرفاً فيه، ولا حتى رئيس جهاز المخابرات الأسبق صلاح عبد الله (قوش)، وذلك في رده على أحد الأسئلة، حيث قال (ماعندنا علاقة بصلاح قوش) وأن الأمر تم على نطاق ضيق

سر التقارب مع إسرائيل

أكد البرهان أن السودان كان يغرد خارج السرب طيلة السنوات المنصرمة، وقطع علاقاته مع دول كثيرة، وقطع بعدم التغريد مرة أخرى، وتساءل ماذنب السودانيين يحرموا من الانتقال ومن التحويلات والتجارة العالمية.
وأكد أن التقارب مع إسرائيل لا يمس السيادة الوطنية ولا الأمن القومي في شيء، والهدف من ذلك أن لا نكون خارج المنظومة العالمية، ونكون متعايشين مع كل العالم دون تمييز، وأن لا نقف لوحدنا في محطة ما، وقال تضرر السودان كثيراً ولم يقف معنا أحد وتم ضرب مواقع بالسودان ولم نسمع صوت إدانه، وأُحتلت حلايب ولم يدن أحداً ماجرى، وبالتالي لن نتحمل تبعات أحد مرة اخرى.
ولفت الانتباه إلى أن معاداة إسرائيل تجعل السودان تابعاً لمن يقودون هذا الخط، وشدد على أن الخطوة ليست خصماً على فلسطين التي من حقها أن تكون دولة ذات سيادة، مؤكداً ثبات موقف السودان من القضية الفلسطينية، وأُعلن عنه مؤخراً في الجامعة العربية، وأوضح أنه لم يتصل بالقيادة الفلسطينية ولم يبادروا للاتصال به عقب لقائه بنيامين، كما جدد تأكيداته بعدم إيواء السودان لحركة حماس أو أي مجموعات فلسطينية أخرى.

مع نتنياهو .. قصة (4) ساعات

كشف البرهان عن اجتماع مغلق ضمه ورئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، منفردين استمر لساعتين تم من خلاله وضع الخطوط العريضة، ووصف اللقاء بالتفاكري والذي يمكن أن يؤسس للمستقبل، ثم انعقد لقاء آخر استمر لأكثر من ساعتين، ويبدو أنه كان لقاءً شهدته أطرافاً أخرى – لم يفصح عنها- وتجاوز البرهان التعليق على سؤال إن كانت السفيرة السودانية نجوى قدح الدم مستشارة الرئيس اليوغندي من رتبت للقاء.
ووصف البرهان اللقاء بالشفاف، ونوقشت فيه كثير من القضايا، وكانت مصلحة السودان أولاً، من أجل ترميم العلاقات ونستفيد، وكان صريحاً عندما قال كان الحديث (أنت تديني وأديك)، وبرر ذلك بالقول: (مافي زول بديك بنزين مجان ولا رغيف مجان)، ولو قعدنا في الزمن القديم ما بجيب لينا بنزين ورغيف، ولن نعود لأعوام (48 و67 و73) – (وكان يقصد سنوات الحرب والتصعيد مع إسرائيل) وتوقع البرهان أن يعود التفاهم على السودان بفوائد، مضيفاً (نتائج اللقاء سترونها قريباً).
وتحاشى البرهان الحديث عن كل تفاصيل اللقاء أو الذين حضروه، وإن كان قد أشار إلى وجود الرئيس اليوغندي، ثم تحدث رئيس مجلس السيادة بصراحة متناهية: (الشعارات القديمة مكتفانا).

تل أبيب.. مستقبل العلاقة وماذا تريد ؟

قال البرهان لنا الحق في أن ننفتح على العالم، وقطع بأن التقارب مع إسرائيل أن لم يكن في مصلحتنا فلن نمضي فيه وسنوقفه، وأضاف أن أي ترتيب مستقبلي سيكون بيد الجهاز التنفيذي، وأشار إلى تشكيل لجنة لدراسة الأمر وتقييمه وهي المنوط بها تقييم المرحلة المقبلة وتحديد المزايا والعيوب، وهي التي تحدد هل نمضي أم نقف و(كفاية أخطاء الماضي).
وحول فتح المجال الجوي أمام حركة الطيران إلى إسرائيل كشف عن السماح لأي طيران باستغلال المجال الجوي السوداني منذ زمن عدا الطيران الإسرائيلي (العال) وقال جددوا الطلب مرة أخرى ووافقنا لكل الطائرات عدا الخطوط الإسرائيلية. وعدا ذلك أشار البرهان إلى أن إسرائيل لم تطلب منهم شيئاً وبالمقابل لم يتقدم السودان بأي طلب، نافياً أن يكون طلب من نتنياهو التوسط لدى واشنطن لشطب اسم السودان من لائحة الإرهاب.

الحُرية والتغيير .. نعم لإسرائيل

تناول البرهان موقف الحُرية والتغيير من لقائه بنتنياهو، وقال (ليس لديهم أي اعتراض على الخطوة)، فقط تحفظوا على عدم مشاورتهم، لكنه عاد وقال إن أحد أحزاب التغيير وهو حزب أيدولوجي كان له رأي مخالف لكن القوى الشبابية ليس لديها مانع في التقارب مع إسرائيل وكشف عن جلوسه مع الريح السنهوري (البعث) ومع صديق يوسف (الحزب الشيوعي)، وقال إن أحد رؤساء الأحزاب الكبيرة أعلن تأييده، لكن الرأي النهائي للمؤسسة الحزبية، وقلل البرهان من الأصوات المعارضة للتواصل مع إسرائيل حتى لو انطلقت من داخل المساجد – وهي جماعات الضغط – التي كانت تؤثر على الإنقاذ، وقال (نحن همنا مصلحة البلد).
وفيما يلي العلاقة مع مجلس الوزراء أكد انسجام مجلسي السيادة والوزراء وتفاهمهما حول كل الملفات بما فيها لقاء نتنياهو واستدل بالبيان الذي جاء على لسانه أمس الأول وقال: البيان صاغته لجنة مشتركة من السيادة والوزراء) وأضاف (نحن حريصون أن لا يكون بيننا أي خلافات) لكنه اقر بأن بعض الآراء الشخصية في مجلس الوزراء أعلنت موقفاً آخر، وقلنا لهم لكم حرية الرأي ويمكن أن يعبر أي شخص في صفحته الشخصية – وكان يقصد الفيس بوك – وتأكيداً لحديث البرهان، فقد عبر وزير الإعلام فيصل محمد صالح، عن موقفه الشخصي بصفحته على (الفيس بوك).
ونوَّه البرهان إلى أن ما جرى ليس بتطبيع ولكن بداية تفاهمات بدليل عدم التطرق لصفقة القرن، لكن لم يخف أن ما جرى استفاد منه نتنياهو سياسياً داخل إسرائيل.

الأوضاع الاقتصادية .. البرهان (خجلان)

تحدث البرهان بأسى عن الأوضاع الاقتصادية، وقال السودان في محك والذين ضحوا من أجل التغيير كانوا يريدون أن يروا سوداناً مختلفاً، والآن تواجهنا عقبات وشح في معظم الحاجات الضرورية، وشح في السيولة والنقد الأجنبي، وأشار إلى أن تلك القضايا ذات صلة بالأمن القومي بكافة مُسمياته وهذه القضايا مدعاة بأن يتأثر الأمن القومي نشعر بأزمة المواصلات، وعندما نرى الناس تقف في المحطات (بنخجل)، وبدا منزعجاً من بطء يلازم أداء الحكومة من خلال تقديم القوات المسلحة لخدماتها عبر مطاحن سين والمملوكة بنسبة 65% إلى بنك أم درمان الوطني التابع للمؤسسة العسكرية، وقال لدينا مخبز جاهز في القوات المسلحة وآخر في جياد، يمكن الاستفادة منهما من خلال طحن الدقيق المستخلص، لكن لم يبدِ أحد أي اهتمام – في إشارة للحكومة – وأكد أنه بالإمكان طحن كل الدقيق وحل المشكل.
وبذات مقترح الحل الخاص بالدقيق، قال البرهان إن القوات المسلحة تملك أسطول نقل ممتاز يمكن أن يسهم في حل أزمة المواصلات، وسخر من رؤية البعض في مساعدة القوات المسلحة في حل المشاكل الاقتصادية فيها (تلميع للعساكر) وقال: (مافي عسكري طمعان في سُلطة ونحن جئنا لنحافظ على أمن وسلامة البلاد).
وانتقد البرهان أحزاباً لم يُسمها وقال إنها تغلب مصلحتها الحزبية على المصلحة القومية، والبعض يشعل النيران لكي لا يمضي قطار الوطن إلى الأمام. وأضاف : (هناك من يريد أن يبني ذاته والمواطن صبر كثيراً ونخشى أن الناس ما تستمر في الصبر دا).

رسالة في بريد لجنة إزالة التمكين

بدأ البرهان حديثه في اللقاء مبدياً أسفه على الصحف التي طالها قرار لجنة إزالة التمكين بالتوقيف وهي (السوداني) و(الرأي العام) وقال: (لا أحد يريد أن يكمم أفواه أحد ونعتذر للذين تضرروا ويجب أن لا يأخذوا الناس بالشبهات).
ولاحقاً في سياق حديثه قال إن الصحافة هي السُلطة الحقيقية وهي رأس الرمح ولديها مهمة وطنية كبيرة خاصة وأن السودان في مرحلة الاندماج مع المجتمع الدولي ويستحق نظرة إيجابية. وتعهد البرهان في تعليقه على استفسارات مدير تحرير الغراء السوداني (الموقوفة) عطاف محمد مختار في اللقاء، ومستشار التحرير بالغراء (اليوم التالي) محمد عبد القادر تعهد بالتحدث إلى لجنة إزالة التمكين، وأشار إلى أنه توقع أن تكون اللجنة قامت بخطوات إيجابية والمح إلى إمكانية عودة تلك الصحف عندما قال (لا نريد أخذ الناس بالشبهات أما تقديم المستندات أو توضيح الموقف).
فيما شبه موقف قناة الشروق الموقوفة بالقريب من مطاحن سين التي عادت إلى بنك أم درمان الوطني، وقال الشروق فيها نسبة استحواز دون مستندات.
وكرر البرهان مدحه للصحافة السودانية والأدوار التي ظلت تقوم بها.

يمكنك ايضا قراءة الخبر في المصدر من جريدة آخر لحظة

عن مصدر الخبر

صحيفة آخر لحظة