كتابات

عبد الجليل سليمان يكتب: محاولة اغتيال حمدوك الفاشلة، وكل شيء فاشل !

مصدر الخبر / الراكوبة نيوز

لم ينته التحقيق بعد في المحاولة الفاشلة لاغتيال رئيس الوزراء، ولا يوجد خبراء جنائيين في البلاد، يُمكننا الاعتماد عليهم للوصول إلى مؤشرات يُمكننا من خلالها الوصول إلى فرضيِّة منطقية قد تثبتها التحقيقات أو تنفيها، لذلك فإن التزام الصمت في هذه الحالة أفضل.
من يسمون بالخبراء في السودان، يتقنون الهرج والمرج والصراخ والزعيق والنعيق من نظراءهم العرب، فلا يقدمون رأياً أكاديمياً علميِّاً موضوعيِّاً، وإنما يهرعون لرأي سياسي عادي يُمكن سماعه في أتفه المقاهي في زقاقات السوق العربي.
حتى الآن، لم أر خبيراً سودانياً في علم الجنايات، يقدِّم إفادة رفيعة المستوى إلى القنوات الفضائية أو الصحف – يحلل فيها المحاولة الفاشلة، من حيثُ الجغرافيا التي نفذت فيها والتوقيت، واختيار السيارة، ونوع المتفجرات التي استخدمت، ولم أر نتائج لفحص عينيات من تربة المكان موضع الحادثة الإجراميِّة، ولم أشهد تحليلاً لبعض أجزاء السيارة (المُنفجرة) أو المواد المُتفجرة التي استخدمت، من أي نوع هي؟ وما هي الجهات المُخول لها استخدامها؟ وهل يُمكن الحصول عليها بسهولة، أم لا؟
بطبيعة الحال، لستُ هنا لأطالب فاقد الشيء أن يعطيني إياه، ولكنني بغرض التنبيه إلى أن قصة الخبراء هذه محض أكذوبة كبرى، فلا يوجد في هذه البلد خبراء، ليس لأنهم بالفعل غير موجودين، بل لأنهم تحولوا إلى سياسيين واعتزلوا وظائفهم الأساسية وتخصصاتهم الرئيسة وغرقوا في السياسة وأغرقونا بها.
وأتذكر إن قناة بي بي سي عربي، استضافت محللاً بدرجة لواء، ليتحدث عن محاولة اغتيال حمدوك، فكان يشير بين الفينة والأخرى إلى ما يسميه (قحط) يريد (قحت)، وهذا استخدام سياسي واضح يجعلك تتعرف بسرعة إلى أن اللواء ينتمي إلى جماعة الإخوان المسلمين البائدة، إلى أن وجه اتهاماً بطريقة جازمة إلى قوى إعلان الحرية والتغيير بأنها من حاولت اغتيال عبد الله حمدوك،!! حتى أن المذيعة صرخت في وجهه زاجرة ومقرعة. قال لواء قال!
والحال هذه، فإنني لا أتوقع أن يصل التحقيق إلى نتيجة. فلم نسمع أن وصل تحقيقاً في بلادنا إلى نتائج، لأننا لا نزال فرط عيشنا المتصل والمستمر في كبسولات ديكتاتورية ومستبدة وأنظمة شمولية، وأحزاب سياسية تستمد شرعيتها من عقائد قومية، أممية، دينية، فإنّ التربية التسويفية الإنكارية ستكون ديدناً طاغياً على سلوكنا الاجتماعي والسياسي إلى وقت طويل.
الآن، تترتب الأوضاع كلها وتتضافر معاً، من أجل إضاعة الحقيقة، كما تضافرت من قبل لإضاعة حقائق كثيرة، آخرها جريمة مذبحة القيادة العامة.
الشمولية، ليست نظاماً سياسياً فقط، وإنما نظاماً اجتماعياً وثقافياً كما أشار إلى ذلك ” ميشيل كورناتون” في كتابه (التواصل الاجتماعي)، فهؤلاء الخبراء والمحققون بجانب النخب السياسية خاصة (الاسلاموية والشيوعية) تبدو وكأنها مصابة بحالة من الفصام النفسي والبارانويا إذ تجد أن الفرق شاسعاً جداً بين الأفكار التي تنادي بها عقيدتها (آيدلوجيتها) وسلوكها على الأرض.
وهكذا تحول الإخوان المسلمين إلى لصوص وقتلة وفاسدين، كما تحولت ديكتاتورية البروليتاريا في الدول الشيوعية (شرق أوربا والاتحاد السوفيتي – سابقاً- والصين الشعبية وكوبا) إلى ديكتاتوريات لطبقة حاكمة مستفيدة اغتنت على حساب الفقراء التي أتت من أجل حمايتهم حسب مزاعمها، كما لم يمنع حزب البعث العربي الاشتراكي الذي ينادي بالحرية والاشتراكية وحماية الطبقة الكادحة من العمال والفلاحين عائلة وأقرباء الأسد وصدام حسين من نهب هذه الشعوب وسحقها تحت سطوة الفقر والحرمان بينما هم يعيشون في قصور فخمة!
لربما هؤلاء كلهم لديهم مصلحة في اختفاء حمدوك من المشهد (وليس قتله)، بجانب العسكر طبعاً، وإن بدا لي هذا هو الاحتمال الأقل ترجيحاً كون علاقتهم به أصبحت غاية في الانسجام والتنسيق في الأونة الأخيرة، فإن الاحتمال الأكبر هو إن فلول النظام السابق هي الوحيدة التي لديها مصلحة في اغتياله لإحداث بلبلة وقلاقل في البلاد ومن ثم الانقضاض على السلطة مجدداً، وأنا هنا لا اتهم وإنما أحلل.

اليوم التالي

اقرا الخبر ايضا من المصدر من هنا عبر صحيفة الراكوبة نيوز

عن مصدر الخبر

الراكوبة نيوز