كتابات

جمال على حسن يكتب : صراعات قحت .. كرونا سياسية بلا معقمات

مصدر الخبر / الراكوبة نيوز

منذ تولي حكومة قحت للسلطة وحتى وقت قريب كان كل انتقاد موضوعي أو غير موضوعي يتم توجيهه للحكومة من خارج مكوناتها السياسية تتصدى له المنصات الإسفيرية التي تتمترس في جبهة ( شكرًا حمدوك ) بالنيران الحارقة من رصاص التخوين وبارود ( التكويز ) بفعاليته العالية في شارع الثورة ..
كان كل نقد يقدم لحكومة حمدوك متهماً في شرفه ومشكوكاً في منطلقاته وأجنداته ، حتى ولو كان هذا النقد صادرًا عن منصات إعلامية موالية للثورة ولديها رصيدها من المواقف ..
وخلال تلك المرحلة حرقت قحت معظم مراكب الثورة الإسفيرية وفقدتها تماماً بل استعدت عددًا كبيرًا من الناشطين ضدها وخلال ذلك كانت عملية انسياق الرأي العام وتجنيده خلف جحافل الهجوم الموجهة لتلك المنابر تتم بصورة سهلة بسبب الشكوك القائمة حول نشاط الدولة العميقة أو المعيقة التي تستهدف الحكومة الانتقالية وترجو إفشالها ..
وبالفعل كانت هناك محاولات من القوى اليمينية الإسلامية بمختلف مكوناتها من أقصاها المتطرف إلى وسطها المعتدل وما بينهما من بعض تيارات النظام القديم تحاول ترتيب أشكال من الاصطفاف وإظهار الوجود في الشارع عبر ما سميت بمسيرات الزحف الأخضر ، لكن بحسب علمي لم يكن هذا الحراك يجد مباركة من قيادات النظام القديم والتي كانت ترى أن تحالف قحت يحمل جينات تفككه وفشل تجربته في داخله ، وبحسب قراءتهم لكيميائه الحزبية وأمراض الأحزاب السودانية كانوا يرون أن الأمر لايحتاج لأي عمل منظم من جانبهم لتعويق مسيرته ..
كما كان رأي من تحدثت معهم من الإسلاميين هو أن أي ظهور لنشاط منظم من القوى الإسلامية المحسوبة على النظام البائد سيتسبب في تقوية مناعة قحت وتعزيز وحدتها في مواجهة هذا النشاط المعادي لها، وهذا هو التفسير المنطقي للإنسحاب الظاهر لتلك القوى الإسلامية من الساحة بشكل شبه تام باستثناء بعض من لديهم استقلالية تامة عن الكيانات المنظمة للنظام السابق أو التيارات التي يحسبها اليسار ضمن موجودات الدولة القديمة وتحسبها الدولة القديمة مجرد كيانات إسلامية لها مواقفها المستقلة تماماً عن تنظيم الإسلاميين السياسي الذي كان يحكم البلاد قبل سقوط النظام .
بإمكاننا الآن وصف حالة الاشتباك العنيفة داخل تحالف قوى الحرية والتغيير بأنها سلسلة من الارتجاجات والزلازل التلقائية التي كان يتوقع خصوم قحت من الإسلاميين حدوثها وهي الآن لا تحتاج لمقاييس ريختر السياسية لتأكيد حدوثها، بل هي اهتزازات داخلية واضحة يشعر بها الجميع وتعبر عنها حرب البيانات والتصريحات الصادرة من قوى رئيسية داخل قحت مثل بيان التجمع الاتحادي وموقف مريم الصادق واستقالتها من الآلية الاقتصادية والبيان الذي نعت فيه هذه الآلية وبينهما بيانات الحزب الشيوعية وتصريحاته العنيفة وهجومه المستمر ضد المكون العسكري الشريك ثم تجد مثل المهندس عمر الدقير يكيل الإنتقادات بنبرات متصاعدة لما يصفها بسياسة التمكين الجديدة ..
المشكلة الكبيرة أن تفكك تحالف قحت كان مثل كرونا إيطاليا إذا أنه حدث بسبب الاستهتار بخطر أكيد ومعروف لم تأبه به جميع تلك المكونات ولم تتخذ أبسط أدوات الوقاية منه .. فمارست الصراع والعراك بلا كمامات ولا معقمات حتى وصلت لهذه الحالة الوبائية المؤسفة الآن ..
كما أن تفكك هذا التحالف في هذه المرحلة يعني بالضرورة تحطيم أعمدة الهيكل الحامل للحكومة الإنتقالية .. مع مضاعفة الإحباط العنيف في الشارع المنتج للبدائل التي تحقق عملية التغيير وتهيئة البلاد لكل السيناريوهات التي ظلت تنتظر اللحظة المناسبة للانقضاض ..
شوكة كرامة
لا تنازل عن حلايب وشلاتين

اليوم التالي

اقرا الخبر ايضا من المصدر من هنا عبر صحيفة الراكوبة نيوز

عن مصدر الخبر

الراكوبة نيوز