في أول زيارة لزعيم حركة مسلحة لمعسكرات اللاجئين بدولة تشاد، هبط رئيس حركة تحرير السودان مني أركو مناوي بمدينة الطينة التشادية، في جولة شملت (13) معسكراً، وقف من خلالها على قضايا وأوضاع اللاجئين واحتياجاتهم خصوصاً في ظل الإهمال الذي تشكوه تلك الفئة من الحكومة الانتقالية.
حشود ضخمة من اللاجئين السودانيين استقبلت مناوي، واستبشرت بزيارته، وخاطب الرجل عدداً من اللقاءات الجماهيرية مع اللاجئين، ومن أبرز المعسكرات التي زارها (تلوم، أردمي، دقوبا، ملح، كارياري)، وافتتح أركو المعرض التراثي المفتوح بمدينة الطينة للاجئين، وشهد عروضاً تراثية وسباقاً للهجن والجمال.
الخرطوم: آخر لحظة
* فساد المنظمات
واتهم قائد حركة جيش تحرير السودان، بعض المنظمات بالاستثمار في قضية اللاجئين، قائلاً (إنه نوع من أنواع الفساد يجب أن يقدم مرتكبوه للمحاكمة)، وشدد مناوي على الدولة السودانية بالاعتذار للاجئين بعد سقوط النظام بدلاً من اللهث وراء المناصب والكراسي، سيما وأن هؤلاء اللاجئين شردتهم الدولة السودانية، داعياً المجتمع الدولي والحكومة التشادية والمنظمات الإنسانية بمساعدة اللاجئين على العودة لمناطقهم، وأكد مناوي أنه لو أتيحت لنا جميع الفرص للحرب مرة أخرى وهنالك فرصة واحدة للسلام، سنختار فرصة السلام، مشيراً إلى أن فرص السلام أصبحت واقعاً بعد سقوط الديكتاتورية، وأضاف مناوي لا فرق بين مفاوضات جوبا وزيارة المعسكرات لأن الهدف واحد.
* محاولة اغتيال حمدوك
فيما أدان مني أركو محاولة اغتيال رئيس الوزراء عبد الله حمدوك وأعلن رفضه لكل المؤامرات والمكائد لقتل الناس، وأعاب على دور المنظمات الإسلامية ممثلة في جامعة الدول العربية، عدم دعم اللاجئين المسلمين بشرق تشاد، قائلاً (تعالوا شوفوا الحاصل، ليست هنالك مساواة طالما نحن أعضاء في جامعة الدول العربية)، وأكد مناوي أن الثورة ليست صفوف بنزين والخبز، إنما هي الأرامل واليتامى، وقال (ما في قروش لبيع السلاح ولكم الحق في مطالبكم في قضية الحواكير ومن حقكم أن تنتخبوا الشخص الذي يمثلكم منكم وليس تصدير النواب)، مضيفاً (نحن لن نسلم جيشنا إلا عبر جيش واحد وشرطة واحدة)، وأردف (نعي حجم مأساتكم التي مررتم بها بين السودان وتشاد، وتاني مافي رصاصة تقتل مواطن)، وأكد مناوي أن الثورة السودانية فتحت الطريق، وقال (نحمل بيد السلاح وأخرى نحمل بها غصن الزيتون).
* قحت ترفض السلام
ومضى رئيس حركة تحرير السودان مني أركو مناوي إلى أن الدولة السودانیة مختطفة من بعض المجموعات تستغلها لمصالحها وتوفر لهم امتيازات الدولة ولهم الحق في الانقلابات، وأضاف قائلاً (أما إذا عمل أحد أبناء الهامش انقلاب يطلق عليه عميل أو مرتزق)، وأكد أن قادة الحركات هم زعماء الهامش، وقال إن هناك وزارات مكونة من أسرة واحدة وبأسماء وواجهات مختلفة، وهنالك من الهامش من يدفع الضرائب بدون عائد، مشيراً إلى أن زيارته لمعسكرات اللاجئين أتت لمعرفة احتياجات اللاجئين والوقوف على قضاياهم الإنسانية من التعليم والصحة، معتبراً ذلك حق الجميع، مبيناً أن الذين يعرفون الحرب ويعرفون معنى السلام، وأكد أن قحت لا تريد السلام وقال (من مسؤوليتنا توقيع السلام وعلى اللاجئين تنفيذها)، ونبه إلى أن الحركات هي من طالبت بوجود النازحين واللاجئين في منبر التفاوض، وشدد على ضرورة تسهيل إجراءات اللاجئين من دولة تشاد للسفر إلى التفاوض، وقال سوف نعمل من أجل ذلك.
وقال رئيس حركة تحرير السودان إن الذي يفصل بين ثورة الكفاح المسلح وثورة ديسمبر خائن وكذاب، وأضاف أن الحركات هي من صنعت ثورة ديسمبر بدمائهم وتضحياتهم، لافتاً إلى شهداء الكفاح المسلح، رافضاً التميز بين شهداء ديسمبر وشهداء الحركات المسلحة، وأشار إلى أطفال المعسكرات معتبراً ذلك جيلاً صنعته الحروب، وقال أمامهم فرصة كبيرة للاستفادة من نتائج الثورة والتغيير وسوف نعمل من أجل إحياء هذا الجيل.
* مفاوضات جوبا
ودعا مناوي إلى التصالح والتسامح بين جميع أهل دارفور، وقال (نحن نبحث عن فرص السلام حتى لو كان هنالك مليون فرصة للحرب، ولكن إذا أجبرونا سوف ندافع عن أنفسنا)، لافتاً إلى أن مفاوضات جوبا تتناول كل القضايا من المحكمة الجنائية والحواكير والعدالة الانتقالية، وقال (سوف تكون تحت كل شجرة محكمة لمحاكمة كل من ارتكب جريمة في حق الآخرين)، وأضاف (أي اتفاق إذا لم يدعمه اللاجئون لا يمضي إلى الأمام)، مشدداً على أن السلام يجب أن يستفيد منه اللاجئون والنازحون في تعويضهم.
وأشاد مني بالدور الكبير للتراث والثقافة في جلب السلام ومكافحة الحروب والقبلية من خلال القيم النبيلة المرتبطة بالعادات والتقاليد، وقال إنه من السرور أن يحافظ اللاجئون على تراثهم رغم المعاناة، مؤكداً مواصلة الجهود لاستكمال عملية السلام واستبدال صوت الطلقة والرصاص بالغناء والفرح، وشدد مني بالدور الكبير للاجئين والنازحين للمشاركة في العملية التفاوضية في جوبا، من أجل نيل حقوقهم كاملة دون نقص وتحقيق مطالبهم المشروعة من خلال عملية السلام الجارية.
* دور الإعلام
وقال مناوي إن الإعلام السوداني كان بعيداً عن معسكرات اللجوء في عهد النظام البائد لتغييب قضايا اللاجئين عن قصد، وآن الأوان في العهد الجديد أن يلعب الإعلام دوراً كبيراً في عكس قضايا اللاجئين والإسهام في عودتهم حسب رغبتهم وتقديمهم للمجتمع الدولي في رسالة إعلامية صادقة، لافتاً إلى أنه لا يمكن أن يعيش مجتمع اللاجئين في الهامش إلى الأبد، مشيراً إلى معاناة اللاجئين وإهمالهم طيلة (١٧) عاماً، وقال إن الفرصة مؤاتية الآن لصناعة السلام، داعياً اللاجئين إلى تنفيذه، مضيفاً أن السلام ليس حكراً على أحد، وأكد أن مفاوضات جوبا تنقاش جميع القضايا السياسية والإنسانية التي تلامس قضايا النازحين واللاجئين المتمثلة في الحواكير والأراضي، فضلاً عن التعويضات الفردية والجماعية وكذلك المحاكمات والعدالة الانتقالية.
يمكنك ايضا قراءة الخبر في المصدر من جريدة آخر لحظة