الخرطوم- نازك شمام
أصبح المواطن السوداني أمام مهددين إستراتيجيين، فتفشي فيروس الكورونا وغلاء المعيشة ، فهموم المعيشة لم تتراجع في سلم أزمات الشعب أمام حالة الانشغال بالوباء القاتل، وقساوة الظروف الاقتصادية والارتفاع الجنوني للأسعار يضاعف من خطورة أوضاع المواطنين المصلوبين على هموم الوقاية من الفايروس وملاحقة توفير مستلزمات الاحتياجات الضرورية، ومما زاد الطين بلة تفشي الشائعات وانتشارها فتحت الباب أمام التكهنات بامكانية اعلان الحظر الكامل للتجوال لمدة اسبوع على أقل تقدير خاصة بعد التوصية التي دفع بها وزير الصحة بتمديد الحظر ليشمل ساعات النهار، وعمت وسائل التواصل الاجتماعي دعوات بضرورة الاحتياط لذلك بتوفير المواد الغذائية في اطار الترقب للحظر الكلي المتوقع.
وعلى الرغم من انشغال جميع الجهات التنفيذية بمكافحة الوباء الحديث إلا أن الوباء أثر على حركة دوران الاقتصاد بشقيه العالمي والمحلي، وبات الاقتصاد السوداني الذي يعاني من أزمات متلاحقة يعاني أيضا من فايروس الكرونا الذي تهدده بالركود، فضلا عن الأزمات المتجدده في السلع الاستراتيجية ومن أهمها الخبز والوقود، وقد عانت أنحاء البلاد المختلفة من الأزمتين المتجدتتين منذ شهور خلت، علاوة على معاناة كثير من القطاعات من الاجراءات الاحترازية لفيروس الكرونا التي تعطل معها دولاب العمل في كثير منها ومن بينها قطاع الطيران والنقل البري بعد صدور قرارات حظر السفر العالمي والتنقل بين الولايات، إضافة الى تضرر فئة الباعة المتجولين من القرار بعد إصدار عدد من المحليات أوامر بمنع الباعة المتجولين وستات الشاي.
ويجابه عدد من العاملين في القطاعات المختلفة خطر الاجراءات في توقف أعمالهم وفي مقدمتهم أصحاب المطاعم والكافيهات بعد فرض قرار حظر التجول المسائي منذ الساعة الثامنة مساء بما تسبب لهم في خسائر للعمل المسائي، بالاضافة إلى العاملين في وكالات السفر والسياحة بعد أن منحهم أصحاب الوكالات إجازة مفتوحة حيث إضطرت عدد من وكالات السفر والسياحة السودانية، لمنح الموظفين إجازات بدون مرتبات بعد إغلاق المطارات أمام الحركة الجوية لجهة التخوف من تفشي فيروس “كورونا المستجد”، في وقت قدرت فيه الخسائر بنحو 90%
وقال رئيس شعبة وكالات السفر والسياحة السابق محجوب المك في تصريح نقله موقع (باج نيوز) الاخباري إن بعض الوكالات لجأت إلى إغلاق أبوابها ومنح الموظفين إجازات بدون مرتب وإلى أجل غير مسمى، ولفت إلى أن خسائر قطاع الوكالات تقدر بنحو (90%) لجهة توقف حركة السفر للخارج وتعطل عمرة الموسم الحالي، ويصل عدد الوكالات العاملة في الخرطوم وحدها أكثر من ألف وكالة، ويتفاوت عدد العاملين في كل وكالة ما بين (3- 5) من الموظفين.
وتضررت عدد من الشعب والقطاعات من تخفيض العمالة من بينها قطاع المخابز الذي تضرر من بند التخفيض ومن عدم العمل المسائي وفترات الحظر بما ساهم في تفاقم أزمة الخبز، بجانب أصحاب التكاسي الذين أكدوا على أن العمل تقلص بصورة كبيرة في الفترات المسائية وبصورة أقل في الفترات الصباحية، وقال صاحب المركبة عبدالجليل ابراهيم الذي تعمل مركبته بنظام ترحال إن هنالك “تراجع كبير في استخدام خدمة الترحال”، وأشار إلى أن الاستجابة المتواضعه للالتزام بالمنازل أثرت بصورة كبيرة على التجوال داخل العاصمة، وأكد في حديثه مع (اليوم التالي) على انخفاض قيمة المشاوير اليومية بصورة تصل إلى 80% عن الأيام العادية.
ولم يكن أصحاب المركبات العامله في مجال النقل الداخلي هم وحدهم في هذه المشكلة فالمحلات التجارية داخل الاحياء والتي أُلزمت بالالتزام بالحظر المسائي منذ الساعة الثامنة اكدت على وجود خسائر كبير جراء الاجراء، ونوّه صاحب محل تجاري في حي جبرة جنوب الخرطوم- فضل حجب اسمه – إلى أن الحظر المسائي حرمهم من خدمة تقديم وجبة العشاء التي كنت تدر أرباحاً معقولة للمحل، وأشار في حديثه مع (باج نيوز) على وجود عقوبات رادعة تطبقها القوات النظامية على المخالفين تصل إلى غرامة 20 ألف جنيه، مما جعل أصحاب المحلات يتخوفون من مخالفة الالتزام واغلاق المحلات في مواعيدها.
من جهة أخرى يتخوف المواطنون من حدوث شح في المواد الغذائية خاصة وأن شهر رمضان الكريم على الأبواب، وأثارت الرسائل في وسائل التواصل الاجتماعي ذعر المواطنين بضرورة تأمين المواد الغذائية وسط تخوف من انعدامها خلال الفترة المقبلة، إلا أن مستوردي المواد الغذائية أكدو أن”موقف المواد الغذائية مؤمن ولا يوجد أي تخوف من وجود فجوة محتملة بسبب تداعيات الكرونا”.
وكشف عضو شعبة مستوردي المواد الغذائية السابق محمد صديق، عن وجود اتجاه لارسال مستندات الاستيراد عبر الشبكة العنكبوتية بدلاً عن إرسالها عن طريق شركات الشحن.
وأكد في تصريح لـ(اليوم التالي) على استمرار استيراد المواد الغذائية عبر المنافذ البحرية. وقال” حتى الآن لا توجد أي عقبات أمام الاستيراد سوى الإجراءات التي سنتها وزارة التجارة بالمصادقة على الفواتير المبدئية للاستيراد”. وشدد على ضرورة أن تلغى هذه القرارات حتى يتمكن المستوردين من استيراد المواد الغذائية، وأكد صديق على عدم وجود تخوف من وجود فيروس الكرونا في المواد الغذائية لجهة وجود رقابة مشددة على جودة المنتجات من قبل المواصفات والمقاييس والمعمل الجمركي.
إلى ذلك تدافع عدد كبير من المواطنين إلى المتاجر الكبيرة ومحلات السوبر ماركت لشراء كميات من السلع والمواد الغذائية، مع تزايد التكهنات بفرض حالة حظر تجوال شامل تجنباً لمخاطر وباء “كورونا”.
وأدى حظر التجوال الجزئي من الثامنة مساء إلى السادسة من صباح اليوم التالي، والذي بدأ تطبيقه الثلاثاء الماضي، أدى إلى حرص المواطنين على شراء كميات كبيرة من السلع والخضروات واللحوم خلال ساعات النهار، فيما شهد يوم أمس “الأحد” تزايد الهجمة على المتاجر والإقبال على الشراء بكميات كبيرة.
وشهدت متاجر الخرطوم ومحلات السور ماركت ازدحاماً غير مسبوق، حتى أن بعض المحلات اضطرت لترتيب الزبائن في صفوف لإكمال دفع مبالغ الشراء، وشبه البعض حالة الإقبال على الشراء بأنها مثل “وقفة العيد”، بالرغم من الارتفاع الملحوظ في أسعار السلع المختلفة، وشهدت بعض المحال التجارية نفاد كمية الدقيق لديها، بجانب سلع يومية أخرى.
وفي الأثناء، شكا مواطنون من ندرة في رغيف الخبز بعدد كبير من الأفران، ونوهوا إلى أن الصفوف عادت بصورة أكبر من ذي قبل، كما أن عدداً مقدراً من المخابز لم تعد تعمل كالمعتاد، ما خلق فجوة وشحاً في سلعة الخبز، وطالب مواطنون الجهات المختصة بالعمل على معالجة هذه المشكلات خاصة في ظل ظروف حالة الطوارئ الصحية الحالية.
يمكنك ايضا قراءة الخبر في المصدر من جريدة اليوم التالي