السودان الان

قي ستة أبريل لم ننتصر تماماً ولكن لا أحد بإمكانه كسر إرادة شعب كسر طوق الاستبداد وجعل من (تسقط بس) حقيقة يمكن مشاهدتها.. خاف قضبان المخلوع في كوبر يومها قال جنود الحكومة هذا ما لا قبل لنا به إليكم شذرات من ذاكرة (السادس المنصور)

مصدر الخبر / صحيفة اليوم التالي

الخرطوم “الزين عثمان
يقول ياسر عبد الرحمن وهو شاب من الذين عبروا المتاريس يومها (نعم لم ننتصر تماماً ولكن لا احد بامكانه كسر ارادتنا كشعب مرة اخرى)، يكمل الشاب عن السادس من ابريل ات شئ يمكنه وصق ما حدث يومها بمكم اخنصار كل ذلك في غبارة واحدة هي انتصرت ارادة الشعب ورغبته ووضعنا السطر ما قبل الاخير لحقبتهم السوداء.
1
يومها حين كان السودانيون يرتبون نفاصيل معركتهم وجولتهم مع منسوبي نظام عمر حسن البشير المخلوع لاحقاً كان القيادي في المؤتمر الوطني نافغ علي نافع يخرج آخر مافي جرابه من سخرية قائلاً (كلها يومين ونشوف عددهم كم) في إشارة منه لمليونية ستة ابريل المتجهة نحو القيادة العامة لقوات الشعب المسلحة، وقتها كانت كل تقاطعات البلاد وشوارعها تمتلئ بلافتات الخلاص وبالدعوات ان موعدنا وطن نغنيه مثلما نريد ونبتغي.
الثالثة بتوقيت البلاد كانت مجموعة من منسوبي جهاز الامن الوطني يضعون سلاحهم ويخاطبون بعضهم بعضاً (هذا الامر لا قبل لنا بمواجهته وتلك السلطة سقطت ما من ذلك شك).
2
في عصر ذلك اليوم كان الجنود والضباط في عالم آخر، كانت الهتافات تنغرس في أعماقهم حين يردد الجميع (الجيش جيش السودان الجيش ما جيش كيزان) كان لحاف محمول على كتف احد الشباب يخبر عن ما يمكن أن يحدث في الساعات القادمة، الساعات التي تقول بأن الحلم في الخلاص بات أقرب إلينا من أي وقت مضى من مسيرتنا المقاومة، من صنعوا الثورة يعرفون طرق قياداتها الى اخر محطاتها، الصوت يأتيك من بعيد (صابنها) قبل ان يجعله منسوبي الجيل الراكب راس اقرب وهم يرددون جملتهم (صابنها) ومعاها (ما بنرجع الا البيان يطلع) يتخلق ساعتها اجمل مشاهد السودان الحديث في ثورة شعبه، اعتصام القيادة العامة والذي انتصر بازاحة البشير قبل ان يتم فضّه.
3
عام من السادس من أبريل وما يزال البعض يجادل الشعب في ثورته، يخرج من يخبرهم بأن ما حدث ما كان ليحدث لو أن مدير جهاز أمن حماية البشير لم يفتح الطرق الى القيادة، يصر اصحاب هذا الامر على قولهم بأن ما حدث يمكن اختصاره في صنع بواسطة (قوش) هو نفسه الرجل المطارد الآن والمغلقة أمامه أبواب البلاد وهو ذات الشخص المطلوب محاكمته على ما اقترفت أيادي جنوده في اشهر الثورة الاربع بينما يرد احد حراس التروس في القيادة وبعدها اخبروني لو ان قوش هو الذي فتح لنا ابواب القيادة فمن كان يطلق علينا الرصاص؟ ويحسم كل الجدل بقوله هذه الثورة صنعها السودانيون ورغبتهم في اسقاط النظام الذي كان يحرسه قوش وجنوده وهم من كانوا اكثر حرصاً عليها من تحت شعارهم (تسقط بس) وبالطبع هي الثورة التي صنعتها دماء الشهداء وعهد رفاقهم ان واصلين الما بتأجل اليوم الشمسو قوية.
4
بالنسبة لياسر فانه في كامل الاستعداد لتكرار ذات مشهد السادس من ابريل والوصول الى ذات المحطة والاعتصام امام ساحات القيادة العامة والهتاف بسقوط البشير وعصابته بالنسبة له فان السادس من ابريل هو اجمل ما حدث في عمره وعمر جيله بأكمله، لا يبدو مشغولاً بما يجري الآن ولا بالأحاديث حول انه لم يحدث تغيير وانه (لساها ما سقطت) ولسة الحكم عسكر بالنسبة له فإن سودان اليوم قد لا يكون بمثابة الاحلام ولكنه على أية حال افضل من سودان البشير ويردد (ديك ايام الله لا اعادها علينا)، نعم هناك تغييراً قد يكون اقل من المطلوب او انه يمضي بخطوات بطيئة لكنه موجود ويمكن البناء عليه من اجل المضي قدماً.
5
لكن على النقيض من رؤيته يقول احمد عبد الله ان الثورة قي طريقها لأن تسرق، وان قوى تحاول توظيقها لصالحها وان اوضاع اليوم ليست بأفضل حالاً من اوضاع الامس، الواقع الاقتصادي يتدهور بسرعة مخيفة، تمكين اليمين تحول الى تمكين يسار، وان من صنعوها سرعان ما تحولوا الى هامش المشهد المحجوز بشكل كبير للنخبة التي ادمنت الفشل، النخبة وصراعاتها التي لا تنتهي لكن كل ذلك لا ينفي ان ثمة احلام يمكن تحقيقها وتحصيلها بشرط ان تتم معالجة الاخفاقات الآنية التي تقي ثورة 2019 السقوط في ذات المستنقع الذي انتهت اليه ثورة ابريل 1985 وخصوصا ان البعض يقول بانه ما اشبه الليلة بالبارحة وان ذات قوى التربص ما تزال تمارس ذات افعالها القديمة ودون تجديد، علينا الاستفادة من دروس التاريخ والذهاب الى المستقبل.
6
في السادس من ابريل وبعد عام من هبة الشعب وانتصاره تقول الاخبار المتداولة ان الجيش ما زال يصنع المشهد هناك في شارع القيادة وان من اخرجهم الشعب بالامس وطاردهم بلعناته يرتبون صفوفهم للعودة مرة اخرى وعبر الانقلاب بحسب ما نقلت صحيفة “الشرق الاوسط” من الخرطوم، وهي تؤكد على انه ثمة حراكاً محموماً يقوده اسلاميو السودان من اجل الانقلاب على حكومة الثورة الانتقالية واعادة عقارب الساعة للوراء وهو الامر الذي نفاه الناطق الرسمي باسم القوات المسلحة الذي قال انه لا توجد اشارات لإمكانية حدوث انقلاب في البلاد، وبالطبع اكد على استعداد شركاء الثورة في الجيش على حمايتها والحفاظ على الامن والاستقرار في البلاد وتهيئة الاوضاع لاكمال فترة الانتقال وتحقيق التحول الديمقراطي في سودان ما بعد حقبة البشير.
7
الخرطوم التي كانت تحبس انفاسها في مثل هذا اليوم قبل عام ما تزال هي نفسها المدينة المرتبكة بمشكلاتها وتعرجات صفوفها من اجل الحصول على الخبز والوقود والغاز. المدينة التي تنام باكراً خوف تربص جنود النظام المخلوع ستجد نفسها مجبرة لممارسة ذات الفعل خوف تداعيات مرض (كورونا) وان كانت قد ابدلت الطوارئ الأمنية بطوارئ لأسباب صحية مع تغيير في الاوضاع بشكل عام، تغيير ما كان له ان يحدث لولا السادس المنصور من ابريل وهي في قمة كوابيسها تنام يحرسها بعض الارتياح، فالرجال الذين نهبوا ثلاثين عاماً من عمرها يقبعون الآن خلف قضبان سجن كوبر بزعامة الرئيس المخلوع الذي تحمل الاخبار احتجاجاته وهو يطالب بان تزود زنزانته في كوبر بجهاز تكييف، بينما يتنسم الشعب هواء الحرية ويعلن مطالبه في الهواء الطلق بما فيها مطلب اسقاط حكومة هو من انجزها في حقيقة الأمر، وهو وحده من يحق له ان يغيرها وهو امر يبدو منطقيا في أن يحتفي بالسادس من ابريل حتى وإن تم ذلك في زمن طوارئ الكورونا.

يمكنك ايضا قراءة الخبر في المصدر من جريدة اليوم التالي

عن مصدر الخبر

صحيفة اليوم التالي