السودان الان

يُحكى أن أحد الولاة واجه هجمة شرشة من المعارضة التي كشفت فساده لكن الوالي لم يكترث وقال إن الرئاسة لا تشتغل بهذا الهراء “معيَّنٌ لا يعين”

مصدر الخبر / صحيفة اليوم التالي

الخرطوم – آدم محمد أحمد
حتى الآن يبدو أن ما تكتبه الصحف من ملاحظات وتنبيه لمواقع الخلل في الولايات لا يشغل بال الولاة كثيراً، لأنهم محصنون بقرارات رئاسية، ولكن ما يشغلهم فقط لو أن الأمر أثار انتباه الرئاسة أو تم رصده في دوائر مراقبة الأداء، حينها، يتحسس الوالي المعني إدارات المكاتب في القصر لمعرفة ردة الفعل. وهنا، تبدو المعادلة مختلة؛ لأن المواطن صاحب القضية صوته مغيب، لا أحد يستمع إليه. الواقع يقول إن الاهتمام بالمواطن تدنى، خاصة في ما يتعلق بمطالباته الآنية منها والمؤجلة مقارنة بفترة انتخاب الولاة قبل تعديل الدستور مؤخرا. ويرى البعض أن الاهتمام كان وقتها دافعه اكتساب رضى الناس، لكون أن هؤلاء لهم سهم في جلوس الوالي في موقعه، وبالتالي، محاولة تفادي غضب المواطنين جزء من اهتمام الحكام في الولايات، وإن كانت تجربة تعيين الولاة ذات فائدة من منظور أنها قللت الاحتكاك القبلي والاحتقان السياسي، إلا أنها لم تكن كذلك بالنسبة لدور الوالي في مراعاة حقوق مواطنيه.
يُحكى أن أحد الولاة واجه هجمة شرشة من قبل بعض الأحزاب المعارضة التي استطاعت أن تكشف أوارقاً ومستندات خاصة بالفساد في ولايته، لكن الوالي لم يكترث لذلك، وعندما سُئل عن سر صمته وعدم الرد أو تفنيد الاتهامات تلك، قال ضاحكاً: “الرئاسة لن تشتغل بهذا الهراء وهذا ما يهمني”. وحالة الوالي هذه تجسدها ولايات كثيرة، فعلى سبيل المثال لم يترك مواطنو غرب كردفان باباً إلا طرقوه تعبيراً عن رفضهم للوالي الأمين بركة، لكنهم لم يجدوا الاستجابة الكافية من رئاسة الجمهورية، لكونها السبيل الوحيد للتخلص من الوالي الذي اعتبره البعض عبئاً على الولاية، وأصبح مثالاً واضحاً لتجربة الشباب كولاة، ولكن الأمر الأكثر عجباً في هذه التجربة، أن القرار لم يعد للرئاسة وحدها ولكن قوة (ظهر) الوالي المعني تمثل النقطة الفارقة في بقائه أو مغادرته سدة الحكم؛ فالسؤال الذي يقفز إلى الأذهان بعد كل موجة نقد أو سخط تمر بها الولاية المعنية، هو “الوالي دا زولو منو؟”، بمعنى إلى أي جناح يتبع من أجنحة القيادات المؤثرة التي تتولى شؤون البلاد حالياً؟ فالحقيقة أن لكل مسؤول في مواقع اتخاذ القرار والياً يدعمه ويضعه ضمن جماعته، وهذا يعني أن (اللوبيات) والتكتلات لم تنتهِ عند المستوى الأدنى ولكنها تصل عند قيادة الدولة.
كل تلك المآخذ ربما كانت حاضرة أيام مداولات الحوار الوطني الذي تم الاتفاق فيه على إعادة تجربة انتخاب الولاة، وامتد الأمر إلى انتخاب المعتمدين، وكذا مجالس المحليات، وهذا بحسب الداعمين للفكرة يعيد الحسابات إلى المواطن، ويجعله صاحب القرار وليس الرئاسة. وهنا يقول بشير آدم رحمة رئيس لجنة الزراعة بالبرلمان عضو المؤتمر الشعبي: “الآن فإن الوالي أو المعتمد لا ينظر تحته للناس بسبب سياسة التعيين؛ لأنه ينظر للجهة الأعلى التي عينته، ولذلك لابد من الإصلاح السياسي”، وينوه بشير في حواره الذي نشرته (اليوم التالي)، بأن تعديل النص الدستوري الذي يسمح بانتخاب الوالي أو المعتمد يجعلهم ينظرون إلى مصالح منتخبيهم لكي يصوتوا لهم في المرات التالية.
يقول محجوب عبدالرحمن عضو البرلمان، في حديث لـ(اليوم التالي) أمس (السبت): “إن الولاة الآن أصبح ليس لديهم علاقة مباشرة مع المواطن بخلاف الوالي الذي يأتي عن طريق الانتخابات”، لافتا إلى أن الوالي المعين أكثر ارتباطاً وولاءً للمركز من ولايته. ويشير محجوب إلى أن الممارسة في المجالس التشريعية اختلفت لأن الوالي المعين لا يبالي كثيراً بما تسنه تلك المجالس أو تقرره، ولا يستجيبون للمطالب أو المخالفات التي ترصد. ويضيف محجوب: “والعلاقة هناك أصبحت مختلة لأن الذي يتحدث من تلك المجالس هو صوت المواطن، وتغيبها يعني تغيب الناس وحقوقهم وخدماتهم”.

يمكنك ايضا قراءة الخبر في المصدر من جريدة اليوم التالي

عن مصدر الخبر

صحيفة اليوم التالي