جدلية الولاة
القاهرة: صباح موسى
وافقت الجبهة الثورية بقيادة الدكتور إدريس الهادي على تعيين ولاة مدنيين، وذلك بعد محاولات إقناع من الدكتور عبد الله حمدوك رئيس الوزراء ونقاشات طويلة داخل الجبهة والتي كانت ترفض تماما هذا الأمر إلا بعد التوقيع على السلام، ومع الإصرار على ضرورة تعيين ولاة مدنيين بالولايات حددت الجبهة الثورية معايير محددة لاختيار هؤلاء الولاة، فيما رفضت الجبهة الثورية جناح مني أركو مناوي، وذلك بعد تأجيل هذه الموضوع أكثر من مرة، حتى رأى حمدوك ضرورة وحتمية للتعيين الآن.
قبول مشروط
وبعد اتصال حمدوك (الجمعه) بقادة الجبهة الثورية لسرعة موافقتها لإنجاز هذا الأمر، عقدت الجبهة الثورية اجتماعا مطولا يوم (السبت) قررت بعدها الموافقة على تكليف ولاة مدنيين لكن بشروط أهمها أن يتم تعيينهم مرة أخرى بعد التوقيع على عملية السلام، وأرسلت الجبهة جناح إدريس خطابا (الاثنين) إلى حمدوك والفريق عبد الفتاح البرهان ونائبه الفريق محمد حمدان دقلو، ونسخة أخرى إلى رئيس فريق الوساطة توت قلواك، وجاء في الخطاب أن الجبهة تثمّن مجهودات الحكومة الإنتقالية بمجلسيها السّيادي و الوزراء في تثبيت دعائم الثورة، و دعمها اللامحدود لعملية السلام، معبرة عن تقديرها للاستقبال الحار الذي وجده الوفد الثّلاثي لأطراف عملية السلام الذي زار الخرطوم مؤخراً، و أن الوفد و كذلك الوساطة نقلوا روح الشراكة و ووحدة الهدف التي سادت أثناء الزيارة، مما تمخّض عنه الاتفاق الذي تم التوصّل إليه حول القضايا المحورية، وأكدت الجبهة في خطابها التزامها بهذا الاتفاق كخطوةٍ حاسمة لإكمال اتفاق السلام، والتوقيع عليه بالأحرف الأولى في القريب العاجل، وشكرت الجبهة الاتصال مع المجلس القيادي لها يوم (الجمعه) الماضي، لطلب دعم المجلس القيادي لتعيين ولاة مدنيين مؤقتين، وإكمال التعديل الوزاري إلى حين الوصول إلى اتفاق السلام، ومن ثم إعادة تشكيل مجلس الوزراء وتعيين الولاة بمقتضى اتفاق السلام، وذكر الخطاب أنه بعد دراسة ما تقدمتم به على ضوء موافقته المشروطة السابقة، فقد قرر المجلس القيادي للجبهة الاستجابة لرغبة شعبنا التي عبر عنها مرة أخرى في تظاهرة 30 يونيو 2020 في تعيين ولاة مدنيين مؤقتين في كافة ولايات السودان بغرض تفكيك التمكين، وتقديم الخدمات الأساسية للشعب وتحقيق أهداف الثورة، في إطار الشراكة ووحدة الهدف بين قوى الثورة والتغيير، والموافقة على تعيين ولاة مؤقتين إلى حين التوقيع على اتفاق السلام، وأضاف الخطاب: آخذين في الاعتبار تجارب الماضي البعيد والقريب في تشكيل مؤسسات الحكم الانتقالي، نرجو التشديد في مراعاة المعايير عند اختيار الولاة المدنيين المؤقتين، ومنها عدم تصدير الولاة المدنيين المؤقتين من المركز إلى الأقاليم مثلما كان يجري في خمسينيات وستينيات القرن الماضي من تصدير للنّواب من المركز إلى الأقاليم، وتمثيل النساء بصورة عادلة ومنصفة، والتمتع بالحساسية الكافية تجاه الولايات التي تشهد النزاعات والحروب والانقسامات الاجتماعية وإشراك المجتمعات المحلية في اختيار الولاة المدنيين عبر آلية متفق عليها تجمع ولا تفرّق، واختيار شخصيات ذات قبول شعبي، ووزن اجتماعي وسياسي، و عُرفت بمواقفها المساندة للثورة والتغيير والسلام في المقام الأول، وأن يكون المختار من ذوي النزاهة والكفاءة والقدرات العلمية والإدارية لتولي مثل هذا المنصب، وتحري الدقة وتطبيق أعلى المعايير في اختيار والي العاصمة القومية، فهي مرآة لكل السودان ورمز لوحدتنا الوطنية، وألا يكون المختار للولاية في هذه المرحلة الدقيقة ذا لون حزبي صارخ، وأكدت الجبهة في خطابها على أن أي اختيارات خاطئة للولاة، لا سيما في الولايات والمناطق المتأثرة بالحرب، ستضر بعملية السلام، وتدعم أصوات القوى الرافضة له. كما أكدت على عزمها الأكيد والتزامها الكامل على الوصول إلى اتفاق سلام عادل وشامل في أقصر وقت ممكن، وقالت: بدون السلام لن تعبر بلادنا من أزماتها، أو تستكمل ثورتها، وتعيد إصلاح علاقاتها الداخلية والخارجية، وتحسن الأوضاع المعيشية، فالسلام مفتاحنا نحو المستقبل، وتنفيذ مشروعنا الوطني النهضوي الشامل.
مناوي يرفض
حسنا.. إذن موافقة الجبهة الثورية المشروطة والتي تتطابق مع مطالب حزب الأمة القومي أيضا تعنى أنه لم يعد هناك أي عائق في تعيين ولاة مدنيين إلا موافقة الجبهة الثورية الثانية، لكن ما جدوى التعيين بكل هذه الشروط مع تعيينهم مرة أخرى بعد التوقيع على السلام والذي أصبح قاب قوسين أو أدنى من نهايته؟ وهل سيتم تغييرهم جميعا وهل ستجرى لهم نفس المعايير؟ وهل ستوافق الجبهة الثورية جناح مناوي على هذا التعيين؟
أوضحنا رؤيتنا
محمد حسين شرف رئيس مكتب حركة العدل والمساواة بالقاهرة والقيادي البارز بالحركة أكد من جانبه أن المواقف متباعدة، وأن المجموعات الحزبية الصغيرة ليست لديها أوزان لا سياسية ولا جماهيرية ومقبوليتهم في الولايات محدودة، وأضاف شرف لـ(اليوم التالي) ولذلك يريدون استباق السلام حتى يكون لديهم تمثيل في الولايات، وتابع: حزب الأمه يرى أن لديه أغلبية جماهيرية وأنه صاحب قاعدة تاريخية ويصر على أن تكون النسبة الأكبر له في الولاة، لافتا إلى أن هناك مجموعة متشددة في الحرية والتغيير يرون أن السلام يخصم من حصتهم، وقال: من جانبنا أوضحنا رؤيتنا في هذا الموضوع، ونتفق على ضرورة وجود معايير في اختيار الولاة في هذه المرحلة من الكفاءة والأهلية والشعبية، مضيفا: كنا نرى أنه لا ضرورة للعجلة في تعيين الولاة، ومن الحكمة الانتظار، طالما أصروا عليهم بتطبيق الشروط أولا، ولا نريد أن نعطي مبررا بأننا ضد تعيين الولاة المدنيين، لكن لابد أن تكون هناك موازنة مع الوضع الأمني والعسكري وهل الولاة المدنيون سيسيطرون على الأوضاع الملتهبة في دارفور، مؤكدا أن الأوضاع بالإقليم ليست على ما يرام وأن الذين يحكمون السودان لا يعلمون عن مناطقه شيئا، وقال إن الأمر يحتاج إلى حكمة وتريث ومعرفة عميقة وتوازنات، أما الاستعجال فلن يؤدي إلى شيء، نافيا ما تردد عن وجود للنظام القديم في الولايات، وقال: هذا الحديث غير صحيح، ولا يمكن أن نتحدث عن بعض الإداريين حتى ولو كانت لهم انتماءات للنظام السابق في النهاية هم سودانيون ومن حقهم العمل بالدولة ما دامت تتوفر بهم الشروط والأهلية، مشيرا لأن كل القيادات السيادية والوزراء والدستوريين قد تم إعفاؤهم بالولايات، وقال إن الولاة عسكريون وهم شركاء في الحكم وليست لهم علاقة بالنظام السابق، مضيفا أن الكوته المخصصة للمرأة في وثيقتهم الدستورية لم يطبقوها، وقال: نحن لسنا جزءا من هذه الوثيقة لكن نظامنا الأساسي ينص على نسبة 30 % للمرأة ونحافظ على ذلك.
لم توافق
أما صالح منصور رئيس مكتب حركة تحرير السودان جناح مناوي بالقاهرة فأكد أن الجبهة التي انشقت بقيادة مناوي لم توافق على تعيين الولاة ولن توافق إلا بعد التوقيع على السلام أولا. وقال صالح لـ(اليوم التالي): أمامنا الآن أيام على التوقيع النهائي للسلام فما هو المبرر لهذا الاستعجال، موضحا أنهم تسلموا تصور الترتيبات الأمنية من الحكومة وأنهم سلموها تصورهم وتبقى أيام معدودة لنهاية العملية، مضيفا أن الحرية والتغيير تريد تمكين نفسها أيضا في الولايات كما فعلت في كل المؤسسات الانتقالية للدولة، متسائلا: ماذا يفعل الوالي المدني مع ما يحدث من انفلاتات أمنية في دارفور إذا كان الوالي العسكري لا يستطيع؟، محملا ما يحدث من توترات أمنية في الإقليم للحزب الشيوعي، وقال إن الشيوعي لا يريد سلاما حتى تتم سيطرته على كل مؤسسات الحكم.
يمكنك قراءة الخبر ايضا من المصدر من هنا