الخرطوم – اليوم التالي
منذ ديسمبر وحتى أبريل كان الشارع السوداني يهتف (تسقط بس) كان الأشقاء في التجمع الاتحادي المعارض وقتها يخوضون معركة المقاومة ويقودونها التزاماً بما يريده الشعب بثبات يمضي شبابه بخطواتهم نحو المعتقلات وهم المؤمنون بمقولة زعيمهم الأزهري (الحرية نور ونار من أراد نورها فليصطل بنارها) في الحادي عشر من أبريل سقط البشير وتحقق المراد الشعبي.. سبب سقوط الإنقاذ كان بابكر فيصل رئيس المكتب التنفيذي للتجمع الاتحادي يجلس بالأمس في وكالة الأنباء السودانية الرسمية (سونا) متحدثاً بلسان الأشقاء في قضايا بلادهم ومستقبل الثورة التي لهم فيها سهم.. ومردداً رفضه (تسقط ثالث)
في المؤتمر الصحفي الذي عقده التجمع الاتحادي بالخرطوم أمس يؤكد رئيس مكتبه التنفيذي بابكر فيصل على أهمية التمسك باستقرار الفترة الانتقالية وهو أمر يرتبط عنده بضرورة احترام الشراكة التي أفرزتها الوثيقة الدستورية بين العسكر وقال بأن الشراكة بين المكونين المدني والعسكري ليست نقطة جامدة. وقال فيصل إنهم يرفضون الدعوات التي تنادي بفض هذه الشراكة وكذلك ضد (تسقط ثالث) التي ستقود لطريق مجهول وواصل فيصل قائلا: نحن أيضا مع وحدة قوى إعلان الحرية والتغيير وضد خلق تحالفات تشق الصف لكن مع إصلاح قوى إعلان الحرية والتغيير عبر مؤتمر تداولي. وكذلك نحن ضد دعوات إسقاط الحكومة لكن مع الضغط على المؤسسات من أجل الإصلاح وتكملة هياكل الحكومة الانتقالية وتحقيق مطالب الجماهير والضامن لذلك هو الوثيقة الدستورية الموقعة عليها الأطراف وأي إلتفاف عليها سيؤدي إلى زعزعة البلاد وأمنها. من جهة أخرى رفض بابكر انقسام تجمع المهنيين وقال: لا مفر من أن يجلس الطرفان وتتم الوحدة بينهما من جديد. في الأثناء تحدث عن ظاهرة الانقسامات القبلية وقال إنها أصبحت من المهددات مؤكدا أن وراءها عناصر النظام البائد وجهات أخرى لم يسمها.
بدا التجمع الاتحادي أكثر عقلانية في طرحه التعامل مع المشهد السوداني المحتقن في لحظته الراهنة وهي عقلانية لا تبدو وليدة اللحظة حيث كان للمنظومة الاتحادية دور كبير في قيادة قوى إعلان الحرية والتغيير إلى مائدة التفاوض عقب عملية فض الاعتصام في الثالث من يونيو؛ ففي الوقت الذي كانت تتمترس فيه مكونات أخرى على موقفها الرافض لأي تفاوض خاض فيصل وآخرون عملية العودة للتفاوض حيث كان فيصل أحد الفاعلين فيه حتى الوصول إلى التوقيع على الوثيقة الدستورية.
المتابع لحراك التجمع الاتحادي في أعقاب تشكيل الحكومة الانتقالية يلاحظ أنه يحاول أن يلعب دور الأخ الأكبر في سبيل المحافظة على الأوضاع الراهنة والعمل بجد من أجل تجاوز السيناريوهات الكارثية على المستوى العام وحتي علي مستوى تحالف إعلان الحرية والتغيير ففي الوقت الذي مضى فيه حزب الأمة نحو تجميد نشاطه وسلقه المؤتمر السوداني بألسنة نقد حداد لكن في المقابل يندر أن تجد نقدا مصوبا نحو التحالف بواسطة الاتحاديين في تجمعهم.
فيما يتمدد السؤال: هل سينجح التجمع في لعب هذا الدور والوصول بفترة الانتقال إلى مرافئ الأمان؟ تتباين المواقف هنا؛ ففي الوقت الذي يرى فيه فريق أن الاتحاديين وتحديدا التجمع بإمكانه أن يقوم بهذا الدور من خلال رصيد القبول الذي يمتلكه لدى مجموعات متعددة في المشهد السوداني وبين العسكر والمدنيين؛ يمضي فريق في اتجاه مضاد تماماً حين يتبنى رؤية أن الأشقاء هم جزء من الصراع الآن بل إنهم يتحملون الوزر الأكبر في ما آل اليه الوضع في تجمع المهنيين السودانيين وأن المحسوبين على التجمع من القيادات السابقة هم من أوصل الأوضاع إلى هذا الحد في ظل تنامي معركتهم مع الشيوعيين في سبيل السعي للسيطرة علي التجمع وهياكله والنتيجة ما يظهر علي السطح الآن.
المفارقة أنه في اللحظة التي كان يتحدث فيها بابكر فيصل عن ضرورة الالتزام بمخرجات الشراكة مع العسكر لضمان نجاح الفترة الانتقالية كانت معركة طرفها ممثلة التجمع في مناصب الولاة آمنة المكي مع العسكر في نهر النيل حيث أن اللواء حماد حسين قال في تصريحات إن الوالي طلبت منهم الانسحاب إلى ثكناتهم وحين فعلوا ذلك حملتهم مسؤولية سرقة مرتبات من الخزينة في بربر. وهو مشهد ربما يعيد التساؤل مرة اخرى عن إمكانية نجاح الاتحاديين في القيام بدور الشقيق الأكبر؟
يمكنك قراءة الخبر ايضا من المصدر من هنا