كتابات

رمزي المصري يكتب فيضان النيل وفيضان الدولار

مصدر الخبر / صحيفة التحرير

وبنفس تمرد النيل ..تمرد علينا الدولار وألتهم الجنيه السوداني وبدون رحمة وبدأ يقفز بطريقة جنونية وكأن الدولار في بلادنا يقفز بالزانة ووصل الى حافة ال250 جنيها وربما سيصل الى الثلاثمائة قبل ان يرى ما أكتبه لكم النور .

فيضان النيل ومهما اختلفت الاراء حوله الا انه لا يخرج من كونه تدفقات المياه الهائلة في اثيوبيا وكذلك بحيرة فكتوريا والتغيير الحاد في المناخ وقد حذر العلماء منذ فترة طويلة ولكننا لم نأخذ الامر بالجدية المطلوبة .

هذا ما كان من أمر فيضان النيل .. فماذا نقول عن فيضان الدولار !!!

لا أحد في استطاعته ان يقنعنا ان ما يحدث في سوق الدولار هي قصة عرض وطلب كما يفسره الاقتصاديون . ما يجري هو عمل مدروس وممنهج لشل اقتصاد الدولة وضربه في مقتل .. دعونا نسأل الذي يشتري الدولار من السوق الموازي ب 250 جنيه .. ماذا يريد ان يفعل بهذا الدولار الملعون ,؟ هل يريد ان يستخدمه لاستيراد سلعة ما من الخارج ؟ وكم ستكون قيمة هذه السلعة عندما يتم استيرادها بهذا الرقم المخيف ؟ ثم من من السودانيين في استطاعته ان يشتري هذه السلعة عندنا تعرض في الاسواق المحلية ؟؟

القصة ليست كذلك .. الدولار اصبح سلعة مثلها ومثل اي سلعة اخرى كالسكر او الزيت يباع ويشتري ويتم زيادة سعره على هوى البائع بدون اي ضابط او رابط .
وللاسف الشديد الدولة تجلس في كراسي المتفرجين وكأن الامر لا يعنيها في شيء وكل الذي تفعله الدولة انها ومن وقت لاخر تعلن عن القاء القبض على التاجر الفلاني او العلاني ومعه كم الف من الدولار .. والساقية ( مدورة) لا التجار توقفوا ولا الحكومة ابتدعت شيئا جديدا في ايقاف انطلاق الدولار .

لن نقول اننا وصلنا حافة الانهيار الاقتصادي لا بل سقطنا في القاع السحيق .

ليس امام الحكومة اي حلول أمنيه ممكنه لوقف هذا الانهيار والسقوط . الحلول يجب ان تكون حلول اقتصادية وعاجلة جدا .. لو كنت مكان رئيس الوزراء لاعلنت اليوم قبل الغد تغيير العملة ولاعلنت ايقاف الاستيراد من الخارج لمدة عام كامل الا تحت الاشراف المباشر لوزارة المالية والتجارة وحبذا لو قفل الاستيراد للشركات الحكومية فقط .. ولكنت أعلنت ان اي صادر سوداني ولمدة عام كامل لا يتم الا عن طريق الشركات الحكومية لضمان اعادة عائد الصادر لبنك السودان .

ولو كنت مكان حمدوك لكنت اوقفت استيراد اي سلعة الا الاساسية مثل الوقود والادوية والاسمدة والمبيدات وايقاف كل السلع الغير اساسية بما فيها العربات .

طبقوا هذا الحظر الشامل لمدة عام واحد لكي يتعافي الاقتصاد … نحتاج الى قرارات جريئة وقوية .
لا يمكن ان يحدث كل هذا الانهيار وحكومة الثورة تقف عاجزة هكذا دون حراك .. كفانا الكلام المنمق والناعم .. نحتاج قرارات ثورية قوية حتى موضوع الدعم ايضا نحتاج الى قرارات قوية ومؤثرة .

حمدوك الشعب يقف معك من أجل اخراج الاقتصاد من هذه الحفرة التي وقعنا فيها أما ان تكون على مستوى هذه المسؤولية الجسيمة او أعلن أنك فشلت في ذلك حتى يتدبر الشعب أمره . ثورتنا يجب ان تستمر ويجب ان تنجح بحمدوك او بغيره .. هذه ثورة دفع الشباب ثمنها غاليا من ارواحهم . أما ان تكونوا على قدرة عظمة ثورة ديسمبر او اعيدوها لشباب الثورة هم حماتها وهم قادتها .
اللهم بلغت اللهم فاشهد

مثلما فاض النيل وأعلن تمرده الكامل وخرج عن مساره مخلفا وراءه الدمار الشامل في كل شيء . لم يرحم النيل الهائج انسانا ولا منزلا ولا جسرا ولا حيوانا .. ألتهم كل من وقف في طريقه او حاول ترويضه و ارجاعه الى مساره القديم وكأن النيل يغني مع مصطفي سيد احمد ( ولا النيل القديم ياهو ولا يانا ) ولا نملك الا ان نتضرع الى الله ان يحفظ السودان وشعبه من هذا المارد الكاسر .

رمزي المصري

يمكنك ايضا قراءة الخبر في المصدر من صحيفة التحرير

عن مصدر الخبر

صحيفة التحرير