تنشيط الاقتصاد ورفع اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب، ودعم الفترة الانتقالية، وشطب الديون الأميركية على السودان، ملفات يصر رئيس المجلس السيادي السوداني عبد الفتاح البرهان على حلها قبل انتهاء مدة ولاية المجلس.
وفي الأفق تلوح فرص إقامة علاقات مع إسرائيل من شأنها أن تمكن السودان من العودة للمجتمع الدولي، عبر حل الإشكالات والمعيقات التي تحول دون ذلك.
فما العقبات الحقيقية التي تقف وراء التوصل إلى اتفاق سلام بين السودان وإسرائيل؟ وهل ستسهم العلاقات بين البلدين في تحسين واقع السودان الذي يعيش حالة من التدهور الاقتصادي والعزلة الدولية؟
عقبات اتفاق السلام
يرى الباحث السوداني، هيثم كرار، في حديثه مع “موقع الحرة” أن العقبة الرئيسية في التوصل إلى اتفاق سلام هو أن المزاج العام في البلاد لا يزال ضد التطبيع مع إسرائيل”.
لكن كرار يشير إلى أن هناك انقساما حول التطبيع مع إسرائيل داخل تحالف “قوى الحرية والتغيير”، الذي قاد الاحتجاج الذي أطاح بالرئيس، عمر البشير، من الحكم العام الماضي.
ويضيف كرار أن “القوى السياسية المهيمنة على المشهد في السودان داخل قوى الحرية والتغيير، هم في أغلبهم من الحزب الشيوعي والبعثيين الناصريين وهؤلاء رأيهم واضح في هذا الأمر حيث، يرون أنه لا يجوز من الناحية الأخلاقية والسياسية، في حين أن هناك قوى سياسة أخرى مثل أحزاب الأمة والاتحاد الديمقراطي والمؤتمر السوداني، ليس لديهم مانع (في التطبيع) لكنهم في نفس الوقت متخوفون من المناخ العام”.
وأشار إلى أنه حتى القوى الساسية المنفتحة على التطبيع مع إسرائيل تخشى من أن تخسر من رصيدها السياسي، ما يؤثر على حظوظهم في الانتخابات رغم أنه ليست هناك انتخابات في الأفق لعدم تشكيل مفوضية حتى الآن.
وكان رئيس الوزراء السوداني عبدالله حمدوك قد شرح لوزير الخارجية الأميركي، مايك بومبيو، موقف حكومته من السلام مع إسرائيل، مؤكدا أنه ليس مفوضا بإنجاز هذا الأمر، باعتبار أن حكومته انتقالية، وأن هذا الأمر يتم التقرير فيه بعد إكمال أجهزة الحكم الانتقالي.
وحول زيارة البرهان للإمارات، الاثنين، قال كرار إنه من الممكن أن تكون خطوة كبيرة في التطبيع مع إسرائيل لكن الأمر لن يحدث بالسرعة المطلوبة، ومن الممكن بالفعل أن يعقد اتفاق سلام أو تطبيع مع إسرائيل لكن لن تكون هناك بروباغندا مثلما حدث مع الإمارات لأنه لن يكون هناك تمثيل شعبي حينها.
وقالت مصادر سودانية إن مسؤولين أميركيين وإماراتيين وسودانيين سيعقدون اجتماعا “حاسما” في أبوظبي، الاثنين، بشأن اتفاق تطبيع محتمل بين السودان وإسرائيل.
وأضافت مصادر مطلعة لموقع “أكسيوس” الأميركي أنه إذا استجابت الولايات المتحدة والإمارات لطلبات السودان للحصول على مساعدات اقتصادية، فقد يتم الإعلان عن اتفاقية تطبيع مع إسرائيل مماثلة لتلك التي تم التوصل إليها مع الإمارات والبحرين، في غضون أيام.
هل التطبيع يحل الأزمة الاقتصادية؟
ذكرت وكالة السودان للأنباء أن البرهان ووزير العدل، نصر الدين عبد الباري، ضمن الوفد الذي توجه، الأحد، إلى أبوظبي، حيث يلتقي مع مسؤولين إماراتيين لبحث قضايا إقليمية.
بينما سيلتقي عبد الباري بعد ذلك مع مسؤولين أميركيين يزورون الإمارات لبحث استبعاد اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب، ودعم الفترة الانتقالية، وشطب الديون الأميركية على السودان.
ويستبعد كرار أن يحل التطبيع مع إسرائيل الأزمة الاقتصادية الخانقة في السودان، ويرى أنها “معادلة مختلة”.
ويقول “الأزمة الاقتصادية جزء منها مرتبط بالخراب المؤسسي ومشاكل في إدارة الدولة”.
ويضيف أن “رفع اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب يمكِّن الحكومة من أن تتحصل على قروض، والتي لن يكون لها أثر كبير، لأنه مهما وصلت أموال للسودان يظل التحدي في كيفية استغلال هذه الأموال وتحقيز الاقتصاد بها”.
ويقول الخبير الاقتصادي السوداني، محمد الناير، إن حمدوك أكد في لقائه مع بومبيو في 25 أغسطس الماضي ضرورة الفصل بين عملية رفع اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب، ومسألة التطبيع مع إسرائيل.
ويؤكد الناير في حديثه مع “موقع الحرة” أن “رفع اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب أمر مهم جدا لإنه تضرر منه كل الشعب السوداني قبل الحكومات باعتبار أن البنوك السودانية لا تستطيع التعامل مع المصارف على مستوى العالم”.
وأضاف أن رفع اسم السودان سيتيح الحصول على إعفاءات من الديون الخارجية تصل إلى نحو 60 مليار دولار، فضلا عن تمويلات وقروض ميسرة.