الخرطوم – الزين عثمان
يطرح البعض السؤال: هل ترك (البرهان) لاءات الرفض السوداني في ما يتعلق بالتقارب مع الكيان الاسرائيلي في الخرطوم وهو يحتقب (التطبيع) عبر شوارع أبوظبي في طريقه لقيادة بلاده لمغادرة قائمة دعم الإرهاب السوداء وإصلاح ذات البين بين الخرطوم وواشنطون؟ يجيب الكثيرون علي السؤال بالايجاب فلم تعد خرطوم الستينيات هي ذاتها خرطوم اليوم وإن طريق الوصول إلى التطبيع لم يعد محاطاً باشواك الماضي في ظل سعي محموم من أجل قطف ثمار المصلحة التي يراها الكثيرون في اتخاذ خطوة التطبيع مع إسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية. لكن السؤال في حال أنجز التطبيع هل تحل كل مشاكل السودان؟
وقالت صحيفة (جيروزاليم بوست) الإسرائيلية، إن الزيارة غرضها بحث تطبيع السودان علاقاته مع إسرائيل. وحسب الصحيفة “يطلب السودان لقاء التطبيع مع إسرائيل شحنات غذائية بقيمة 1.2 مليار دولار، وقرضا بقيمة 2 مليار دولار لمدة 25 عاما، والتزاما بتقديم مساعدات اقتصادية من الإمارات العربية المتحدة والولايات المتحدة” وأشارت إلى “الصلة بين موافقة السودان على توقيع اتفاق تطبيع وطلب إدارة ترامب إزالة السودان من قائمة وزارة الخارجية للدول الراعية للإرهاب”. وزادت: “إذا تمت تلبية هذه الطلبات، فقد يستغرق الأمر أياما فقط لعقد اتفاق تطبيع بين السودان وإسرائيل وهو ما يشير إلى الدوافع الاقتصادية في الخطوة وأن السودان يحاول الخروج من معضلته الراهنة.
الحديث عن مقابل مالي للتطبيع ينظر إليه البعض بحالة من الامتعاض ويستدعي آخرون ما حدث في القمة العربية في العام 1967 حين رفض وزير الخارجية محمد احمد المحجوب حصول بلاده علي دعم من الدول العربية مؤكداً على أن الموقف هو موقف من أجل القضية. يطرح ساعتها البعض السؤال: الأوطان هل هي لأهلها أم لمن يدفع أكثر؟ وبالطبع يمضي السؤال أكثر من ذلك: هل بإمكان الأموال إن تم دفعها أن تعالج أزمات السودان وتضع البلاد في مسارات الاستقرار؟ خصوصاً مع التاكيد على أن مغادرة البلاد لقائمة الدول الراعية للإرهاب من شأنها أن تفتح لها أبواب الاستفادة من مزايا لا تحصل عليها في الوقت الراهن؛ ففي أسوأ الفروض سيحصل السودان على أموال مشاريع التنمية وبقاء اسم السودان في قائمة الدول الراعية للإرهاب يعني أنَّ السودان لا يزال بلداً ذا مخاطر عالية، مما يؤثر سلباً على انسياب الاستثمارات الأجنبية المباشرة وغير المباشرة ويحدَّ من قدرة القطاع الخاص السوداني في الحصول على تمويل بشروط ميسرة من المؤسسات الدولية.
بالنسبة للكثيرين فإن الطريق نحو تمهيد طرق التعامل مع المجتمع الدولي في سودان ما بعد البشير أمر مطلوب لكن النظر إليه بأن هذا هو الطريق الوحيد نحو تحقيق الانتقال أمر غير منطقي ولا يحتوي على قدر من الصحة كما أن جعل عمليات النهوض مرتبطة بشكل كبير على اساس الدعم الخارجي والهبات دفعت البلاد فاتورته في أوقات سابقة في أعقاب توقيعها على اتفاقية السلام ومن بعد ذلك قبولها بخيار انفصال الجنوب لتعود الحكومة في نهاية المطاف وتؤكد عدم التزام المجتمع الدولي بتعهداته.
وبحسب الأنباء فإن رئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو شجع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب على الموافقة على تقديم المساعدات المادية للسودان من أجل الموافقة على التطبيع مع دولته لكن هذا الأمر أيضاً لا يضع الإجابة على السؤال: هل تكفي الأموال في حل المعضلة السودانية في جانبها الاقتصادي والسياسي؟ يجيب البعض بالنفي المغلظ ويؤكدون على ذلك بالنظر إلى أوضاع الدول المطبعة مع إسرائيل فمعالجة الأزمات الاقتصادية أمر يبدأ أول ما يبدأ في الداخل ولا علاقة له بالخارج والسودان أحوج ما يكون في لحظته الراهنة للتطبيع بين مكوناته الداخلية وتحقيق السلام ويحتاج أكثر لتطبيع يمكن حكومته من تحقيق المواءمة بين موارده المتاحة وبين السياسات التي تمكنها من استغلالها لتحقيق مصلحة شعبها.
يمكنك قراءة الخبر ايضا من المصدر من هنا