حاوره في مستريحة – آدم محمد أحمد
** يجسِّد موسى هلال سمة من سمات البداوة، حين يجلس بين مناصريه في تلك التلال القاحلة، ويرفض الركون إلى حياة البندر، ويتجول بين الأدغال، لا يأبه لما يجري حوله استنادًا إلى طبيعة قاسية.. ينتشر مؤيدوه على سفوح الجبال، وهم يمتلكون مقومات قتالية كافية، لحماية الرجل من أي غدر محتمل، لكن هلال يؤكد بثقة مفرطة أن الأمن أصبح مشاعاً، ودخلت المنطقة مرحلة جديدة من الاستقرار الذي يحتاج إلى أن يُدعم. يقول هلال إن وجوده كرجل إدارة أهلية وسط المجتمع مهم في هذا التوقيت، لنزع فتيل التوتر بين القبائل؛ لكونه المهدد الرئيس الماثل الآن. يعتقد هلال، أيضًا، أن وجوده كعضو في المؤتمر الوطني خاضع لشورى حول إمكانية البقاء فيه أو المغادرة.. (اليوم التالي) جلست إليه في معقله بـ(مستريحة) في ولاية شمال دارفور، فإلى مضابط الحوار:
* ما صدى زيارة نائب رئيس الجمهورية حسبو عبد الرحمن إلى ولاية شمال دارفور خاصة أنه يزور هذه المناطق لأول مرة؟
في تقديري، أنّ الزيارة كريمة لكونها من قيادات رفيعة مثل نائب رئيس الجمهورية، وهي زيارة تفقدية لمحليات لم يزرها من قبل، نتمنى أن تعقبها خدمات للمواطنين في هذه المناطق النائية التي ترونها، خدمات في مجال التعليم والصحة والمياه وهكذا.
* يُثار حديث متواتر عن وجود أجانب في جبل عامر.. ما حقيقة الأمر من وجهة نظركم؟
جبل عامر مستقر؛ والمشكلة التي كانت حوله انتهت تمامًا، والناس الآن متعايشة ومستقرة، ويوجد في الجبل تعدين أهلي وبعض الشركات، أما الوجود الأجنبي الذي ذكر من بعض المسؤولين فهو غير صحيح؛ لأنه لا يوجد أجانب مسلحون وأسلحة ثقيلة وعربات دفع في الجبل، هذا الكلام غير واقعي وغير حقيقي، وجبل عامر مفتوح وفي يد القوات النظامية، وهو يقع في حدود مفتوحة بيننا وبين بعض دول الجوار، لذلك قد يكون فيه شتات لعمال يأتون من بعض الدول المجاورة، لكن في وضعهم كعمال يساهمون في حفر الآبار ويأخذون أجورهم، لكن ليس ثمة وجود مسلح في جبل عامر.. أرسلت إدارة المعادن مندوبين من شركة المراقبة السودانية للتعدين، ووصلوا إلى الجبل، وزاروني في البادية هناك.. حتى لا يتخيل الناس أن الخلاء مليء بالمشاكل والقتل. زارني الوفد لمرتين في فرقان الإبل، ورجعنا إلى الاجتماع الثاني معهم في كبكابية، ورتبنا لهم، كشركة تعدين، أن تدخل جبل عامر، وفعلاً دخلوا الجبل، والآن باشروا عملهم.. في هذا الصدد قمنا بتشكيل لجنة حماية بالنسبة للعمل في جبل عامر، شملت كل القوات النظامية، من قوات مسلحة وشرطة وحرس حدود وجهاز أمن ومخابرات، بالتالي، فإن الكلام الذي أطلق مجرد إشاعة وغير واقعي وغير صحيح، والمؤسف أنه أطلق من جهات مسؤولة في الدولة، وبقدر ما أننا كنا نؤكد منذ عشرة إلى خمسة عشر عاماً أنه لا وجود لأجانب في دارفور، وكان حاملو السلاح والمعارضون يقولون العكس، ولكن التقرير الذي نشر وذكر من بعض المسؤولين صبّ في ماعون المعارضة، وتثبيت لشيء غير واقعي وغير صحيح، تشكَّلت لجان أمنية دخلت جبل عامر، وفحصت، ولم تر أي وجود أجنبي مسلح بالحجم الذي تمّ ذكره، ولا بحجم صغير، فقط هم شتات لعمال بسطاء ومواطنين عاديين عزل، وحتى الصحافة من قبلكم أرسلت مناديب طافوا كل أرجاء الجبل ورجعوا إلى الخرطوم وعكسوا ما يحدث.
* برأيك.. ما الهدف من مثل هذا الحديث حول جبل عامر؟
يبدو لي أن جهة ما غررت بالجهات الرسمية التي صرَّحت؛ لأن وزير الداخلية لم يزر جبل عامر، ولا شك أنها قامت بعكس معلومات غير صحيحة، وأنا شخصيًا لا أعلم ما الجهة؛ لأن مثل هذا التصريح من وزير الداخلية ينبغي أن تعقبه زيارة وتفحص دقيق، حتى لا يكون مفاجئاً.
* بعض التقارير تتهمك بالاستئثار بثروة جبل عامر وامتلاكك للكثير من الأموال التي أرسل بعضها إلى الخارج؟
اطلعت على هذا الحديث من قبل، وهو غير صحيح، وقالوا إنني أخذت (45) مليون دولار؛ فقلت لهم: اعطوني الخمسة وخذوا الأربعين.
* ما تفسيرك للاتهامات وما الهدف منها؟
على كل حال، هي تضليل، وحتى الآن لم أمتلك بئرًا للتعدين في جبل عامر، وليس همي جمع الذهب أو الأموال، إنما همي أن يستقر الناس، وبوصفي واحداً من رموز هذا البلد وواحداً من قيادات الإدارات الأهلية، بغض النظر عن علاقتي السياسية الأخرى، همي أن تعيش المنطقة في سلام واستقرار وتعايش بين مكونات المجتمع، وأن تفهم القضية وتترك التفكك والصراعات. وما زلت ألعب هذا الدور، وجئت من الخرطوم إلى هنا باعتباري رجل إدارة أهلية، وهذا عملي الطبيعي في وسط المجتمع، واجتماعاتي مع القبائل كلها بلا استثناء، لنبذ العنف وقتل المشاكل الصغيرة في مهدها، وكوّنا لجان مساعٍ حميدة أدت القسم لتعمل في هذا الجانب، ونعالج المشاكل بالعرف الأهلي الموجود، وهناك مشاكل عالجناها، لم تكن مرئية ولم تنتشر، وما دام الإنسان غير مكلف بتكليف محدد من المركز، من الأحسن أن يستفيد من وقته ويلعب دورا مفيدا على مستوى القواعد هنا.
* كان نائب الرئيس قد وجه وزير المعادن بزيارة جبل عامر.. هل ترحبون بذلك؟
نعم، بكل تأكيد، وليس في جبل عامر مشكلة؛ والمشكلة التي اتهمنا فيها الوالي السابق ووزير المعادن السابق والشركات التي جاءت إلى الجبل وساهمت في الفتنة، تلك مرحلة انتهت، والمرحلة الآن هي مرحلة استقرار، ويبدو لي أن على وزير المعادن أن يزور الجبل ويزورني في منزلي وباديتي.
* سياسياً.. هل لا زلت عضواً ملتزماً في المؤتمر الوطني أم أنك انشققت وتتجه إلى تكوين حزب آخر خاص بك؟
المؤتمر الوطني حزب فيه عدة خلايا وجيوب سياسية، وأنا واحد من قيادات المؤتمر الوطني، حينما أغادر ستكون (فرقتي) واضحة، وسأصرح بها، ولكن يمكن جدًا أن يكون هناك حراك سياسي بمسمى مختلف، لكنه سيكون نشاطا متحالفا مع المؤتمر الوطني، ولا أجد ما يبعدني عن المؤتمر الوطني.
* لديك التزامات من لقائك الشهير بإبراهيم غندور في الجنينة.. هل تم الإيفاء بكل تلك الالتزامات أم ما زال بعضها عالقًا؟
الإيفاء بالالتزامات ليس إيفاءً سريعًا يأتي هكذا بعد الجلسة مباشرة؛ لأن القضايا لها أبعاد سياسية، وحلولها قد تأتي بعد شهر أو شهرين، أو بعد سنة أو سنتين، ولكن الأمور تمضي نحو أوجه الحل.
* هل تمانع أن تتقلد منصباً في الحكومة المقبلة؟
هذا سؤال صعب الرد عليه، أنا لا أذكي نفسي للتشكيل، ولكن لا أمانع إذا كُلفت؛ لأنه ليس تشريفًا بقدر ما أنه مهام للوطن، وهي مهام كبيرة لا يدفع الإنسان نفسه إليها، ولكن إذا تمت أي رؤية في أن أشارك أو أساهم في أي مهمة؛ فالوطن ملك للجميع، وأنا واحد من المواطنين السودانيين وواحد من رموزه.
* هل شكَّلت حزبًا أم ما زلت تعمل تحت غطاء مجلس الصحوة؟
أنا لم أشكل حزباً، ولكن لدينا رؤية بأن نسجل حزبا، وهذا خاضع للشورى والتفاكر حوله، وإذا خلصنا إلى نتيجة أن نسجل حزبا، سنفعل، وهناك أحزاب (فكة) كثيرة موجودة.
* سبق أن عبّرت عن عدم رضائك عن مهامك كمستشار في ديوان الحكم الاتحادي والآن تؤكد جاهزيتك للمشاركة؟
من موقعي كمواطن عليّ دور ينبغي أن ألعبه، بغض النظر عن الموقع الذي أتبوأه، وعلى كل حال، نحن نلعب دورنا بكامل الحرية وكامل التفاعل في قضايا الوطن، وفي أي موقع وجدنا فيه.
* ما تعليقك على تأكيد الرئيس بأن 2020 آخر فترة رئاسية له وكيف ترى السودان بلا رئاسة البشير؟
تعاقبوا في حكم البلاد رؤساء كُثر، ولا شك أن البشير سيذهب يوماً ما، والسودان لا بد له من رئيس، لكن يبدو لي أن استمرار الرئيس من عدمه يخضع للشورى في الحزب، والشورى السياسية والعسكرية، وبالتالي، فإن القرار ليس بيد الرئيس إلا إذا طرأ شيء شخصي لا سمح الله.
* في إطار دورك كأحد قيادات دارفور.. هل أجريت أي اتصالات مع الأطراف الرافضة من حركات متمردة وغيرها من قيادات دارفور؟
الخطوط مفتوحة بيننا وبينهم، ولا زلنا نتحدث معهم وننصحهم بالمحافظة على البلد والاستجابة للسلام.
* برأيك.. هل قادة الحركات المتمردة قريبون من توقيع سلام مع الحكومة؟
لا أستطيع أن أؤكد أنهم قريبون من توقيع السلام، لكن برأيي أن الحكومة لا تكلّ ولا تملّ في البحث عن السلام؛ لأن العلاج عبر تشظي الحركات وتشتتها ليس علاجا نهائيا، ويبدو لي أن العلاج مهما كلف يجب أن يكون مع القيادات المؤثرة مباشرة.. مع قيادة العدل والمساواة ومناوي وعبد الواحد.
* ما دور موسى هلال في القرار الرئاسي بجمع السلاح من أيدي المواطنين وتقنينه؟
مهم جدًا أن يجمع السلاح غير المرخص، وبعده يكون مقنناً؛ لأنه لا توجد دولة دون قانون، والدولة إذا فقدت القانون، في أي جزء منها، تكون قد فقدت هيبتها.
* هل أنت جاهز لتقديم أي مساعدة في مسألة جمع السلاح؟
نعم.. “جاهز ونص”.
* ما شكل علاقتك بحكومة شمال دارفور؟
علاقتي مع حكومة شمال دارفور جيدة ويقودها واحد من الشباب العاقلين جدًا.. رجل هادئ في تفكيره وقراراته واستشاراته، وشهدت الولاية استقرارًا في عهده، وساهم حتى في استقرار ولايات دارفور الأخرى.
يمكنك ايضا قراءة الخبر في المصدر من جريدة اليوم التالي