أنفسهم ورشح من تسريبات مؤكدة للبرهان أنه سيلجأ لتشكيل حكومة طوارئ بقيادة حمدوك إذا ما تأخر الإعلان عن الموعد المحدد وانقسم الرأي العام حول هذا الحديث مابين مؤيد ومعارض وسط تأكيد العدل والمساواة بأنه ليس هناك مسوغ قانوني لحكومة الطوارئ وأن إلغاء الوثيقة الدستورية هو إلغاء لاتفاق السلام.. الجديدة المنتظرة
القاهرة: صباح موسى
تنتظر البلاد بعد غد (الخميس) تشكيل الحكومة الجديدة بعد فترة طويلة من التشاور ورفع القوائم من شركاء المرحلة الانتقالية الجدد (المكونين العسكري والمدني والحركات الموقعة على اتفاق السلام)، تسريبا التشاور حول رفع أسماء الحكومة الجديدة عكس خلافات حادة بين المكونات المختلفة للشركاء، لتمتد حتى الأحزاب المكونة للحرية والتغيير وفصائل الحركات، لدرجة وصلت إلى استياء الشارع بصورة كبيرة من تحويل القضية من بدل التركيز على أوضاع البلاد الاقتصادية المتدهورة ووضع برنامج وخطة لإنقاذ المواطن من ضيق الأحوال المعيشية، تحول الأمر إلى خلافات على المناصب دون رؤية، وكأن الهدف من تشكيل الحكومة هو إزاحة أشخاص لتولي أخرى بدلا عنها، كما أن تأخر تشكيل الحكومة مثلما أساء الشارع أساء المكون العسكري أيضا في مؤشر ربما يعكس نوايا قد تكون سيناريوهات محتملة في الفترة المقبلة.
في الموعد المحدد
الدكتورة مريم الصادق المهدي الناطق الرسمي باسم مجلس شركاء الفترة الانتقالية أعلنت أن المجلس اتفق على تسليم قائمة مرشحي الوزارات لرئيس مجلس الوزراء الدكتور عبدالله حمدوك، ليتم إعلان الحكومة الانتقالية في الموعد المحدد بعد غد(الخميس)، وكان قد عقد مجلس شركاء الفترة الانتقالية اجتماعا مساء أمس الأول(الأحد) برئاسة الفريق أول ركن عبدالفتاح البرهان رئيس مجلس السيادة الانتقالي، بحضور ممثلي كافة مكونات شركاء الفترة الانتقالية، وقالت مريم في تصريح صحفي، إن الاجتماع اطمأن على خطوات سير استكمال التوافق على تشكيل هياكل السلطة الانتقالية، وأوضحت أن المجلس استعرض الرؤية السياسية للانتقال وأولويات الحكومة الانتقالية المقدمة من حمدوك، والتي تشمل مبادئ حاكمة وأولويات لعمل الحكومة الانتقالية، وأضافت أنه بعد نقاش شفاف تم تحويل تلك الرؤية إلى مكونات المجلس لإبداء الرأي حولها بغرض التوافق عليها، عبر لجنة تنهي عملها خلال فترة وجيزة، وذلك قبل إعلان الحكومة الانتقالية، المقرر الخميس.
حكومة طوارئ
في الوقت نفسه انتقد رئيس مجلس السيادة الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان، تلكؤ قوى الحرية والتغيير والجبهة الثورية في تقديم ترشيحاتها للحكومة الجديدة، موضحا أنه لا يملك خيارا سوى الخروج للشعب وإطلاعه بيانا على الفشل في التوافق على تشكيل الحكومة، وأوردت (اليوم التالي) أمس الأول (الأحد) أن البرهان بدا غاضبا من حالة التنازع التي عطلت تكوين الحكومة، وذكر خلال الاجتماع الأخير لمجلس شركاء الفترة الانتقالية، ولوح باحتمال إقدامهم على تشكيل حكومة طوارئ برئاسة د. عبد الله حمدوك حال عدم التزام الشركاء بتكوين الحكومة بالسرعة اللازمة، مشيرا إلى أن أوضاع البلاد لا تحتمل المزيد من التلكؤ، فيما طلب بعض قادة الحرية والتغيير من البرهان عدم الإقدام على تلك الخطوة، ووعدوه بالإسراع في إنجاز المهمة، وفق المصفوفة الزمنية، التي اعتمدها مجلس الشركاء.
سيناريوهات محتملة
حديث البرهان في هذا التوقيت يطرح سيناريوهات محتملة في المرحلة المقبلة مابين انقلاب جديد نتيجة نفاذ صبر المكون العسكري من المدني وبين الدعوة لتشكيل حكومة طوارئ، أما السيناريو الأول فيطرح سؤالا مفاده هل الانقلاب الجديد سيصطحب معه الحركات المسلحة ويقوم بإخراج الحرية والتغيير من المشهد، السيناريو الثاني يعتمد على موافقة حمدوك لتولي حكومة الطوارئ الجديدة، وعلى رد فعل قوى الحرية والتغيير من هذا التصرف وهل ستكتفي بالخروج أم ستتحول لقوى معارضة تعرقل الكثير من مسيرة المرحلة، وبجانب هذين السيناريوهين يبقى الخيار المتوقع وهو الالتزام بتشكيل الحكومة في موعدها ليبقى السؤال الأهم عن مدى انسجام المكونات المختلفة فيها وعن الرؤية الجديدة للمرحلة المقبلة، وفي كل الاحتمالات مازالت الرؤية ضبابية وتعكس أن القراءات الصحيحة لباقي مستقبل المرحلة الانتقالية غير واضحة المعالم.
مؤيد ومعارض
تسريبات حديث البرهان انقسم حولها الخبراء والمتابعون، مابين من يرى أن حديث رئيس مجلس السيادي منطقي ومعقول نسبة إلى تأخر تشكيل الحكومة نتيجة الخلافات الحادة التي عكست أن التشكيل سيبنى على المحاصصة وليس الكفاءة، ورأى أنصار هذا الفريق أن حديث رئيس مجلس السيادة الانتقالي يدل على أنه بداية تحالف عسكري مدني، وأن البرهان لم يرسل تهديده من فراغ، وأن ما ذهب اليه يدل انه في مركز قوة، وربما وجد دعما داخليا أو خارجيا أو انطلق من ضعف الحاضنة السياسية، بيد أن هناك فريقا آخر رفض هذا التوجه، وأكدا أنصار هذا الفريق أنه سيزيد من سخط الشارع، وأنه ليس من حق البرهان تشكيل الحكومة، وأن مهمته معروفة وهو ليس رئيس الجمهورية، وأن رئيس الوزراء هو الرئيس الفعلي للسودان في النظام البرلماني.
الشيوعي يهاجم
الحزب الشيوعي سارع من جانبه بانتقاد ما رشح عن حديث البرهان والهجوم عليه، مؤكدا أن رئيس المجلس الإنتقالي يريد الاستيلاء على السلطة بالطريقة المصرية – على حد تعبيره-. وقال القيادي بالحزب الشيوعي صدقي كبلو إن رئيس مجلس السيادة الانتقالي الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان يشعر بأنه قائد للثورة، فضلاً عن أنه يمكن أن يستولي على الحكم بالطريقة المصرية، وأضاف كبلو في تصريح صحفي أمس (الإثنين) نحن قررنا أن يكون حكم الجبهة الإسلامية آخر حكم عسكري لذلك لا مجال لعودة حكم عسكري جديد، وأوضح أن عدم تشكيل حكومة حتى الآن لا يعني فراغاً بل هنالك مجموعة من الوزراء يسيرون أعمال الحكومة، كما أن عدم التشكيل لا يعني أن ينفرد الفريق البرهان بتشكيل حكومة لوحده، وأبدى كبلو استعدادهم لرفض أي حكومة يرفضها الشعب، بجانب رفضهم لأي حكومة تشكل عبر المحاصصات، وأضاف أن تشكيل الحكومة يجب أن لايكون بالطريقة القديمة بل يجب أن يكون من قوى الثورة وأن يبعد اللجنة العسكرية منها، لجهة أن تحقيق السلام والتحول الديمقراطي لا يأتي إلا عبر تلك الوصفات لتشكيل الحكومة .
مزيد من التشاور
الدكتور جبريل آدم بلال المستشار السياسي لحركة العدل والمساواة يرى من جانبه أن تأخير تشكيل الحكومة بغض النظر عن أنه نتيجة محاصصات، فالأساس فيه هو مزيد من التشاور. وقال بلال لـ (اليوم التالي) إن الفترة السابقة عندما تم تشكيل مجلس شركاء المرحلة الانتقالية شهدت انتقادات حادة حتى بين الشركاء أنفسهم حوله بأنه لم يأخذ تشكيله التشاور الكافي، مضيفا تلافيا لمثل هذه الإشكالات، وحتى لا تتعرض هياكل السلطة الانتقالية لانتقاد جديد، كان لابد من التأخير في تشكيل الحكومة لمزيد من المشاورات، لأن هناك معايير للترشيح، بجانب رفع الترشيح من المكونات الثلاثة في السلطة (العسكري- الحرية والتعيير- أطراف السلام)، بالإضافة إلى اختيار رئيس الوزراء من هذه الترشيحات التي ترفع من كل مكون، وقال لا أستطيع أن أقول أن المحاصصة بعيدة عن هذا التشكيل، مؤكدا أنها موجودة، وأن التأخير في نفس الوقت ليس بسببها، إنما بسبب التوافق حتى لا يتعرض مجلس الوزراء الجديد للانتقاد، مضيفا أكملنا الشهر الرابع بعد توقيع اتفاق السلام، والحديث عن مشاورات غير مبرر للناس وحتى الشركاء أنفسهم، لافتا إلى أن حديث البرهان عن تشكيل حكومة طوارئ بقيادة حمدوك ليس له مسوغ قانوني، وقال إن الوثيقة الدستورية واضحة، وكذلك مجلس الشركاء له دور واضح، وتابع ولذلك لا أعتقد أن حل البرهان أو تشكيل الحكومة إلا في خارج الإطار، مؤكدا أن وثيقة السلام لم تخترق الوثيقة الدستورية، وقال إن وثيقة السلام بنود تم الإتفاق عليها بين الحكومة الانتقالية وأطراف السلام، بتعديل الوثيقة الدستورية حتى تتوائم مع اتفاق السلام، مؤكدا أن اتفاق السلام لم يكن إختراقا للوثيقة الدستورية وإنما بتعديل الوثيقة وأن ذلك تم بالفعل في السابع عشر من أكتوبر الماضي، مضيفا أن إلغاء الوثيقة والإتيان بحكومة جديدة هو إلغاء لاتفاق السلام، مؤكدا أن إلغاء الوثيقة هو إلغاء لاتفاق السلام، وقال إن الإثنين أصبحا وثيقة واحدة، وأن أي تغيير سيجر البلاد إلى ما لا يحمد عقباه، ولا أحد يملك حق إلغاء اتفاق السلام، متوقعا تشكيل الحكومة في موعدها المحدد (الخميس)، وقال من المتوقع أن ترفع الترشيحات لرئيس الوزراء أمس أو على أقصى تقدير اليوم (الثلاثاء) للاختيار من بينها، لافتا إلى وجود بعض المشاورات داخل مكون أطراف عملية السلام، لكن لا يمكن الإفصاح عنها إلا بعد الإعلان عن التشكيل، وقال توصلنا على صعيد أطراف السلام إلى توافق معقول حول الترشيحات وسيتم حسم الباقي خلال الساعات القليلة المقبلة، وقال لا ينبغي أن يكون التأخير من جانبنا، ولذلك أتوقع تسليم المرشحين في موعده، مضيفا هناك تحديات كبيرة ستواجه التشكيل الحكومي الجديد، ولذلك قبلنا التحدي رغم الصعوبات التي ستواجهنا، حتى نلبي احتياجات المواطن وتحسين ظروفه المعيشية في هذا الوضع الصعب على أقل تقدير.
المصدر من هنا