قيادات في النظام السابق والحركة الإسلامية تلقت ضربة موجعة عبر توسيع نطاق الاعتقالات.
العرب اللندنية – قالت مصادر سودانية مختلفة، إن حملة الاعتقالات التي قامت بها الأجهزة الأمنية خلال الأيام الماضية لعشرات من القيادات والكوادر في حزب المؤتمر الوطني (المنحل) قادت إلى توفير درجة عالية من الهدوء في عدد من مناطق شرق وغرب البلاد، بعد توقف العنف والتحريض عليه، وسيتزايد الهدوء الفترة المقبلة.
وأكد القيادى بتجمع المهنيين السودانيين، مولانا إسماعيل التاج، في تصريحات نشرتها صحف محلية، الاثنين، أن توقيف عناصر تنتمي لنظام الرئيس عمر البشير متهمة بالتحريض على أعمال عنف وتخريب، أدى إلى استقرار في الولايات، وهي خطوة استباقية لمنع الاحتجاجات.
وأوقفت السلطات، الأحد، القيادي السابق الطيب مصطفى (خال الرئيس المعزول عمر البشير) وهو رئيس حزب “منبر السلام العادل الإسلامي”، ضمن حملة ضد شخصيات سياسية وإعلامية محسوبة على حزب المؤتمر الوطني الحاكم خلال عهد البشير، عقب أحداث شغب شهدتها بعض المدن مؤخرا.
وحجّمت عملية الاعتقالات الأخيرة زحف سيناريو تصدير العنف إلى خارج ولايات الهامش والأطراف، ومنعت امتداد نيرانه المستعرة إلى الخرطوم، باعتبارها مركز الثقل والجذب والأضواء السياسية، حيث يوحي تزايد الاحتجاجات داخلها بأن هناك رفضا شعبيا للسلطة الانتقالية، وهو ما يقلل من أسهمها في الشارع.
وقال رئيس حزب المؤتمر شريف عثمان، إن الأجهزة الأمنية رصدت خلال الفترة الماضية عددا من الاجتماعات لعناصر النظام البائد تنشط لتنفيذ مخططات متعلقة بتنفيذ احتجاجات ذات طابع غير سلمي.
وأضاف لـ”العرب”، أن موجة احتجاجات بدأت في ثماني ولايات، اتخذت طابعا تخريبيا وشهدت أعمال سرقة ونهب وحرق لمقار حكومية، وكان لابد للأجهزة المختصة أن تتخذ حزمة من الإجراءات اللازمة لمواجهة العناصر القيادية في هذه الأنشطة، والكوادر التي تقوم بالتنفيذ.
وأوضح، منذ أن أصدرت لجنة إزالة التمكين أمرها بالقبض على عناصر النظام السابق وفتح بلاغات في مواجهتهم، بدأت الأوضاع في الهدوء والاستقرار، ما يؤكد أن هناك عناصر من بينهم عملت على نشر الفوضى خلال الفترة الانتقالية، لجر البلاد إلى حلقة جهنمية من العنف، وفتح الطريق لتبرير حدوث إنقلاب عسكري جديد.
وتلقت فلول البشير وقيادات في الحركة الإسلامية التي تعمل بالتنسيق معهم ضربة موجعة جراء توسيع نطاق الاعتقالات، والتي لم تقتصر على الصفوف الأولى، بل شملت قيادات من الصفوف الثانية والثالثة، وبلغ عدد من اعتقلوا، حتى يوم الاثنين، نحو 200 شخص، يمثلون وزنا مهما في حزب المؤتمر الوطني الذي استغل التململ في صفوف الشارع من احتدام الأزمات الاقتصادية وحاول القفز عليها سياسيا.
واسترجعت السلطة الانتقالية، بشقيها العسكري والمدني، جانبا كبيرا من الثقة التي جرى التشكيك فيها بعد توجيه اتهامات بأنهما يتهاونان في تفعيل لجنة إزالة التمكين واسترداد الأموال ولم تتخذ إجراءات كافية ضد القيادات التي عملت بجوار البشير، والعمل على محاسبتهم بجدية على كل ما ارتكبوه من فساد واستغلال نفوذ.
وحلت الأجهزة الأمنية لغزا حيّر كثيرين عندما اشتعلت توترات قبلية في منطقة شرق السودان، وعجزت عن وقفها لفترة طويلة، وتدثرت عناصر الحركة الإسلامية وفلول البشير بنزاع قبلي قديم بين قبيلتي البني عامر والنوبة، ضاعف من صعوبة اكتشاف العناصر المحرضة عليه، وكلما هدأ العنف قامت بإشعاله بأدوات متباينة، الأمر الذي جعل المواطنين يصبون نقمتهم على مجلسي السيادة والوزراء.
وتكرر المشهد أكثر من مرة في إقليم دارفور، وراح ضحية العنف الذي حدث في الإقليم الشهر الماضي المئات من المواطنين بين قتيل وجريح، ووجهت أصابع الاتهام إلى عناصر قبلية أيضا، ولم يتم الالتفات إلى دور فلول البشير، عمدا أو جهلا.
وتوقع مراقبون أن يقود التوسع في القبض على القيادات الإسلامية والكوادر الحركية في حزب المؤتمر إلى طمأنة قوى الثورة بأن السلطة تتناغم مع أهدافهم، ما يعيد جزءا من الثقة المفقودة في الأجهزة الأمنية التي تشير إليها دوما أصابع الاتهام عند كل حادث يقع هنا أو هناك.
وحذر هؤلاء من أن يؤدي التوسع في التوقيف إلى الدخول في مرحلة خطيرة من العنف والعنف المضاد، في ظل امتلاك عناصر محسوبة على الحركة الإسلامية كميات كبيرة من الأسلحة، جرى تخزينها منذ فترة ولم يتم استخدامها حتى الآن، كما أن الكتائب المسلحة التي تشكلت في عهد البشير لا تزال تحتفظ بذخيرتها الحية.
ونشرت صحف محلية خلال الفترة الماضية تقارير عن تسرب عناصر متطرفة من مالي عبر تشاد ومنها إلى السودان، ما استدعى زيادة التنسيق بين الخرطوم ودول الجوار خوفا من تصدير جديد للعنف.
المصدر من هنا