السودان الان

لاتزال الأوضاع في إثيوبيا تعاني انفلاتا كبيرا بسبب الأعمال التي تمارسها المليشيات القبلية في بني شنقول.. بينما تزداد معدلات اللاجئين نحو السودان وتكتظ المعسكرات في ولاية النيل الأزرق بالفارين من الجحيم.. “غرب إثيوبيا”

مصدر الخبر / صحيفة اليوم التالي

 

الخرطوم – مهند عبادي.

عقب توتر الأوضاع على الحدود مع الجارة إثيوبيا بسبب النزاع على الأراضي وعدم اعتراف أديس أبابا بالاتفاقيات الدولية الخاصة بالحدود بين البلدين، وإصرارها على رهن الجلوس للتفاوض بشروط غير مقبولة للخرطوم ، تبقى مسألة دعم القوات المسلحة في انتشارها على الحدود أمرا لا جدال فيه، سيما في ظل شبح الحرب الذي يخيم على مستقبل الأوضاع في المنطقة، وتأتي هذه التوترات بين السودان وإثيوبيا في وقت تعطلت فيه العلاقات بين البلدين بالفعل، بسبب سدّ النهضة الإثيوبي الذي اتخذت أديس أبابا قرارا أحادي الجانب بالبدء في ملء خزانه.

لم تنقض أسابيع على هدوء الأوضاع في إقليم التغراي حتى انفتحت طاقة أخرى للجحيم عبر الهجوم المنظم من قبل المليشيات الإثيوبية ضد بعض القوميات الأخرى في إقليم بني شنقول بغرب أثيوبيا والذي اختارته العاصمة أديس أبابا لإقامة مشروع سد النهضة على النيل الأزرق، على بعد نحو 40 كيلومترا من الحدود السودانية، ونفذ مواطنو إقليم بني شنقول ومؤسسة بني شنقول لحقوق الإنسان وقبائل المنطقة وقفة احتجاجية أمام مبنى الأمم المتحدة بالخرطوم حيث شارك في الوقفة التي تمت ظهر أمس عمد ومكوك وقيادات المنظمات المجتمعية.
وسلموا مذكرة عاجلة لمندوب الأمم المتحدة، أكدوا فيها أن شعب بني شنقول أصبح هدفاً سهلاَ للحكومة الإثيوبية وقومية الأمهرا التي تسعى لفرض هيمنتها على ولاية بني شنقول لذلك تبنت قومية الأمهرا استراتيجية تقوم على التطهير العرقي ضد شعب بني شنقول و أن هذه الاستراتيجية الغارقة في نرجسيتها لا تعترف باحتياجات أو رغبات أو طموحات السكان الأصليين لبني شنقول وغيرهم من شعوب وقوميات إثيوبيا في العيش بكرامة وتحت نظام فيدرالي يضمن وحدة البلاد، وهي نفس السياسات التي اعتمدها نظام أبي أحمد.
وأكدوا أن الأمهرا بالتضامن مع القوات الفدرالية يقومون بشن هجمات مراراً وتكراراً على قرى بني شنقول في حملات منظمة للتطهير العرقي والتي لم يستنثن منها حتى الأطفال والنساء وكبار السن.

 

مراقبون يؤكدون أن هذه التوترات بالإقليم لم تحدث من فراغ وأنها مقصودة سيما في ظل أنباء تتحدث عن عمليات تطهير عرقي وإبادة في حق كل المكونات الأصيلة من بني شنقول في سبيل المضي قدما في تنفيذ السد وممارسة المزيد من الضغوط على السودان.
الصراع على الحدود بين البلدين يبدو أنه سيتجه إلى المزيد من التعقيد في ظل تعنت إثيوبيا وتنكرها للخرط والاتفاقيات الدولية المنظمة للحدود ، وفي ظل التصعيد الذي تمارسه إثيوبيا والضغط المتزايد من أجل كسب الوقت لتحقيق أهدافها في سد النهضة ، يرى خبراء أن الخرطوم يمكنها أن تتقدم بالمزيد من الضغوط عقب نجاحها في استعادة أراضي كبيرة من الفشقة إلى نشر القوات المسلحة والسعي لاستعادة بني شنقول من إثيوبيا باعتبارها هي الأخرى أراضي سودانية ذهبت إلى إثيوبيا بقرار من المستعمر الإنجليزي.
ويدعو مراقبون الحكومة إلى أن تضع نصب أعينها كمية التدفقات الكبيرة للاجئيين الإثيوبيين نحو الولايات المتاخمة للإثيوبيا، فعقب أزمة التغراي بدأت أعداد اللاجئين تتزايد حاليا على ولاية النيل الأزرق بسبب الهجمات التي تنفذها المليشيات الإثيوبية على بعض الإثنيات في الإقليم المتاخم للولاية والذي يقع فيه سد النهضة ، ونقلت الزميلة التيار قبل يومين خبرا مفاده أن مئات الإثيوبيين فروا هاربين من الأحداث التي تقع في إقليم بني شنقول الإثيوبي إلى داخل ولاية النيل الأزرق في ظل استمرار عمليات التطهير العرقي والإبادة الجماعية التي تمارسها ضدهم مليشيات وجيش إثيوبيا لتفريغ منطقة السد من سكان بني شنقول، وناشدوا منظمات الإغاثة الطوعية الوطنية والأجنبية بضرورة، حيث يتواجدون الآن في معسكرات اللاجئين في النيل الأزرق ،ومعلوم أن منطقة بني شنقول قمز عبارة عن فسيفساء عرقية تم إنشاؤها من الصفر عام 1991 مع إنشاء النظام الفدرالي في إثيوبيا، بعد سقوط منغيستو هايلي مريم، وتتولى مقاليد السلطة الإقليمية وفقا لدستور هذه المقاطعة الصغيرة مجموعات السكان الأصليين من القمز والبرتا والشناشا، ولكن مجموعتي الأورومو والأمهرة اللتين تشكلان الأغلبية في إثيوبيا، ولهما وجود في الإقليم ترفضان بشكل متزايد هذه الامتيازات

وتعكس هذه المنطقة أمراض إثيوبيا الحالية، حيث تلجأ مجموعات الشعوب “الأصلية” لتسييس انتمائها العرقي، خوفا من فقدان أراضيها لصالح الأورومو والأمهرة، كما تشكو هذه المجموعات من عدم الوصول إلى التعليم والتمثيل في وسائل الإعلام، ومن كونهم ضحايا التمييز العنصري.
وفي خضم ذلك برزت مطالبات تدعو الحكومة الانتقالية إلى العمل على استعادة منطقة بني شنقول من إثيوبيا باعتبارها أرضا سودانية خالصة ، ويقول البروفيسور عمر حاج الزاكي أستاذ الآثار والتاريخ القديم إن إقليم بني شنقول سوداني أرضاً وشعبا وإلى عهد الدولة المهدية كان يتبع للسودان ، مضيفا أن الأوضاع تبدلت في عهد الاستعمار الإنجليزي الذي منح الإقليم لأثيوبيا، ويقول الزاكي إن سد النهضة فكرته وهو مشروع أراد من خلاله الإمبراطور هيلاسلاسي السيطرة على السودان ووضعه تحت الضغط فإن حبس المياه مشكلة وإن أطلقها مشكلة أخرى ولذلك الوضع خطير وينذر بكارثة على السودان.

والإقليم بحسب خبراء يشكل حضارة سودانية قديمة حيث كانت مملكة الفونج وسلاطينها وسلطاناتها في هذه الأرض وهي أرض الذهب والرجال وكان السبب الأساسي في غزو محمد علي باشا للسودان حيث كان يريد الحصول على الذهب من الإقليم بالإضافة للرجال الأقوياء الشجعان من قبائل الإقليم للاستعانة بهم في جيشه هذا كله مدون في كتب التاريخ القديم وهذا يبين قدم انتماء هذه الأرض وشعوبها للسودان والسودان كان غنيا جداً بالموارد خصوصاً الذهب الكثير في إقليم بني شنقول ولكن السودانيين أهملوه وأهملوا الكثير بسبب التجاهل أو عدم معرفتهم
ويقول زعيم حركة تحرير شعب بني شنقول، السفير يوسف ناصر في إفادة مبذولة عندما قامت الثورة المهدية (1888 – 1891) كنا جزءاً من الدولة المهدية، حتى استرداد بريطانيا ومصر للسودان، وخلال الثورة استغلّ الإمبراطور الحبشي، منليك الثاني (1844 – 1913)، الاضطراب في تنفيذ استراتيجية توسعية، وضع أسسها في خطابه الذي وزّعه على القنصليات والهيئات الدبلوماسية، عام 1891، وتضمّن الاستيلاء على أراضٍ سودانية، من بينها إقليمنا..

المصدر من هنا

عن مصدر الخبر

صحيفة اليوم التالي