السودان الان

الفحص الأمني.. نظر ة من زوايا أخرى

مصدر الخبر / جريدة التيار

 

 

الخرطوم: بهاء  الدين عيسى

تباينت الآراء حول إجراء الفحص الأمني للقيادات  السياسية  المرشحة لتولي مناصب وزارية أو دستوية في  البلاد، يرى البعض أنّ عملية الفحص الأمني تتم في كل الدول بلا استثناءٍ للقيادات الدّستورية في أيّة حكومة كَانت، ولكنها تَختلف من دولةٍ لأُخرى، ومن أنظمة لأُخرى، فيما يعتقد آخرون أنها خطوة غامضة في بعض الأحيان، القصد منها إقصاء البعض أي  أنها سياسية في المقام الأول وتسخدم فقط للتخلص من أسماء مرشحة ذات ثقل وقواعد جماهيرية.

سقوط في الفحص

وكان  وزير التربية والتعليم السابق محمد الأمين كشف عن أنه تقدم بخطابات لرئيسي مجلس (الوزراء)، و(شركاء الفترة الإنتقالية، لتبيين الإتهامات الموجهة إليه؛ بعد أن تردد “أن استبعاده كمرشح لوزارة التربية والتعليم بسبب عدم اجتيازه للفحص الأمني”، وقال الوزير السابق في مقال نشرته (التيار) أمس، “أرسلت رسالة إلى السيد  رئيس الوزراء بتاريخ 9 فبراير 2021 ، طالباً منه توضيح طبيعة الاتهام الموجه لي، صوناً لسمعتي وإحقاقاً للحق والتزاماً بمبدأ الشفافية، غير أنني لم أتلقَ رداً على تلك الرسالة رغم مضي وقت طويل عليها”، وأضاف “ولما كان السيد رئيس الوزراء لم يرد على استفساري، بعثت، بتاريخ 2 مارس 2021، رسالة إلى السيد رئيس مجلس شركاء الفترة الانتقالية استفسر فيها عن مغزى استبعادي من قائمة المرشحين لوزارة التربية والتعليم بذريعة “الفحص الأمني”، ولم أتلق أيضاً، وقد مضى ما يقرب من الشهر على رسالتي، رداً عليها”، واعتبر التوم إن عدم رد رئيس مجلس الوزراء ورئيس مجلس الشركاء على “الرسالتين” فيه غمط لحقه في معرفة المقصود من عدم تجاوز عتبة “الفحص الأمني” وتعريض لسمعتي للظنون والشكوك والألسن، مشيراً إلى أنه رأى إطلاع الرأي العام والمواطنين الشرفاء بما جرى، ليقفوا على حقيقة ما حدث.

رؤية مختلفة

يرى الخبير  القانوني  اللواء شرطة (م) حقوقي د. الطيب عبد الجليل يرى في حديثه لـ(التيار) بأن الفحص الأمني  الغرض منه بصورة عامة  الوقوف  على معلومات في غاية  الدقة  من قبل  جهاز المخابرات  العامة عن شخص ما  وهل هو يمارس نشاطاً هداماً ضد الدولة وليس  حقائق  دامغة إذا وجدت تلك  الحقائق تحاكم  ويتابع: “ولكن الفحص الأمني بالاشتباه .

ويقول عبدالجليل إن أصحاب  المناصب الدستورية والسياسية لا يخضعوا لمعايير الوظيفة المتعلقة بهيكل  الدولة بدءاً من وزير وحتى مدير عام . ويمكن أن يخضع للفحص  المتقدمون  لوظائف بالدولة سواء كضابط بالقوات المسلحة أو الشرطة أو وكلاء نيابة أو غيرها، ونوه إلى أن هناك فرقاً بين الفحص الأمني  والجنائي .

بدعة للنظام البائد

من جهته، يقول المحامي معاوية خضر بأن الفحص  الأمني  بدعة ابتكرها  نظام    الإنقاذ خلال  سنوات  حكمه  الـ(الثلاثين)  ويتم  غالباً  من  جهاز الأمن والمخابرات  وقتها .ويشير :”يتم إجراء  الفحص حال ترشح  أحد الأشخاص  لمنصب في  الدولة حيث  يطلب  من السلطات  الأمنية أعداد تقرير يحوي  عن معلومات دقيقة عن الشخص (هل هو معارض؟ هل لديه  أنشطة  معادية  للنظام؟ “، على ضوء ذلك يتم  استبعاد المرشح  لمنصب  أو قبوله ويضيف  بأن ” الفيش” يتم  إجراؤه لدى الشرطة وهو يتعلق  بجرائم جنائية لأي مدان من خلال الاضطلاع على الملف لدى  المباحث  والأدلة الجنائية

فرية للإقصاء

وفي  فبراير لماضي أعتبر وزير التربية والتعليم السابق، محمد الأمين التوم، أنّ الفحص الأمني”فريّة ” لإقصاء العناصر الثورية المؤمنة ببرنامج الثورة، وأشار إلى أنّ فلول النظام المباد والموالين لهم، يبحثون عن أيّ منفذٍّ لمحاصرة حكومة الفترة الانتقالية.

تقليص صلاحيات الأمن

ووفقاً للأكاديمي والأستاذ بمعهد الدراسات الدبلوماسية بوزارة الخارجية د. عبد الرحمن أبو خريس فأن  الفحص  الأمني  ما بعد سقوط نظام  المخلوع عمر البشير لا يتم  عبر جهاز  الأمن باعتبار أن حكومة ما بعد الثورة قلصت  صلاحيات   الجهاز وصار  جهاز المخابرات  العامة إدارة  معلومات فقط لا أكثر بعد حل  إدارة  العمليات المعروفة بولائها للحزب المحلول  والحركة الإسلامية .

ويعتقد أبو خريس في حديثه لـ(التيار) أن الأمر يخلو من أمر المُزايدات السياسية،   أنّ الفحص مَعْمُولٌ به في كل الحكومات بما فيها النظام السابق، مشدداً على ضَرورة الفحص في الفترة المُقبلة على اعتبار أنها فترة شفافية يتوجّب معها وضع الشخص المناسب في مكانه المُناسب.

خلل في الاختيار

ويضيف  محدثي أن الفترة الأولى  من الحكومة الانتقالية شابها  الكثير  من الخلل باعتبار أن الشخصيات  التي  تم إختيارها لم تكن بحجم المسؤولية  ولا ثورة ديسمبر  المجيدة التي ضحى من أجلها  الشباب  بدمائهم الطاهرة من أجل اقتلاع النظام السابق ، لذا  كان  المطلوب  من دولة رئيس  الوزراء  أختيار  توليفة جديدة من الكفاءات يمكن من خلالها العبور بالبلاد إلى مرحلة نهضوية وتنموية

وعرف السودان الفحص الأمني ما بعد الاستقلال، وفقاً لما ذكره  أبو خريس فإنّه إجراءٌ له أبعاد أخرى من المُمكن أن تُؤثِّر في الأمن القومي للبلاد، واعتبره حقاً أصيلاً في معرفة من يتولّون المناصب الرفيعة في البلاد، وطالب بضرورة إلحاق إقرار ذمة للفحص الأمني، ومعرفة مُمتلكات المرشح حتى يتم عمل مُقارنة قبل وبعد تَولِّيه المنصب.

وثمة جدل واسع في السودان حول بعض الأسماء المرشحة لمناصب حكومية في ظل اتهامات لهم بالعمالة لدول غربية دون أي إثبات  خاصة من فلول النظام  البائد التي تهافتت على الأسافير لتعكير صفو الفترة الإنتقالية.

وبدأ السودان، في 21 أغسطس2019 ، مرحلة انتقالية من 39 شهرًا، تنتهي بإجراء انتخابات، ويتقاسم خلالها السلطة كل من قوى التغيير والمجلس العسكري.

ويأمل السودانيون أن ينهي الاتفاق بشأن المرحلة الانتقالية اضطرابات متواصلة  منذ أن عزلت قيادة الجيش في 11 أبريل2018  عمر البشير من الرئاسة (1989 – 2019)، تحت وطأة احتجاجات شعبية.

 

المصدر من هنا

عن مصدر الخبر

جريدة التيار