الأبيض: سعد محمد علي
حالة من الترقب والانتظار تنتظم الشارع في شمال كردفان، قبيل إعلان التشكيل الوزاري الجديد، الأمر الذي دفع الناس إلى طرح الكثير من التكهنات حول ماهية التشكيل الوزاري وذهبوا في ذلك كل حسب تكهناته ورؤيته أو التوقع الذي يلمسه من واقع الأشخاص وإمكانياتهم لسد المواقع التي تم ترشيحهم لشغلها، ولكن الشيء الذي غاب على البعض أن التشكيلات التي رسموها لم تخضع لمقاييس إتاحة الفرص لوجوه جديدة من حقها أن تتبوأ مواقع دستورية حسب محددات الإحلال والإبدال.. وقوانين الطبيعة في التغيير.. وبرنامج إصلاح الدولة الذي طرحته رئاسة الجمهورية.
وبالنظر إلى واقع حكومة شمال كردفان فإن هناك العديد من الوجوه تكررت كثيرا على المسرح السياسي مما وضعها في مسمى (الكنكشة الإدارية) فمنهم من تقلد مواقع دستورية وتشريعية على مر العشرين سنة الماضية وبالتالي قلص الفرص أمام الوجوه الشابة الجديدة في إبراز إمكانياتها.. ومنهم من اعتبر أن تلك الوظيفة (مفصلة) على شخصيته فتمسك بها دون النظر إلى إتاحة الفرصة لغيره ليقدم إنجازات وإبداعات يكتنزها لهذه الفرصة.
التكتم الذي يفرضه والي الولاية على لونية الوزارات الجديدة التي سيتم تشكيلها فشلت معه العديد من التكهنات في كشف ولو بصيص يلوح من على الأفق.. هذا التكتم جاء نتيجة للمزيد من المشاورات ودقة الاختيارات.. ومولانا أحمد محمد هارون والي ولاية شمال كردفان يملك كاريزما قيادية تمكنه من إخفاء كل ملامح التوقعات التي يمكن أن يتوقعها أي فرد حتى لا يفسد عنصر المفاجأة عند إعلان الحكومة الجديدة.. مما جعل كل تلك التوقعات مجرد تكهنات تذروها الرياح، ولكن.. بقراءة متأنية ونظرة فاحصة للحكومة القديمة فإن هناك الكثير من الفشل صاحب العديد من الذين يتبوأون مواقع تنفيذية يرى الشارع السياسي حتمية تغييرهم.. واختيار بدلاء لهم.. أو على أقل تقدير.. افساح الفرص لوجوه جديدة تملك النشاط والحيوية خاصة وأن معظم تلك الوجوه قضت فترات في الحكم دون تغيير وجب عندها تجديد النشاط بدماء نشطة.
على مستوى المعتمدين.. فإن هناك العديد منهم وجب تغييرهم حيث تكررت وجوه في العديد من المواقع وقضى معظمهم فترتين في هذه المواقع كمعتمد الرهد أبو دكنة.. الذي شغل هذا الموقع في بارا والرهد.. وهناك أيضا معتمد غرب بارا حيث عمل في أم روابة وأم كريدم.. إضافة إلى معتمد بارا والذي يعتبر عميد المعتمدين حيث عمل منذ غرب كردفان مرورا بأم دم حاج أحمد وسودري وانتهاء ببارا.. ومعتمد أم روابة الذي عمل من قبل معتمدا لسودري ووزيرا للمالية ومعتمدا لأم روابة الآن.. إضافة إلى معتمد شيكان الذي يرى العديد من مواطنيه بأن قراراته الأخيرة المتعلقة بإيقاف نشاط بائعات الشاي أضر كثيرا بموقعه كحاد لركب المدينة، إضافة إلى أن هناك العديد من الإخفاقات التي حدثت في عاصمة الولاية كالخلل الأمني في بعض الأحياء وتكدس النفايات في الشوارع وعدم وجود مصارف للخريف وغيرها.
أما في بقية المحليات فإن معتمد سودري لا زال حديث عهد بموقعه لم يتم الحكم عليه بعد.. وأيضا معتمد أم دم حاج أحمد الذي حقق في فترة وجيزة بعض الإنجازات تحسب له في ميزان أدائه.. أما محلية جبرة الشيخ والتي يديرها نائبا للمعتمد وهو المدير التنفيذي بعد أن حل محل المعتمد السابق فإن (أهل مكة أدرى بشعابها) والمدير التنفيذي الحالي الذي يقوم مقام المعتمد يعلم جيدا خبايا هذه المحلية المهمة فمن المتوقع تثبيته في موقع المعتمد.
في الوزارات.. أيضا هناك من قضى فترات في موقعه أو في موقع تم إحلاله منه.. لذا فإن التجديد في الوجوه مطلب مهم من مطالب الشارع السياسي.. والمؤتمر الوطني بحكم منحه (4) وزارات حسب مقررات الحوار الوطني فالمالية والاقتصاد من نصيبه وكذا التخطيط العمراني والموارد المائية المتوقع دمجهما في وزارة واحدة ووزارة الزراعة والثروة الحيوانية والتنمية الريفية إضافة إلى الشؤون الاجتماعية وتعتبر من الوزارات التي لن يفرط فيها المؤتمر الوطني.. مما يجدر بالحزب اختيار الكوادر التي يمكنها تنفيذ سياسات الحزب استعدادا لانتخابات (2020).
أما وزارات الأحزاب والتي تتمثل في وزارات الشباب والرياضة والثقافة والإعلام والصحة والتربية والتعليم والحكم المحلي.. فهذه الوزارات هي وزارات مهمة وخدمية تتطلب مجهودات من شاغليها بالعمل على تنميتها ولكنها مفصلة على عدد من الأحزاب التي تم افساح المجالات لها في أماكن أخرى.. فمثلا الاتحادي الديمقراطي لديه عضوين في المجلس التشريعي ومعتمد رئاسة ووزير ونائب رئيس في مجلس النفير.. والاتحادي الأصل لديه (3) أعضاء بالمجلس التشريعي ومعتمد رئاسة إضافة إلى مواقع أخرى.. وهذا ما أوقع الغبن لدى بعض الأحزاب التي لا تملك حتى مجرد مساعد أمين في مجلس النفير ناهيك عن معتمد رئاسة أو وزارة.. وهذا الموقف من عدم منح الفرص وتوزيعها ترى العديد من الأحزاب أن هناك ظلما واضحا وجليا يمارس ضدها رغم مشاركتها في توقيع ميثاق شرف الأحزاب وشاركت في وضع لبنة الأساس لنفير النهضة وكانت مكافأة السلطة التنفيذية إبعادها عن أي مشاركات في الوظائف.
حكومة الولاية المتوقع إعلانها.. والتي يترقبها الكثير من الحادبين والشارع السياسي.. ينظرون إليها على أنها حكومة إنقاذ وطني حقيقي.. تسعى أولا وقبل كل شيء إلى تحقيق رفاهية المواطن.. لا حكومة وجاهات وترضيات.. فهذا المواطن الذي دفع من حر ماله وقوت عياله مشاركا في نفير نهضة ولاية شمال كردفان ينتظر وبكل لهفة أن تأتي هذه الحكومة وهي تحمل بشريات وتنمية حقيقية على الطبيعة لا الورق والمنابر.. وأن ترى التنفيذ الفعلي لما تم التبشير به في الماضي.
الحكومة المقبلة.. يتوقع أن يشارك فيها كل من قام بالتوقيع على وثيقة الشرف السياسي من الأحزاب والكيانات والجماعات.. لأنها وضعت نصب عينها هدف واحد هو تنمية وتطوير هذه الولاية وبالتالي من حقهم جميعا المشاركة فيها لا ان تكون هناك مجموعات منتقاة من بعض الأحزاب ليس لها مواقع على خارطة الطريق السياسي إلا من أشخاص محددين يمثلون أنفسهم.. فهذه الأحزاب التي تم تجاهلها هي التي سندت كل خطوات النفير وشاركت بفاعلية في كل منابر ومواقع واستقبالات واحتفالات الولاية بكل الإنجازات ويحق لها الآن أن تنال حقها كاملا دون نقصان.
حكومة الحوار الوطني.. نتمنى أن تأتي على مسماها.. ومعناها.. هدفها الأول تلمس متطلبات المواطن.. والعمل على راحته والوقوف معه في سبيل تنمية هذا الوطن الصغير.. وبالتالي العبور إلى الوطن الكبير.
يمكنك ايضا قراءة الخبر في المصدر من جريدة اليوم التالي