السودان الان

سداسي كينشاسا تواصل الكونغو الديمقراطية اجتماعاتها حول سد النهضة بمشاورة الوفود كل على حدة، قبيل اجتماع وزراء الخارجية والمياه للدول الثلاث، وتؤكد المعلومات الواردة من هناك تمسك كل طرف بموقفه تزامنا مع تخبط التصريحات الإثيوبية حول نيتها في بيع المياه، وسط حالة من عدم التفاؤل بأن تصل هذه الجولة إلى توافق.

مصدر الخبر / صحيفة اليوم التالي

 

القاهرة: صباح موسى
انطلقت جولة جديدة من المباحثات حول سد النهضة الإثيوبى على مستوى الخبراء والفنيين في العاصمة كينشاسا أمس الأول (السبت)، وذلك لبحث التوصل للاتفاق على قواعد بناء وملء السد، بناء على الدعوة التي وجهتها جمهورية الكونغو الديمقراطية بوصفها الرئيس الحالي للاتحاد الأفريقي لجولة بين الدول الثلاث تستمر 3 أيام، كما بدأ الاجتماع السداسي بمشاركة وزراء الخارجية والري في كل من مصر والسودان وإثيوبيا بالعاصمة الكونغولية أمس (الأحد)، وسبق الاجتماع السداسي اجتماعات تشاورية مع كل وفد على حده.

تحديد منهجية
وفي بيان نشرته (سونا) أمس (الأحد) قالت فيه: إنه انطلقت بعد ظهر اليوم في كينشاسا عاصمة جمهورية الكونغو الديمقراطية اجتماعات دعت إليها الرئاسة الكنغولية للاتحاد الأفريقي؛ لبحث استئناف مفاوضات سد النهضة بحضور وزراء الخارجية والري في السودان ومصر وإثيوبيا، وأضاف البيان: وصلت وزيرة الخارجية دكتورة مريم الصادق ووزير الري والموارد المائية بروفيسور ياسر عباس أمس الأول (السبت) إلى كينشاسا؛ التي سبقتهم إليها الوفود المصرية والإثيوبية، وتابع البيان؛ واجتمع الوفد الفني السوداني المرافق للوزراء بمسؤولي الاتحاد الأفريقي والرئاسة الكنغولية قبيل الاجتماع الوزاري بطلب منهم، لعرض وتأكيد موقف السودان وشواغله التي شملت ضرورة تعديل وتحديد منهجية فعالة لوساطة وتسهيل التفاوض بين الدول الثلاث، وعدم قبول الملء الأحادي المعلن من إثيوبيا، وذكر البيان أنه ومن المقرر أن يبدأ الاجتماع الوزاري أمس (الأحد) بكلمات من الرئيس الكنغولي رئيس الاتحاد الأفريقي وكلمة من مفوض الشؤون السياسية.

الاتفاق أولاً
أما وزير الري والموارد المائية البروفيسور ياسر عباس، فقد قال أمس (الأحد) إن الملء الثاني لسد النهضة الذي تبنيه إثيوبيا على النيل الأزرق، أحد أبرز روافد نهر النيل، يجب أن يتم بعد الاتفاق مع مصر السودان، وأضاف عباس أن الاتفاق ينبغي أن يشمل قواعد ملء وتشغيل السد، وتابع أن القاهرة تشدد على وضع منهج للمفاوضات بين الأطراف الثلاثة في المفاوضات الحالية التي تستضيفها كينشاسا عاصمة دولة الكونغو الديمقراطية، الرئيس الحالي للاتحاد الأفريقي، وقالت وزارة الخارجية المصرية إن مشاركة القاهرة تأتى في إطار حرص مصر على تلبية هذه الدعوة من جانب جمهورية الكونغو الديمقراطية الشقيقة؛ انطلاقاً من موقفها الداعي إلى إطلاق عملية تفاوضية جادة وفعالة، تسفر عن التوصل إلى اتفاق قانونى مُلزم حول ملء وتشغيل سد النهضة على نحو يراعي مصالح الدول الثلاث.

فرصة أخيرة
وتأتي هذه الجولة الجديدة من المفاوضات، قبل نحو 3 أشهر من موعد حددته أديس أبابا لبدء المرحلة الثانية من ملء سد النهضة، الأمر الذي تنظر إليه القاهرة والخرطوم بخطورة، ويعتبر الخبراء هذه الجولة هي الفرصة الأخيرة، إما أن تقبل إثيوبيا بالوساطة الرباعية التي طالبت بها السودان ووافقت عليها مصر، ويستمر التفاوض بعدها للوصول إلى اتفاق قانوني ملزم، وإما أن تظل على موقفها؛ ووقتها تتخذ القاهرة والخرطوم خطواتهما في هذه الحالة، في وقت قلل فيه مراقبون من فرص نجاح الوساطة الإفريقية في التوصل إلى اتفاق ملزم بشأن السد، الذي يهدد حصص المياه لكل من مصر والسودان، بسبب تعنت إثيوبيا، واعتبر خبراء أن فرص الاتحاد الإفريقي في حل أزمة سد النهضة ضئيلة؛ نظراً لأن الجانب الإثيوبي يسعى لفرض الأمر الواقع، ويدرك صعوبة اتخاذ قرار التصعيد العسكري ومخاطره الدولية على مصر والسودان.

بيع المياه
وعشية اجتماعات كينشاسا قالت رئيسة إثيوبيا سهلورق زودي (الجمعة) الماضي إن بلادها تستعد للملء الثاني لسد النهضة، باعتباره المشروع المهم للتغلب على الفقر، وذلك بالرغم من عدم التوصل لاتفاق ملزم مع دولتي المصب، مصر والسودان، في حين تشهد الأجواء المصاحبة للاجتماعات تخبط فى التصريحات الإثيوبية وحلم ببيع المياه، وأعلن المتحدث باسم الخارجية الإثيوبية دينا مفتي لقناة (الجزيرة) أن أثيوبيا تنوي بيع المياه، ثم يعاود الاتصال بالبرنامج خصيصاً ليتراجع عن تصريحه ويقول: إن بلاده ليس لديها فائض أصلاً من المياه.

سابع المستحيلات
وعلق الدكتور عباس شراقي الخبير المصري في المياه على حديث مفتي قائلاً :قد تحلم إثيوبيا ببيع المياه ولكن هذا من سابع المستحيلات، مضيفاً أن هذا لسببين : الأول للطبيعة الجيولوجية لإثيوبيا الحبيسة؛ والتى سوف تضطر إلى تفريغ جزء كبير من سدودها قبل موسم الأمطار، والثانى وجود السد العالي فى مصر، حيث يمدنا بالمياه التى نحتاجها إلى أن تفرغ إثيوبيا المياه، وتابع كما أنه لايوجد أي طرف آخر يمكن أن يشتري المياه من إثيوبيا حتى إسرائيل، المفروض أننا الزبون الوحيد والذي لن يشتري المياه.

خطورة الوضع
كما أعرب الدكتور مساعد عبد العاطي؛ خبير القانون الدولي في الأنهار الدولية عن أمله في أن يكون الجانب الإثيوبي قد أدرك خطورة الوضع والتحديات التي تواجه مصر والسودان في ظل اقتراب موعد الملء الثاني في يوليو المقبل، وكذلك إعلان الرئيس السيسي بصورة قاطعة رفضه لهذا الملء الثاني، وأن المنطقة ستشهد حالة من عدم الاستقرار حيال إصرار إثيوبيا عليه. وقال عبد العاطي لـ (اليوم التالي) نتمنى أن نرى جديداً من إثيوبيا في اجتماع كينشاسا اليوم، مضيفاً : لكن على مصر والسودان أن يتمسكا بضرورة أن تعلن إثيوبيا فوراً تأجيل الملء الثاني لحين الاتفاق، وأن هذا سيكون عربوناً من إثيوبيا على حسن النية، وتابع : بعد ذلك إدخال الرباعية الدولية في المفاوضات، وموافتها على التوقيع على اتفاق قانوني ملزم، وزاد: ماعدا ذلك فإن أديس أبابا ستواصل في أسلوبها من تضييع الوقت، وإظهارها للمجتمع الدولي بأنها الدولة التي تسعى إلى الوصول لتسوية سلمية، مشيرًا في الوقت نفسه إلى تصريحات رئيسة إثيوبيا بشأن إصرار إثيوبيا على الملء الثاني، مؤكداً أن ذلك لا يبشر بالخير، مطالباً بضرورة التوحد بين الرؤية المصرية والسودانية في المرحلة المقبلة، لافتاً إلى أنه في حال رفض إثيوبيا هذه الشروط في اجتماع اليوم، فإن مصر والسودان ستكونان أمام مماطلة إثيوبية جديدة في محاولة لوضعهما أمام الأمر الواقع، وقال إن البديل في حالة فشل المفاوضات هذه المرة أن تقوم مصر والسودان على الفور بإخطار مجلس الأمن لوضعه أمام مسؤولياته.

مساعدات دولية
في الأثناء أكد مصدر مطلع أن الاتحاد الأفريقي يعمل بمساعدة دبلوماسية وفنية من الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة على الخروج بتوافق محدود حول تنسيق الملء الثاني لسد النهضة وتغيير منهجية التفاوض بين الأطراف الثلاثة المشاركة في الاجتماعات المنعقدة حالياً في كينشاسا، وأشار المصدر إلى أن جولة المبعوثين الأميريكي دونالد بوث ومبعوث الاتحاد الأوروبي روبرت فاندول الأخيرة في العواصم المعنية مهدت لمناقشة مقاربة تضمن عدم خروج الملف عن السيطرة وإقناع الأطراف الثلاثة بالقبول بخارطة طريق جديدة تتصدر أجندتها، وضع آلية مرضية للتفاوض ومخاطبة مخاوف دولتي المصب السودان ومصر إزاء التأثيرات المحتملة من عملية الملء الثاني لبحيرة السد التي تعتزم إثيوبيا تنفيذها خلال شهري يوليو وأغسطس المقبلين بمقدار 13.5 مليار متر مكعب.

قدرة الاتحاد
ويأمل المراقبون أن تتوصل الاجتماعات الحالية إلى حل يجنب تفاقم التوتر والنزاع في ظل الخلافات الجوهرية التي تراكمت بين البلدان الثلاثة منذ انطلاق المشروع في 2011، وسط جدل كبير حول أهلية الاتحاد الأفريقي وقدرته على حل المعضلة الحالية، ومدى منطقية طلب السودان بتوسيع الوساطة إلى مظلة رباعية. وأكد وزير الري السابق عثمان التوم أنه في حال تحقق تلك التوقعات فإنها ستشكل تطوراً مهماً في سير المفاوضات؛ لكنها لن تقدم الحل الكامل الذي تصبو إليه السودان ومصر والمتمثل في التوصل إلى اتفاق إلزامي، يستند إلى القانون الدولي، وقال التوم لقناة سكاي نيوز عربية: إنه ورغم أنه من المبكر الجزم بما يمكن أن تنتهي إليه اجتماعات كينشاسا، إلا أن المؤكد أن من مصلحة الاتخاد الأفريقي والمجتمع الدولي بذل الجهد الممكن لوضع المفاوضات في إطارها الصحيح,

اختراقاً تكتيكياً
وفي ذات السياق رأى نور الدين عبدا ؛ المحلل السياسي ومدير منصة نيلوتيك بوست الإعلامية الإثيوبية، أن الوصول إلى اتفاق حول آلية تنسيق تبادل البيانات بين سدي النهضة الإثيوبي والروصيرص السوداني سيعتبر اختراقاً (تكتيكيا وفنيا) يمكن أن يدفع المفاوضات قدماً إلى الأمام، وذكر عبدا الذي تحدث لموقع سكاي نيوز عربية أن حديث أطراف التفاوض في وقت سابق عن التوصل إلى تفاهمات حول 95 في المئة من الجوانب الفنية يشير إلى أن العنصر السياسي هو الذي يسيطر على سير المفاوضات في المرحلة الحالية؛ أكثر من العنصر الفني، لكن عبدا يشدد على ضرورة النظر إلى مجمل العملية المتعلقة بالمفاوضات الحالية في كينشاسا من الزوايا المتصلة بالظروف الموضوعية والزمانية التي تتم فيها، حيث تأتي وسط تعقيدات وتوترات شديدة بين الأطراف الثلاثة لذلك فإن مجرد القبول بالجلوس سوياً ونزع فتيل التوتر يمكن أن يعتبر اختراقاً كبيراً.
الوضع القانوني
وقال الدكتور ضياء الدين القوصي مستشار وزير الري المصري الأسبق، إن مفاوضات سد النهضة المتواصلة على مدار 10 سنوات لم تصل إلى نتيجة لـ3 أسباب رئيسية، موضحًا أن الأول يتعلق بالولاية والسيادة المطلقة للجانب الإثيوبي على الموارد المائية النابعة من بلادها، وأضاف القوصي، في تصريح صحفي، أن المدخل الحقيقي لحل أزمة سد النهضة يتعلق بمعرفة إثيوبيا أن الوضع القانوني للنيل الأزرق يؤكد ولاية مصر والسودان وإثيوبيا على النهر، متوقعًا ألا تبدأ إثيوبيا بالملء الثاني لسد النهضة بأي شكل، وذكر أن ملء السد في المرحلة الثانية يتطلب 14 مليار متر مكعب تقسم مناصفة بين مصر والسودان، مشيرًا إلى أن كل متر مكعب يعني نقصًا في الميزانية المائية للسودان ومصر، معرباً عن خوفه من أن يكون نفاذ الصبر عند القيادتين والشعبين المصري والسوداني نذير بمشكلات قد لا يستطيع الإقليم تحملها، قائلًا إن الجانب المصري والسوداني يسعيان للملء التدريجي لسد النهضة بما لا يضر مصالح الجانبين، وأكد أنه لا يضير إثيوبيا إطلاقاً أن تملأ السد في 10 سنوات بدلًا من 5 سنوات، إذا تعلق الأمر بتوليد الطاقة الكهربائية، مشددًا على أن الأمر حيوي وحساس على الزراعة والصناعة والملاحة المصرية والسودانية.

يبدو ضعيفاً
ويبقى أن المعلومات الواردة من كينشاسا تؤكد أن الجانب الإثيوبي مازال متمسكاً بموقفه بضرورة مواصلة التفاوض تحت رعاية الاتحاد الأفريقي فقط، وذلك قبيل التئام الاجتماع السداسي بين وزراء الخارجية والري في الدول الثلاث، في حضور رئيس الكونغو الديمقراطية، في وقت تواصل فيه أديس أبابا نفس التصريحات التي تعكس تشبثها بموقفها، بما يؤكد أن الأمور تسير بنفس الطريقة غير المجدية في المفاوضات والتي لا يمكن أن تؤدي إلى توافق، إلا إذا حدث اختراق في اللحظة الأخيرة، وقد يبدو هذا الأمل ضعيفاً أيضاً ، كما يبقى أن الساعات القليلة المقبلة ستكون الأكثر حسماً في أزمة أرقت الإقليم والمنطقة قرناً من الزمان، فهل سيسدل الستار على تباعد الرؤى وتنخرط الأطراف في تفاوض مثمر بناء، أما أن الجميع على موعد بفتح سيناريو آخر مختلف قد يكون مساراً جديداً ومغايراً لما حدث بالسابق؟

المصدر من هنا

عن مصدر الخبر

صحيفة اليوم التالي