السودان الان

بروفيسور / احمد جفون يكتب : قطاع الألبان ..

مصدر الخبر / جريدة التيار

 

الاحلام  والواقع والأوهام (2-2)

 

نرجع لصغار المنتجين  هذه الشريحه المهمة ما تقدمه من جهد تستحق عليه الشكر والتقدير فهؤلاء القوم        يعملون فى ظروف غاية    فى الصعوبة ورغم الخدمات التى يقدموها فى شكل منتج مهم لغذاء وصحة الإنسان  إلا أن الحكومات المتعاقبة لم تعمل على تحسين أوضاعهم وحل مشاكلهم والتأسيس لهم على أسس علمية         سليمة وتقديم الدعم الفني لهم وخدمة النقل المبرد وضمان التسويق المباشر  للمستهلك بعيدا عن الوسطاء وإدخال وحدات مصغرة لتصنيع مشتقات الألبان لضمان قيمة مضافة لهم وإن حدث هذا فهو خير لهم  وللمستهلك .

ومن مشاكل هذا القطاع التي بالمجمل تؤدي إلى الخسارة الحتمية هي :

1/عدم ثبات مواقعهم وهذا يؤدي إلى عدم إنشاء مأوى بمواصفات تهيئ الحيوان للإنتاج وهذا المأوى السيئ   ينشؤونه بأقل التكاليف  تحسبا إلى تهجيرهم المستمر نحو أقاصي أطراف المدن وهذا يترتب عليه أعباء إضافية  في النقل .

2/عدم وجود محالب بمواصفات تضمن صحة وسلامة اللبن وتوفر للمنتج شيء من الجهد والمال فالحلب     ما زال يدوي والحلب اليدوي له مشاكل عدة   أ/ أعلى تكلفة من الآلة   ب/ لا يضمن نظافة اللبن  ج/  قد يتسبب  في إحداث ونشر إلتهاب الضرع  د/  أغلب الحلابين لا يحلبون اللبن كله وقد يكون نكاية في صاحب المزرعة أو تعاطف مع العجل  ه/  الحلاب غير السليم قد يكون حلقة وصل للأمراض   المشتركة بين الإنسان والحيوان وقد ينقله للمستهلك عبر اللبن نسأل الله العافية للجميع.

وعدم وصول التيار الكهربي إلى بعض التجمعات هو السبب الرئيسي في تاخر دخول المحالب الآلية .         ومؤخرا ظهرت لبعضهم مشكلات حتى في الحلب اليدوي فكثير من الحلابين المهرة ذهبوا إلى التعدين الأهلي    فأصبحو متطرين لإستعمال حلابين بدون خبرة

3/غلاء مدخلات الإنتاج ينسحب على جميع الأنشطة التجارية وانا لا أتحدث عن هذا بالتفصيل ولن أتحدث   عن تحول المربيين من  الأبقار المحلية الى الهجين المشؤوم الذي أحدث خسارة بالغة الأثر وللاسف باقية الأثر .

4/من أهم مشكلات هذا القطاع إنهم لايحسبون وقد يكون هذا من ألطاف الله بسكان العاصمة ولتوضيح هذا    أقول إن أغلب هؤلاء القوم غير محترفين يترتب على ذلك أنهم يأكلون أبقارهم بدون حساب والوصول بها إلى   درجة السمنه فالأكل الزائد عن حاجة الحليب خسارة آنية مباشرة عليهم ويترتب على السمنة خسارة لاحقة        مستمرة وأذكرأن أحد طلابي قال لي يا أستاذ لدينا مجموعة أبقار مهما أكلناها ما ربحنا من اللبن فوجدتهم يقدمون لها كميات من الأمباز والدريش وردة القمح تصل نسبة البروتين فيها إلى 36% بينما تحتاج الأبقار الحلوب إلى 18% فقط فقلت له لو إقتصدت نصف ما تقدمه للأبقار لحققتم أرباح ولا أظنه فعل لأن والده يريدها شبعانة       وسمينة ويريدوننا ندفع . والشق الذي يجب أن يحسبوه لكي ندفع لهم عليه لا يحسبونه مثلا نجد أحد المنتجين له   أرض لزراعة الأعلاف وقد يكون له جرار لإعداد الأرض وعربة لنقل العلف وطبعا هذه عمليات إستثمارية     متعددة ومنفصلة فكان ينبغي أن يحسب للجرار حسابه وللأرض حسابها وللعلف الأخضر حسابه بسعر اليوم     وللنقل حسابه لكنه لا يفعل بحجة أنه يقدمها لأبقاره .الم أقل لكم إنها من ألطاف الله بسكان العاصمة ؟

الدراسات الفنية:

عندما تسمع بكلمة الدراسات الفنية لمشروع ما يتبادر إلى ذهنك أن الموضوع قد قتل بحثا وتم تناول كل الخيارات و تم الأخذ بأفضلها ووضعت بعض البدايل وتم طلب شئ من الدراسات والتجريب والإستعانة بنتايج بعض التجارب المشابه وتم الأخذ فى الإعتبار أسباب نجاحها أو فشلها.

عليه هل الدراسات الفنية لمشروع سكر كنانة زمان وجدت أن الرى بالطلمبات من النيل الأبيض أكثر جدوى من الرى الإنسيابى من النيل الأزرق؟

وهل الدراسات الفنية لمشروع سكر النيل الأبيض الجديد أخذت فى الإعتبار ذلك الخلل الفنى الذى يؤدى إلى إرتفاع تكاليف إنتاج السكر فى الحسبان؟

يا سادة العيب ليس فى التجريب إنما العيب أن تكرر التجربة بنفس المعطيات وتتوقع نتايج مختلفة.

واحد يملك قطعة أرض قال للمهندس إبنى لى فى كل ركن غرفة هل هذا يعنى أنه إستشار المهندس فى تشييد منزله المبارك؟

هكذا يتم تأسيس المشاريع عندنا فى السودان الكبير منها والصغير ليس اليوم بل من قديم الزمان ولكم أن       تسألوا عن مصنع ألبان بابنوسة ولحوم كوستى وفواكة كريمة و المصنع الذى منح لنا من الإتحاد الأروبى لإنتاج زيت الطعام من الفول السودانى و تم تركيبه فى بورتسودان والكل يعلم أن الفول السودانى ينتج فى الجزيرة      وشمال كردفان وشمال وشرق دارفور هذا المصنع لم ينقط نقطة زيت واحدة مالكم كيف تحكمون؟

شركة زادنا تملك إمكانيات مالية ممتازة وأنا لا أتعاطى السياسة ولا علاقة لى بعلاقتها بوزارة المالية لكن أن تحدد زادنا إنها تريد إنتاج ألبان وتحدد الموقع شمال عطبرة و تحدد نوع السلالة هنا يجب الإنتباه و التوقف.

وإن كان لابد فاعلين فجنوب النيل الأبيض و سنار أنسب من شمال عطبرة فى إنتاج الألبان و سلالة الجيرسى أكثر تحملا للجو الحار و أقل إستهلاكا للعلف. والموضوع يا سادة بسيط جدا جدا فقط أمنحوا أنفسكم فرصت الإستماع إلى أفكار أخرى قد تكون مفيدة.

و عليكم بإدخال عدد محدود من أبقار الفريزين و أبقار الجيرسى و جربوها فى المواقع الثلاثة ثم أحكموا أى السلالتين أفضل وفى أى المواقع, وهذا من أبجديات الدراسات الفنية الحقيقية و تأخير المشروع شهور للتحقق والتثبت أفضل من فقدان الجمل بما حمل.

ومشروع شمال عطبرة أنسب نظريا لإنتاج القمح و الزراعات البستانية وإنتاج الدواجن, وإذا كان الرجل غير المناسب فى المكان المناسب سيئ فالمشروع المناسب فى الموقع غير المناسب أسوأ.

و الخلل فى قطاع الألبان فى الخرطوم وإرتفاع أسعار اللبن بسبب إرتفاع تكاليف إنتاجه واحد من أهم أسبابه يرجع إلى سلالة الفريزين فكيف بكم عندما تجعلونها فى شمال عطبرة؟

وأعلموا أن ما يسوق لكم من تجهيزات و تكيف و تبريد و تلطيف لهذه الأبقار لكى تحلب سوف تحملونه للمستهلك المسكين دون وجه حق و المستهلك فى إنتظار ألبان بأقل التكاليف وإذا وجهتم كل إنتاجكم للصادر لن تتمكنوا من المنافسة مع إرتفاع تكاليف إنتاجكم.

و يا زادنا الدراسات الفنية الحقيقية معك وليست ضدك و كلاما يبكيك اليوم أفضل من اليضحكك الذى حتما يبكيك أخيرا وطويلا

اللهم هل بلغت اللهم فأشهد.

 

ناس وناس:

الهند والسودان كانتا تحت الإحتلال البريطانى وبعد التحرر ولله الحمد الهند الأن دولة ننوية و من مجموعة العشرين وجبنا منهم         ركشات كثيرة و أنتجوا لقاح كرونا ببساطة لأنهم إهتموا بالبحث العلمى وعملوا به.

والسودان تحول إلى واحدة من أفقر دول العالم بعد ما كانت عملته أغلى من الدولار ببساطة لأنهم فى سباق دائم ومحموم نحو السلطة  و من أدبياتهم (سلطة للساق ولا مال للخناق) و العجيب أن 99.9% من الشعب السودانى العظيم غير مشترك فى هذا السباق ولا يحق   له ذلك وبسبب كرونا قد يمنع حتى من مشاهدت السباق خوفا من الزحام.

البحث العلمى ياسادة هو أن تطلبه جهة ما (حكومة شركات أفراد) وتدفع عليه وتنتظر مخرجاته وتعمل بمقتضاها و حتما يعود عليها    بالفائدة و لقاح كرونا مثال حى على فكرة البحث العلمى الحقيقى و الكل يعلم كيف أستقطبت أمريكا خبير تركى ألمانى وكم دفعت         لمراكز البحوث و شركات التصنيع للحصول على هذا اللقاح.

فى الحلقة السابقة من سلسلة قطاع الألبان تحدثت عن فكرة الدراسات الفنية المجنى عليها فى السودان وأن الموضوع تحول إلى الإنبهاربتجارب الأخرين وعمليات عرض يغلب عليها الدعاية و الترويج تعمل على فكرة القص واللصق.

أقول أن سلالة الفريزين سوف تلحق بقطاع الألبان فى السودان ضرر بليغ وغيرى يقول خلاف ذلك الفيصل هو التجريب وما أدعو إليه قاية فى البساطة ولا يستوجب الإنفعال و التشنج فقط أجلبوا عدد من السلالات واختبروها فى ظروف السودان العادية و السودان به    عدد من كليات الزراعة والإنتاج الحيوانى والبيطرة والهندسة الزراعية و الإقتصاد فأدرسوا و أحسبوا الموضوع على وجه الدقة        و التفصيل فإذا وجدتم أن الفريزين هو الأصلح أقول بكل روح رياضية مبروك وسوف أعتزر كتابة لأبقار الفريزين لأننى تحاملت     عليها دون وجه حق.

ياجماعة الخير السودان فقد من عمره الكثير فى التخبط والعشوائية و تجريب كل مجرب فاشل, وأقول لدعاة الفريزين كان فى مزرعة جامعة الخرطوم ثور من سلالة الشاروليه وهى من أبقار إنتاج اللحوم فرنسية الأصل بيضاء اللون وكان الفرنسيون مغرمين بهذه         السلالة لدرجة إنهم منعوا خروجها من فرنسا لكنها خرجت وهذا موضوع اخر الموضوع الان كان إداء العجلات الهجين من ذلك       الثور مع الابقار المحلية  في إنتاج الالبان كان أفضل من إنتاج هجين الفريزين مع الابقار المحلية . وهذا يؤكد ما ذكرته في حلقة        سابقة أن الفريزين فيه عوائل غير أصيلة وإنه ضعيف التوريث .

وفكرة الحب الأعمى هذه لا محل لها من الإعراب فالموضوع علوم وتجريب وحكاية لا أريكم الإ ما أرى سبقكم عليها فرعون وحتى   فرعون كان منطقيا في طرحه فعندما علم بروايه غير روايته قال لهامان إبني لي صرحا علشان يطلع يشوف ويتحقق من صدق موسى عليه السلام لكن قبل ما يطلع قال ولعله كاذبا وهذا يعني مع التجريب مصر على عدم التصديق أعوذ بالله من غضب الله.

شركة ألبان السودان :

كل الإستثمارات فى السودان قائمة على المجهودات الفردية فهى شركات لأفراد أو مجموعة من أفراد تربطهم صلة قرابة وهذا مطلوب لكن ليس هناك إستثمار حكومى فهو مقيد بالبرقراطية و مقترن بالفساد الأسوأ من ذلك عدم الإيمان بفكرة العمل الجماعى مع أنه من أمثالنا (إيد على إيد تجدع بعيد) ومن المحزن أن حتى الذين          يساهمون فى العمل الجماعى أشد إيقانا بفشله وكأنما إثبات فشل العمل الجماعى هدف فى حد ذاته وهذا واحد من أهم مداخل أعداء النجاح لكن لا بأس من التفاؤل وتكرار الدعوات فأنا أدعوا إلى إنشاء و تأسيس شركة ألبان       السودان وهى شركة مساهمة عامة نصف حكومية.

أ/ الدوافع:

1/ قطاع الألبان الحالى لا يبشر بالخير وفيه خلل فنى لا يمكن الفكاك منه متمثل فى السلالة غير المناسبة     والإدارة غير المتخصصة

2/ وجود عدد من مصانع اللبن المجفف و الأصح معامل إعادة تعبئة اللبن المجفف المستورد فإذا كان لك      لسان حساس يمكنك التعرف على طيف واسع من البقوليات ,مع أن هذا مجرد تكهن لكن السؤال الواضح والبسيط هو من الذى يدقق فى صلاحية اللبن المجفف المستورد وضمان مواصفاته و صلاحه لإعادة التعبئة؟ أم شغالين  بفكرة (كل المدردم ليمون)؟.

3/ الرغبة فى الحصول على سلعة مضمونة بمواصفات ممتاذة وصحية و بأقل الأسعار

ب/ المساهمون:

1/ كل منسوبى الخدمعة المدنية فى عموم السودان بواقع سهم واحد على الأقل بسعر ألف جنيه يخصم خلال عام بواقع 83 جنيه فقط شهريا و من أراد المزيد من الأسهم له ما يريد.

2/ صغار منتجى الألبان حول العاصمة و المدن الأخرى

3/ كل خريجى الزراعة والإنتاج الحيوانى و الطب البيطرى

4/ الرأسمالية الوطنية وأرجو فتح حوار مع هذة الفئة المهمة ومد جسور التواصل و بزل الضمانات وأتمنى   أن لا يكون رأس المال جبان.

5/ العاملين بالخارج مع أمنباتى لهم بالتخلص من هاجس مشروع سندس فالحكومة هنا متمثلة فى وزارة       الإستثمار و وزارة المالية هى الضامن و ليس أفراد.

6/ أى مواطن أو مواطنة سودانية

ج/ نصف حكومية:

الولاية أو الإقليم المستضيف الذى سوف يملك 50% من أسهم الشركة عليه توفير الأرض و البنيات التحتية و المنشآت بما يعادل نصف إجمالى الأسهم بإشراف وزارة الإستثمار و ضمان وزارة المالية.

د/  الموقع المقترح:

1/ مشروع سكر النيل الأبيض الجديد وانا أقترح هذا الموقع للأسباب التالية

أ/ إنتاج السكر بالرى الصناعى عبارة عن مشروع فاشل و فاشل هذه لا تعنى أنه لا ينتج سكر لكن ينتجه       بتكاليف عالية و أى تركيبه محصوليه بديله تكون أكثر جدوى من إنتاج السكر.

ب/ الأرض و البنية التحتية متمثلة فى قنوات الرى و الكهرباء و الأليات متوفرة وجاهزة للتشغيل المباشر

ج/الموقع قريب جدا من العاصمة وهى السوق المستهدف الأول

د/ خلو المنطقة من الأمراض

2/ منطقة سنار على أن يكون معظم الإنتاج فى شكل لبن مجفف (لبن بدرة)

3/ منطقة ألتقاء الجزيرة و البطانة مع شرق النيل4/ منطقة غرب أم درمان فى إتجاه الريف الشمالى

ه/ المشروع:

هو عبارة عن مزرعة ألبان بسعة 50 ألف بقرة حلوب من سلالة تتحمل الجو الحار يعنى لا ضخمة لا سوداء اللون ملحق مع المزرعة مصنع لتجفيف الألبان و إنتاج مشتقاته. بعد إكتمال السعة العددية يكون للشركة فايض  25 ألف عجلة سنويا لذا يمكن أن تفتح الشركة لها فروع أخرى فى مواقع مناسبة فى معظم ولايات السودان.

عزيزى المساهم قد يكون من السابق لأوانه تقدير فوائد و أرباح السهم الآن لكن من المأكد أنك سوف تتحصل على فرق فى سعر اللبن عشرات آلاف الجنيهات فى العام الواحد, وألف جنيه ما كثيرة على التجربة التى قد  تكون عظيمة و أن نجرب و نفشل لا سمح الله أفضل من الإحجام وعدم الإقدام.

 

جامعة الخرطوم

المصدر من هنا

عن مصدر الخبر

جريدة التيار