الخرطوم – بهرام عبد المنعم
عرضت إثيوبيا، أمس (السبت)، إطلاع السودان على تفاصيل الملء الثاني لسد “النهضة” المزمع في يوليو المقبل.
وترفض الخرطوم والقاهرة أن تشرع أديس أبابا في الملء الثاني للسد، على النيل الأزرق، الرافد الرئيسي لنهر النيل، قبل التوصل إلى اتفاق ثلاثي، حفاظاً على منشآتهما المائية وحصتهما المائية السنوية، البالغة 55.5 مليار متر مكعب، و18.5 مليار متر مكعب على التوالي..
وعادة ما تقول أديس أبابا إن بناء السد ضروري لتحقيق التنمية في البلد الفقير، عبر توليد الطاقة الكهربائية، مشددة على أنها لا تعتزم الإضرار بحقوق ومصالح القاهرة والخرطوم.
وقال مسؤول بوزارة الخارجية السودانية في تصريحات إعلامية، لكن فضل عدم ذكر اسمه: إن “إثيوبيا عرضت قبل ساعات إطلاعنا على تفاصيل الملء الثاني للسد”.
وأضاف المسؤول، الذي هو عضو بفريق التفاوض حول السد: “يأتي هذا العرض من إثيوبيا، مع أنها تبدأ اليوم (السبت) الاستعداد للملء الثاني، بتفريغ ما بين 600 مليون ومليار متر مكعب من الماء؛ لتختبر عمل بوابات السد”.
وأردف: “من الواضح أن إثيوبيا قدمت هذا العرض لترفع عنها الضغط السوداني والإقليمي والدولي”.
وتابع: “أي مشاركة للمعلومات بدون اتفاق قانوني ملزم هو منحة أو صدقة من إثيوبيا يمكن أن توقفها في أي لحظة كما ترى هي أو تقرر”.
واستطرد: “هذا أمر شديد الخطر على مشاريعنا الزراعية وخططنا الاستراتيجية”.
وأكد أهمية الوصول إلى “اتفاق قانوني ملزم بشأن معلومات الملء والتشغيل سوياً وليس واحدة دون الأخرى”.
غير أن المصدر لم يوضح إن كانت الخرطوم ردت على العرض أم لم تبت في أمره بعد.؟
ويأتي هذا العرض عقب إعلان كل من الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، ووزير الري والموارد المائية السوداني ياسر عباس، الأربعاء، في تصريحين منفصلين متطابقين، إن جميع الخيارات مفتوحة للتعامل مع أزمة السد.
وبين حين وآخر، تتصاعد مخاوف وتحذيرات إثيوبية من احتمال أن توجه مصر، وربما بالتعاون مع السودان، ضربة عسكرية للسد، بينما تخلو تصريحات القاهرة والخرطوم من أي حديث صريح عن الخيار العسكري.
ودعت إثيوبيا، أمس الأول (السبت) ، رسمياً مصر والسودان لترشيح شركات مشغلة للسدود بهدف تبادل البيانات قبل بدء الملء الثاني لسد النهضة الإثيوبي.
يأتي ذلك بعد أيام من فشل جولة مفاوضات في العاصمة الكونغولية كينشاسا بين الأطراف الثلاثة للتوصل إلى حل بشأن السد، ما دفع مصر والسودان إلى التأكيد أن جميع الخيارات مفتوحة للتعامل مع الأزمة.
وقالت وزارة الخارجية الإثيوبية، في بيان عبر “فيسبوك” اليوم إن “وزير المياه والري والطاقة الإثيوبي، سيلشي بيكيلي دعا رسمياً السودان ومصر لترشيح مشغلين للسدود لتبادل البيانات قبل بدء الملء الثاني لسد النهضة في مواسم الأمطار القادمة في إثيوبيا”.
وأضافت الوزارة أن وزير المياه الإثيوبي دعا البلدين إلى ترشيح الأشخاص المحوريين/ مشغلي السدود لتبادل البيانات بين البلدان الثلاثة؛ في ما يتعلق بالملء الثاني الذي سيتم في يوليو/ تموز وأغسطس 2021.
وذكرت أن “دعوة بيكيلي تستند إلى الإجماع الذي تم التوصل إليه بشأن جدول ملء السد الذي صاغته المجموعة الوطنية المستقلة للبحث العلمي للبلدان الثلاثة جنباً إلى جنب، بالتزامن مع فترة الملء الثاني للسد في يوليو وأغسطس، والتي قد تستمر إلى سبتمبر المقبل”.
وأشارت إلى التقدم الذي أحرزته بلاده في بناء سد النهضة على مقربة من مواسم الأمطار في إثيوبيا، وهو الوقت المقرر للملء الثاني السد.
كما أكدت على ضرورة عمل البلدان الثلاثة معاً” للتوصل إلى ترتيبات عملية هامة”.
وأوضحت الوزارة أن “تعيين المنسقين سيسرع ترتيبات تبادل المعلومات وإجراءات بناء الثقة بين الأطراف الثلاثة المعنية، حتى ختام مفاوضات سد النهضة برعاية الاتحاد الأفريقي”.
وشددت على أهمية “إبرام اتفاق فوري على القواعد والمبادئ التوجيهية بشأن الملء الثاني للسد، بحسب “المادة 5″ من إعلان المبادئ الذي وقعته الدول الثلاث في عام 2015، وهو ما سيوفر فرصة جيدة لبناء الثقة بين الأطراف”.
وأعربت عن حرص إثيوبيا على استضافة أول اجتماع لمشغلي السدود الذين سيجتمعون في أديس أبابا أو عبر تقنية “الفيديو كونفرانس”.
وعلى الرغم من ملفات خلافية بين مصر والسودان، أبرزها النزاع على مثلث حلايب الحدودي، فإن ثمة توافق بين الجارتين في شأن سد “النهضة” الإثيوبي.
ففي تناغم مع موقف القاهرة، دعت وزيرة الخارجية السودانية مريم الصادق المهدي، الأربعاء، الولايات المتحدة إلى الانخراط في تفاوض بناء يلزم الطرف الإثيوبي بعدم الملء من دون موافقة الأطراف المعنية.
بدوره قال المستشار الإعلامي لرئيس مجلس السيادة السوداني، الطاهر أبو هاجة، (السبت)، إن “حرب المياه مع إثيوبيا قادمة، إذا لم يضع العالم حداً لاستهتار النظام الإثيوبي”.
وقال أبو هاجة – في تصريحات صحفية، على خلفية استمرار خلاف بلاده ومصر مع إثيوبيا حول سد “النهضة -: “حرب المياه بدأت وهي قادمة بصورة أفظع مما يتم تخيله إذا لم يضع العالم حداً لاستهتار النظام الإثيوبي عبر مؤسساته العدلية ومنظماته الدولية”.
وأضاف: “اتباع استراتيجية الصراع والتمسك بها كمنهج للنظام الإثيوبي تكشف أيضا أنه وضع الآخرين في خانة العدو منذ وقت مبكر وهو يتعامل على هذا الأساس”.
وأردف : “بلا شك، لا يوجد سبب قوي لخلق العدو أكثر من الحرمان من المياه”.
وتابع محذراً : “سلوك النظام الإثيوبي المتمثل في اعتداءاته على جيرانه ورفضه لكافة المقترحات الدولية سيورده موارد غير محمودة وسيرمي به في دائرة العزلة الدولية والإقليمية”.
ووصف سلوك أديس أبابا بـ”النية المبيتة منذ بدء إنشاء السد (قبل 10 سنوات) باستبعاد استراتيجية التعاون بشأن المياه، وتبني خط الصراع عبر مواقف رافضة لكل خيارات الحلول المطروحة”.
واستطرد: “ما ينبغي أن نؤسس عليه العلاقات (..) يتمثل في مشروعات التنمية المستدامة وتحقيق الرفاه لشعوب الدول الثلاث ورسم المستقبل الاستراتيجي الرامي للسلام والاستقرار”.
وتتمسك إثيوبيا بأن يقود الاتحاد الإفريقي منفرداً المفاوضات حول السد، ورفضت في 9 مارس/ آذار الماضي، مقترحاً سودانياً أيدته مصر، بتشكيل وساطة رباعية دولية، تضم الاتحادين الإفريقي والأوروبي والأمم المتحدة والولايات المتحدة، لحلحلة المفاوضات المتعثرة.
وتصر أديس أبابا على الملء الثاني للسد في يوليو المقبل، حتى لو لم تتوصل إلى اتفاق، فيما تتمسك القاهرة والخرطوم بالتوصل إلى اتفاق يحافظ على منشآتهما المائية ويضمن استمرار تدفق حصتيهما السنوية من مياه نهر النيل، البالغة 55.5 مليار متر مكعب، و18.5 مليار متر مكعب بالترتيب.
المصدر من هنا