السودان الان

مريم في الإمارات في وقت تهمس فيه شوارع السودان بمبادرة ابو ظبي لتقسيم (الفشقة)، بينما يجهر الكثيرون برفضهم انسحاب الجيش الذي يمسك جنوده ببنادقهم مرددين: إن هذه الأرض لنا  وستظل لنا  فكيف سيكون موقف الحكومة (مرفوضة شعبياً)

مصدر الخبر / صحيفة اليوم التالي

الخرطوم ” الزين عثمان
في الأخبار وصلت وزيرة الخارجية مريم الصادق المهدي؛ الإمارات العربية المتحدة، في زيارة رسمية. وكان في استقبالها سمو الشيخ شخبوط بن نهيان آل نهيان وزير الدولة بوزارة الخارجية بدولة الإمارات، بمطار دبي في استهلال زيارتها الرسمية للإمارات بدعوة من نظيرها الإماراتي.  وقدمت الإمارات – في وقت سابق – مبادرة بغرض نزع فتيل الصراع بين الخرطوم واديس أبابا، وقال قيادي رفيع في التحالف الحاكم “الحرية والتغيير” إن الإمارات العربية المتحدة عرضت على حكومة السودان تقسيم أراضي الفشقة مقابل إيجاد حل للأزمة مع إثيوبيا. وكشف  مصدر مطلع  “لدارفور24” عن أن المبادرة نصت على انسحاب الجيش إلى وضع ما قبل نوفمبر وتقسيم الفشقة بنسبة 40% للسودان و 40% للإمارات و 20% للمزارعين الإثيوبيين تحت مشروع استثماري تقيمه الإمارات.
1
وزيرة الخارجية في الإمارات من أجل الرد على المبادرة الإماراتية لمعالجة الأزمة بين الخرطوم وأديس، والتي اشتعلت بعد أن تمددت القوات المسلحة السودانية على طول الحدود التي كان يستغلها الإثيوبيون في الزراعة بدعم من عصابة الشفتة ومن الجيش الفيدرالي الإثيوبي، بعدها أعلنت الحكومة السودانية موقفها الرسمي وهو التمدد الطبيعي للقوات المسلحة في حدود بلادها، ولا يكاد يمضي يوم دون أن يصل وفد من المواطنين أو من الحركات الموقعة على السلام يعلن دعمه لموقف الجيش في استعادة أراضيه، وهي الخطوة التي تجد اعتراضاً من إثيوبيا الرسمية التي تواجه مشاكل داخلية ونزاعات بين مكوناتها كان آخرها مواجهات إقليم (التقراي).
2
حسناً… حتى الآن لم تشر الحكومة بشكل رسمي عن طبيعة المبادرة الإماراتية، ولم تكشف عنها، وحتى خروجها للعلن تم عبر كشفها بواسطة الصحافة التي قالت إن اجتماع مجلس الأمن والدفاع الأخير كان بغرض نقاشها ووضع الرد عليها إلا أن الأحداث المشتعلة في مدينة الجنينة كانت لها الأولوية وانتهى الأمر بأن يغادر رئيس مجلس السيادة إلى هناك أقصى غرب البلاد، من أجل البحث والمساهمة في إيقاف نزيف السودانيين هناك ما يثار يؤكد على فرضية أن الأمر يتم الترتيب له بشكل سري، وبعيداً عن المواطنين،
وكشف مصدر، وهو عضو بالمجلس المركزي للتحالف الحاكم، عن مغادرة وزير العدل نصر الدين عبد الباري الإمارات تاركاً الوفد السوداني الذي ذهب للاستماع إلى المبادرة وأضاف “التفويض الممنوح للوفد أن الفشقة أرض سودانية لا نقاش حولها”، معتبراً أن المبادرة الإماراتية رفضت في ساعتها. وهو الأمر الذي يؤكد على أن الموقف ما زال هو ذاته الموقف الرافض.
3
لكن تصريحات لعضو مجلس السيادة رئيس الحركة الشعبية مالك عقار، يصف المبادرة بالفهلوة وأنها محاولة لتقسيم أراضي السودان، الإمارات تريد أن تقسم أراضينا، وهو أمر مرفوض، رغبة الإمارات في تقسيم الأرض من أجل حل الأزمة مع إثيوبيا أعاد  للأذهان الجدل القديم المتجدد حول رؤية الإمارات للثورة السودانية نفسها ورغبتها في تحويلها لآلية تستطيع من خلالها خدمة أجندتها في السودان وفي المنطقة والإقليم، وهو ما استدعى الكثيرين العودة للوراء لمتابعة الدور الإماراتي في الثورة السودانية التي أطاحت بالرئيس السابق وأدوارها اللاحقة في سعيها الدؤوب لجمع شتات القوى  السياسية السودانية ومن ثم رسم مشهد الشراكة الراهنة بين العسكر والمدنيين لتدشين حقبة سودان ما بعد  الإسلاميين، والجميع يتذكر أن معظم وزراء اليوم كانت لهم زيارات لابوظبي في أوقات سابقة أكدوا عليها، وقالوا إن الهدف منها هو حفظ استقرار السودان كما أن دوراً كبيراً لعبته الإمارات في سبيل التوقيع على سلام جوبا.
4
في الأخبار أن القوات النظامية أحبطت عملية  ترحيل سلاح في حدود السودان مع إثيوبيا، وهو الأمر المؤكد على أن الحراك الأمني والاستخباراتي في قمته في المنطقة التي لا ينتهي اشتعالها فقط عند نقطة الأراضي الزراعية في إقليم الفشقة، وإنما يضاف له اشتعال الماء عند سد النهضة في منطقة بني شنقول، مقروناً ذلك بحالة التصعيد من السودان ومصر واتهامهم إثيوبيا بالتلكؤ في حسم الأمر وفقاً لآلية الحوار، وهو أمر من شأنه تهديد السلم الإقليمي في المنطقة والسلم العالمي ايضاً، لا يمكن مغادرة كل ذلك دون الإشارة إلى أن القوات المسلحة السودانية قد قامت أمس الأول بتسليم أسرى إثيوبيين تم توقيفهم في المعارك السابقة، وهو ما يعني أن الجيش السوداني يمضي من انتصار إلى آخر وأن جنوده يسيطر عليهم أمر واحد هو أن هذه الأرض لنا ودورنا استعادتها، وبالطبع فإن أي محاولة للتراجع ستؤثر سلباً على الروح المعنوية للجنود وهم يطرحون التساؤل : لماذا أموت من أجل أرض يمكن ان يقدمها سياسي على طبق من ذهب للأعداء؟ وتتكرر ذات النماذج السابقة، وهو الأمر الذي يدفع الكثيرين لرفض أي محاولة للتسوية تتجاوز حقيقة أن الفشقة سودانية وأنها يجب أن تكون كذلك.
5
مريم في الإمارات في كونها وزيرة خارجية سودان الثورة التي انطلقت في الأساس من أجل استعادة الكرامة ولا كرامة دون الحفاظ على الأرض، وعلى كل شبر فيها، وفي وسائل التواصل الاجتماعي يجهر البعض بهمس الحديث عن المبادرة ويعلنونها دون مواراة ألا تفريط في الأراضي السودانية  وأن مثل هذا النوع من المبادرات تأكيد على غياب الهيبة، فكيف لدولة أن توافق على تقسيم أرضها وبالطريقة المعلنة، وهل سيكون للسلام قيمة في هذه الحالة ؟ الإجابة الحاضرة الآن هي أن الكل يرفض المبادرة الإماراتية لتقسيم الأرض، بينما يتمدد السؤال: ما هو الموقف الرسمي للحكومة وما الذي تحمله مريم في حقيبتها من أجل تطوير سبل التعاون بين الخرطوم وابوظبي، كما جاء في خبر (سونا) وكالة الأنباء السودانية.

المصدر من هنا

عن مصدر الخبر

صحيفة اليوم التالي