نشر موقع “المونيتور” تقريرا سلط خلاله الضوء على إعلان وزارة الطاقة والنفط السودانية تحديث خريطة الكتل النفطية في السودان لطرحها للاستثمار الدولي في النفط والغاز، والتي تضم كتلا في منطقة حلايب وشلاتين المتنازع عليها مع مصر.
وأضاف الموقع في تقريره، الذي ترجمته “بوابة الحرية والعدالة”، أن هذا الإعلان يشير إلى تقديم عبدالفتاح السيسي قائد الانقلاب العسكري تنازلات للسودان في قضية حلايب وشلاتين لإرضاء السودان والحصول على تأييده في قضية سد النهضة.
تفاهم جيد
وقال رئيس مجلس السيادة السوداني، عبد الفتاح البرهان، خلال مؤتمر صحفي في 9 إبريل، إن “السودان لديه تفاهم جيد مع نظام السيسي حول قضية حلايب وشلاتين”.
وجاء تصريح البرهان في أعقاب إعلان وزارة الطاقة والنفط السودانية في 21 مارس الماضي عن تحديث خريطة الكتل النفطية في السودان لطرحها للاستثمار العالمي في محاولة لجذب المستثمرين وخلق فرص استثمارية في حقل النفط والغاز، وحددت الوزارة 26 كتلة، بما في ذلك الكتلة المعروفة باسم الدائرة السادسة عشرة في حلايب وشالاتين، دون أي اعتراض من سلطات الانقلاب.
وقال محمد عبد الغني عوض، رئيس إدارة الترويج بالإدارة العامة لاستكشاف وإنتاج النفط في السودان، في بيان صحفي عقب إعلان الوزارة في 21 مارس إن عملية التقسيم ورسم الخرائط تمت بطريقة علمية وفقا للأنظمة المعترف بها دوليا وأعمال رسم الخرائط المساحية.
زيارة حمدوك نقطة تحول
وجاء إعلان السودان في أعقاب خطاب رئيس الوزراء السوداني عبد الله حمدوك خلال زيارته للقاهرة في 12 مارس. وتطرق حمدوك في كلمته إلى قضية مثلث حلايب وشلاتين، داعيا إلى ضرورة معالجة القضايا غير المعالجة في العلاقات مع سلطات الانقلاب، وهي قضية المثلث من أجل التوصل إلى تفاهم في هذا الصدد.
وفي 6 مارس، اندلعت مظاهرات في مواقع مختلفة في السودان احتجاجا على زيارة عبد الفتاح السيسي إلى الخرطوم، ودعت المظاهرات إلى “استعادة مثلث حلايب وشالاتين في ولاية البحر الأحمر”.
وتبلغ مساحة مثلث حلايب وشلاتين 20 ألف كيلومتر مربع، ويضم عدة بلدات أبرزها حلايب وأبو رماد ورأس الهدرية ومرسى حميرة وبلدة إبراهيم، ويبلغ عدد سكان المنطقة 27,000 نسمة. ويتنازع السودان ومصر حول مثلث حلايب وشالاتين وأبو رعد، حيث تطالب الخرطوم بالسيادة على المنطقة منذ عام 1958، في حين تصر القاهرة على أنها جزء من الأراضي المصرية.
ويثير السودان هذه المسألة من حين لآخر ويتحدث عن سيادته على المنطقة وفى 25 فبراير قدمت الحكومة السودانية شكوى جديدة إلى مجلس الأمن الدولى تطالب فيها بفرض السيادة على الأراضى المتنازع عليها.
السودان يتمسك بموقفه
وفي 24 أغسطس 2020، قال البرهان، في كلمة ألقاها بمناسبة الذكرى السادسة والستين ليوم الجيش في منطقة وادي صيدنا العسكرية بولاية الخرطوم، إن “القوات المسلحة لن تتخلى عن شبر واحد من أراضي السودان”، وأضاف: “نتمسك بحقنا ولن نتخلى عنه أو ننساه حتى يرفع العلم السوداني في حلايب وشلاتين”.
وفي 20 مارس 2017، أعلن رئيس اللجنة الفنية لترسيم الحدود في السودان، عبد الله الصادق، عن تشكيل لجنة تضم وزارات العدل والداخلية والخارجية وكذلك مكتب السجلات الوطنية السوداني واللجنة الفنية لترسيم الحدود لحل قضية مناطق حلايب وشلاتين وأبو رماد الحدودية و”إزالة” المصريين بالوسائل الدبلوماسية.
وفي 17 أبريل 2016، في بيان رسمي لوزارة الخارجية السودانية، دعا السودان إلى إجراء مفاوضات مباشرة حول مثلث حلايب وشلاتين أو الحاجة إلى اللجوء إلى التحكيم الدولي بما يتوافق مع القوانين والاتفاقيات الدولية، وقد رفضت حكومة الانقلاب بشدة هذه الدعوة.
تنازل غير معلن
وتعليقا على تحركات السودان، قال سمير غطاس، رئيس منتدى الشرق الأوسط للدراسات الإستراتيجية، لـ “المونيتور” إنه من المستبعد جدا أن يتخلى نظام السيسي عن منطقة حلايب وشالاتين لصالح السودان. موضحا أن هذه المنطقة تمثل عمقا إستراتيجيا مهما لمصر حيث إن حدودها الجنوبية على ساحل البحر الأحمر مكشوفة وضعيفة، وهو ما يهدد الأمن القومي وبالتالي لن تسمح القاهرة للسودان بالسيطرة على المثلث.
ورجح أن يكون هناك نوع من التفاهم أو بعض التنازلات من جانب سلطات الانقلاب يكون السودان بموجبه حاضرا أو يقوم بحفريات في المنطقة ولكن تحت السيادة المصرية، لكن لن يصل الأمر إلى حد التنازل عن الأراضي للسودان”.
وأشار إلى أنه على أي حال، لن تعلن مصر عن وجود مثل هذه التفاهمات مع الجانب السوداني خوفا من ردود الفعل الشعبية الغاضبة، التي انفجرت عندما تم الإعلان أنها تنازلت رسميا عن جزيرتي تيران وصنافير للمملكة العربية السعودية.
وفي 16 يونيو 2017، بعد صلاة الجمعة، اندلعت احتجاجات في أجزاء مختلفة من القاهرة تندد باتفاق ترسيم الحدود البحرية بين حكومة الانقلاب والمملكة العربية السعودية، المعروف باسم اتفاق تيران وصنافير واعتقلت قوات أمن الانقلاب عشرات المتظاهرين.
وقال غطاس إن النظام في مصر مجبر على تقديم تنازلات في قضية حلايب وشلاتين من أجل الحفاظ على العلاقات الإستراتيجية غير المسبوقة مع السودان، خاصة وأن القاهرة تتعامل الآن مع تعنت إثيوبيا بشأن بدء المرحلة الثانية من ملء سد النهضة الإثيوبي الكبير، دون اتفاق مسبق مع دول المصب، وهو ما يمثل تهديدا واضحا.
وفي 6 إبريل، أعلنت سلطات الانقلاب فشل الجولة الأخيرة من المحادثات حول إعادة الانتخابات التي عقدت في جمهورية الكونغو الديمقراطية في الفترة من 4 إلى 5 إبريل وسارعت إثيوبيا إلى الإعلان عن اعتزامها بدء المرحلة الثانية من الملء كما هو مقرر في يوليه.
تنسيق متكامل
وقالت منى عمر، نائبة وزير الخارجية السابق للشؤون الإفريقية، لـ”المونيتور” إن هناك تنسيقا متكاملا بين السودان ومصر على كافة الأصعدة، سواء كانت سياسية أو اقتصادية، مضيفة أنه من المتوقع التوصل إلى تسوية فيما يتعلق بمنطقة حلايب وشلاتين في محاولة لإحباط أي محاولات خارجية لدق “إسفين” بين البلدين.
وتوقعت منى عمر أن تشهد المنطقة المزيد من الاستثمارات وإنشاء المشروعات الاقتصادية والتعاون مع الشركات العالمية مما يحقق مكاسب لكل من البلدين.
في 1 نوفمبر 2020، أعلن المتحدث باسم جيش الانقلاب، العميد تامر الرفاعي، توقيع اتفاقية بين نظام السيسي والسودان لزيادة التعاون في التدريب وتبادل الخبرات وأمن الحدود، وأعلن جيش السيسي في 4 نوفمبر 2020 عن بدء مناورات عسكرية مشتركة بين مصر والسودان، وهي الأولى بين القوات الخاصة والجوية.
وفي 20 نوفمبر 2020، وقعت الهيئة القومية للإنتاج الحربي مذكرة تفاهم مع نظام الصناعات الدفاعية السوداني في مختلف مجالات التصنيع.
المصدر من هنا