الخرطوم ” الزين عثمان
يوم الأحد يتقدم رئيس مجلس السيادة باعتذاره للشعب السوداني عن استمرار الأزمات ويشكر صموده وصبره على مكاره الحياة في بلاد مر على شعبها عامان دون حكم البشير ، بعد 24 ساعة من اعتذار الفريق البرهان يبدى نائبه الأول في رئاسة مجلس السيادة الفريق حميدتي؛ خجله ويقول (نحن خجلانين ونعتذر للشعب السوداني بسبب عدم توفر الخدمات)، بالنسبة لقائد قوات الدعم السريع فإن عدم توفر مياه الشرب بالعاصمة سببه تخريب متعمد من جهاتٍ تسعى إلى إفشال الفترة الانتقالية، مشدداً على سعيهم إلى تقديم الخدمات للمواطنين برغم صعوبة التحديات التي تواجه الفترة الانتقالية. وأن البعض يعمل على دس المحافير.
1
لا يبدو اعتذار رئيس مجلس السيادة ونائبه الأول عن فشل الاجراءات التي تقوم به مؤسسات الحكومة الانتقالية في السودان هو الأول، وبالطبع لن يكون الأخير في ظل تمدد حالة العجز وعلى مستويات متعددة في سودان الثورة التي يقول الكثيرون بأنها باتت مهددة بفعل هذا العجز، وأنه ربما ينتهي بها المطاف لأن يردد البعض في حضرة مشروعها مثلما قال الراحل الشريف زين العابدين الهندي (لو شالا كلب ما في زول بيقول ليهو جر) في وقت ينظر آخرون لحالة الرهق هذه بأنها تأتي في سياق تمهيد التربة التي تجعل السودانيين يقايضون حريتهم بالحصول على الخدمات والقبول بنموذج سيسي سوداني جنوب الوادي، والتي يجب مقاومتها وبكل ما يستطيعون.
2
في مخاطبته لإفطار المبادرة الشعبية لحماية الثورة (مشاعل) أخرج حميدتي الهواء الساخن وقال: كلمتنا لم تعد مسموعة لأنو شيطنونا بفض الاعتصام. وأردف : الوضع الآن لا يعجب؛ ونحنا خجلانيين موية زرقاء ما لاقين نشربها”، “اليوم المواسير مقفلة وأي زول عاوز يفشل اخوه” ،. وواصل: الناس عاوزة تتمكن ولا أحد يهتم بالشعب، “ ناس الحرية والتغيير لازم يرجعو للشعب عشان يمشوا قدام، وشدد الانتخابات سوف تأتي مهما تأخرت، وأن الكلمة الفصل ستكون للشعب، وحذر حميدتي قائلاً : إن تبادل الانتقادات لن يجعلنا نعبر وننتصر، ونتيجته ستقود البلاد للتشظي، بالطبع لم تكن انتقادات حميدتي لقوى الحرية والتغيير أمراً جديداً فقد سبق أن نعت هذه القوى بأن قضايا الثورة وتقديم الخدمات هي آخر أولوياتها وأنها مشغولة بالمحاصصات وتبديل التمكين بتمكين جديد، وقال: أقول للشعب السوداني زول شغال بيكم ما في ومفروض الدولار يكون بي (20) جنيه وليس (400) لو الناس اتفقت كلها او كما قال.
3
حسناً.. وقبل يوم من حديث نائب الرئيس الناقد لقوى الثورة ولمسؤولي الفترة الانتقالية كان رئيس مجلس السيادة الفريق البرهان يقول في إفطار التجمع الاتحادي إننا جميعنا في مركب واحدة، وأنه لا تراجع عن الشراكة مع قوى إعلان الحرية والتغيير، بينما في ذات الإفطار كان رئيس الجبهة الثورية الهادي إدريس وعضو مجلس السيادة والشركاء يطلق انتقاداته في شكل تساؤل حول ما الذي قدمه المسؤولون عن الثورة طوال سنتين من عمرها ؟ مؤكد أن الجميع يجب ان يتحمل مسؤوليته أمام الشعب وأن الجميع أمام طريق واحد هو تحقيق غايات الثورة وأهدافها وهو أمر لا يمكن الوصول إليه دون وحدة قوى الثورة وهي التصريحات التي تؤكد على أن ثمة تصدعات في جدار قوى الثورة وأن الجميع ليسوا على قلب رجل واحد
4
تعيش مكونات الحكومة الانتقالية في حالة من التباينات والاختلاف في وجهات النظر، وهو ما يدعو البعض إلى ضرورة خلق حالة من التمييز بين قوى الثورة وبين حكومة الفترة الانتقالية وفقاً للحزب الشيوعي السوداني أحد القوى السياسية التي شاركت في إنجاز الثورة السودانية فإن الحكومة الراهنة لا تمثل الثورة ولا أهدافها ولا غاياتها، وهو موقف لطالما ردده الحزب واكد عليه في آخر بياناته، وزاد عليه: بأن طريق استعادة الثورة يكمن في إسقاط هذه الحكومة التي تمثل مجموعات بعينها تسعى لتحقيق أهداف وغايات قوى دولية وتحالفات إقليمية تتقاطع مصالحها مع مصالح الشعب السوداني يأتي ذلك بالتزامن مع تصريحات لرئيس مجلس السيادة أكد من خلالها أن حكومة الثورة لا تنقاد لأي محور، وأن هدفها ومحورها هو تحقيق مصالح السودانيين وتوفير الحياة الكريمة لهم، وهو الأمر المتفق عليه بينهم والشارع الثائر.
5
لكن وإن صدقت اتهامات نائب رئيس مجلس السيادة حول التربص بين المكونات السياسية وان كلاً منها يعمل من أجل إفشال الطرف الآخر مما يقود لأن يدفع الشعب السوداني فاتورة هذا الأمر بحسب مبررات حميدتي؛ فإن السبب في كل ذلك هو انشغال هذه المكونات بتحقيق مصالحها الذاتية وسعيها لتعزيز مكاسبها الحزبية في مشروع التمكين الجديد؛ بينما ينظر فريق لهذه النزاعات وفي المعارك المحتدمة بين قوى الثورة او بين القوى السياسية بأنها تأتي بسبب زيادة الفجوة بين الحكومة والشارع بشكل عام؛ من خلال السياسات التي تبنتها في الفترة الأخيرة وأن الجميع بدأ ينظر إليها من خلال منظار الفشل، الحكومة الانتقالية فشلت في تحقيق اختراقات في كل ملفات الاقتصاد وعجزت ايضاً عن تحقيق أهداف الثورة في بناء سودان العدالة، وفشلت فإن يتم شغل المناصب بناء على الكفاءة بحسب ما جاء في إعلان الحرية والتغيير، وبالطبع في الوثيقة الدستورية التي أصبحت بالنسبة لمن قاموا بالتوقيع عليها صنم العجوة القابل للالتهام في أي وقت.
المصدر من هنا