الخرطوم ” الزين عثمان
في باريس كان ثمة يوم سوداني طويل، بدأ بمغادرة طائرة بدر للطيران وهي تحمل الوفد السوداني برئاسة رئيس الوزراء عبد الله حمدوك، الذي كان في طريق صعوده مغادراً يتلقى هدية عبارة عن بوكيه ورود من أحد أفراد طاقم الرحلة، بينما بقيت الخرطوم والمدن السوداني في انتظار ثمار الزيارة ومخرجات مؤتمر كان عنوانه الأبرز ؛ دعم التحول الديمقراطي في سودان الثورة، وتقرأ في كتاب آخر مساعدة البلاد في تجاوز أزمتها الاقتصادية الطاحنة، وهو أمر لا يمكن الوصول إليه دون إعفاء ديون السابقين التي ترهق كاهل الحاضر، وتجعل من الطريق نحو المستقبل شائكاً و صعباً، لكنه ليس مستحيلاً أو كما قال رئيس الوزراء في كلمته: كل شيء يبدو مستحيلاً حتى يتحقق.
1
كانت أول ثمار المؤتمر هو إعلان البنك الدولي عن تقديمه قرضاً بمبلغ 2 مليار دولار للسودان، و قال حافظ غانم، نائب رئيس البنك الدولي إن البنك سيقدم قرضاً للسودان بمبلغ (2) مليار دولار خلال الأشهر المتبقية من العام الجاري 2021. وأشار خلال حديثه يوم الاثنين، فى مؤتمر باريس لدعم الانتقال الديمقراطي في السودان إلى الآثار الوالدة يجابية للصلاحات الإقتصادية على صعيد التنمية فى فترة وجيزة، مؤكداً أن السودان سيحقق فرصاً كبيرة وأنه يزخر بثروة حيوانية كبيرة.وأوضح أن الموقع الجغرافي للسودان يؤهله للوصول إلى الأسواق الإقليمية خاصة في الشمال، بجانب إمكانياته الضخمة التى ستؤدي إلى تهيئة مناخ الإستثمار، ودعا حافظ المجتمع الدولي لمواصلة دعم السودان، مؤكداً أن البنك الدولي يعمل على تعزيز بيئة الاستثمار في السودان. وقال غانم “إننا نتطلع للمزيد من العمل مع الحكومة”، مضيفاً أن الشراكة مع البنك الدولي أمر بالغ الأهمية، وأوضح أن السودان قد استعاد عضويته الكاملة مع البنك الدولي.
2
واعلنت دولة النرويج اعفاء كافة ديونها علي السودان علي شرف اقامة مؤتمر باريس بينما اعلنت المملكة العربية السعودية كذلك عن سعيها لاعفاء ديون السودان مكن إدراج ديون السودان في ثلاث قوائم رئيسة، تشمل دائنين متعددين، وقائمة لبنوك تجارية عالمية، وقائمة لقروض ثنائية بين السودان ودول عالمية تقسم عادة إلى فئتين لأعضاء نادي باريس وقائمة أخرى لأعضاء من خارج نادي باريس. وتبلغ قيمة ديون السودان لصالح مجموعة “الدائنين المتعددين” حوالي 5.5 مليارات دولار وتشمل هذه المجموعة مؤسسات تمويل دولية وإقليمية من بينها المؤسسة الدولية للتنمية والبنك الأفريقي للتنمية، والصندوق العربي للإنشاء الاقتصادي والاجتماعي، والصندوق الدولي للتنمية الزراعية، وصندوق أوبك للتنمية الدولية، وبنك الاستثمار الأوروبي، ومؤسسة أي أم أف المختصة بحماية الاستثمارات، والبنك الإسلامي للتنمية.
بينما الدائنون الثنائيون، وهي دول أقرضت السودان مباشرة، ينقسمون في فئتين، دول نادي باريس ودول من خارج النادي، وتبلغ قيمة مستحقات الدائنين الثنائيين حوالي 31.8 مليار دولار، منها 16.1 مليار دولار لدول أعضاء نادي باريس. وتشمل ديون نادي باريس كلا من الدول الآتية : النمسا، بلجيكا، كندا، دنمارك، فرنسا، ألمانيا، إيطاليا، اليابان، هولندا، النرويج، روسيا، اسبانيا، سويسرا، المملكة المتحدة، الولايات المتحدة الأميركية.
3
وتشمل قائمة ديون السودان من غير أعضاء نادي باريس، الجزائر والصين وكرواتيا، التشيك، المجر، الهند، إيران، العراق، أيرلندا، الكويت، ليبيا، ماليزيا، سلطنة عمان، باكستان، بولندا، دولة قطر، رومانيا، السعودية، صربيا، تركيا، الإمارات.
أما ديون السودان التي تعود لبنوك تجارية دولية فتبلغ قيمتها 5.9 مليارات دولار منها 64 مليون دولار قروض قصيرة، و 4.6 مليارات دولار لنادي لندن، و1.2 مليار لآخرين وهم عدد كبير من حاملي الديون. وفي التوزيع الدقيق للمستحقات، تبلغ ديون الكويت على السودان 7.4 مليارات دولار، ونادي لندن تبلغ ديونه على السودان 4.6 مليارات دولار، وفرنسا 3.6 مليارات دولار، والسعودية 3.4 مليارات دولار، فيما الولايات المتحدة أقرضت السودان 2.5 مليار دولار، بينما النمسا تبلغ ديونها على السودان 2.4 مليار دولار.
لكنّ هناك دولاً دائنة للسودان، بيد أن مستحقاتها قليلة جدا مقارنة بغيرها. فأيرلندا دائنة للسودان بمبلغ 7.6 ملايين دولار، وهو مبلغ بسيط جداً في عالم الديون، بينما للمجر ديون على السودان تبلغ 17.9 مليون دولار، كما أن ديون روسيا على السودان تبلغ حوالي 23 مليون دولار.
4
وتبادل السودانيون في وسائل التواصل الاجتماعي بحالة من البشر (فيديو) تم عرضه في المؤتمر؛ يشير للمقدرات التي يملكها السودان، وفي ذات الوقت لحالة التعدد التي تزخر بها البلاد مما يجعلها أرض الفرص العظيمة وهو ما بدا واضحاً في الكلمة التي قدمها وزير المالية جبريل ابراهيم في المؤتمر وقال إن السودان يمتلك موانئ فى موقع استراتيجي تستقبل جميع أنواع البضائع من دول العالم، متطلعاً للاستفادة من الفرص المتاحة فى مجال النقل النهري. وأردف؛ إن السودان لديه مساحات شاسعة تحتاج الى الاستغلال الأمثل فضلاً عن وجود ثروة حيوانية هائلة ، مشيراً إلى أن مشروع الجزيرة يعتبر أكبر مشروع مروي في العالم، داعياً الى ضرورة تحسين أنظمة الري والبنية التحتية بالمشروع، وأكد جبريل – خلال مخاطبته مؤتمر باريس لدعم الانتقال الديموقراطي في السودان – التزام الحكومة بتوفير البيئة الملائمة من خلال الإصلاحات المتعلقة بالإطار القانوني لجذب الاستثمارات الأجنبية ،مشيداً بالقرض التجسيري المقدم من الحكومة الفرنسية لدعم الشراكة بين البلدين. وأشار إلى الإصلاحات الاقتصادية التى اتخذتها الحكومة الانتقالية والمتعلقة بسعر الصرف وتخفيض عجز الموازنة للعمل على خفض التضحم بالبلاد، ، مؤكداً أن الحكومة تعمل على تعزيز آليات تخفيف المخاطر وتوفير الحوافز للمستثمرين.
5
وقال رئيس مجلس الوزراء عبد الله حمدوك افتتاحية مؤتمر باريس لدعم الانتقال الديمقراطي في السودان إن :” السودان بلد غني جداً، لا نريد منح، نريد استثمارات” وأضاف أن السودان لديه إمكانات هائلة للصناعة الزراعية والصناعات القائمة على الزراعة، مما يوفر إمكانية الروابط الأمامية والخلفية نحو التصنيع. وأشار حمدوك في افتتاحية +مؤتمر باريس – إلى ضرورة توفير الوظائف الصناعية، لشبابنا بدلاً من قيامهم بهذه الرحلة الخطيرة عبر البحر الأبيض المتوسط. وأكمل : “من الأفضل يبقون معنا ويطورون البلد معنا” وزاد حمدوك: “نحن مصممون وملتزمون بالقطع مع ماضينا من خلال تحقيق السلام المستدام والديمقراطية التي تلبي آمال وتطلعات شعبنا”. مما يجعل من بلاد النموذج الذي يحتذى في المنطقة، مشيراً للإمكانيات المتوفرة في مشاريع الطاقة المتجددة والتقى رئيس مجلس الوزراء بمعية رئيس مجلس السيادة الفريق اول عبد الفتاح البرهان بالرئيس الفرنسي ماكرون، الذي ردد شعارات الثورة السودانية (حرية سلام وعدالة) بينما أكد رئيس مجلس السيادة الفريق البرهان على استمرار الشراكة بين المدنيين والعسكر من أجل تحقيق كل الغايات في سودان المستقبل.
المصدر من هنا