السودان الان

يخبركم الوطني.. الثورة تمت سرقتها، ويطالب بانتخابات حرة نزيهة، وبقيام مؤسساتها بمشاركة المؤتمر الوطني وبيان الشورى الطويل لا ينتهي دون مهاجمة الحكومة وسياساتها، ويجدد للبشير رئاسته لا تستغربوا الحقيقة هي أن (المحلول يعود)

مصدر الخبر / صحيفة اليوم التالي

الخرطوم ” الزين عثمان
سيكون المخلوع رئيساً لحزب المؤتمر الوطني المحلول حتى العام 2023 لن يؤثر على ذلك كون الرجل ما زال خلف قضبان سجن كوبر.
يوم السبت عقد مجلس شورى حزب المؤتمر الوطني اجتماعه الأول منذ سقوط النظام، قرّر فيه الرفض القاطع لقرار حل الحزب، مشيراً إلى أنه قرار سياسي بامتياز لم تصدره جهة قضائية ولم تسبقه أي إدانة، بل ولا حتى توجيه تهمة. وأجرى الاجتماع تعديلاً على النظام الأساسي، وقرر التمسك برئيسه المنتخب رغم وجوده في الحبس، وذلك إلى حين انتهاء دورته.وطالب بعودة الفترة الانتقالية إلى مسارها الطبيعي، والذي يتطلب إعداد البلاد للانتخابات في الفترة المقررة لذلك، والتي تنتهي في 3 أكتوبر 2023 .
1
بعد ما يزيد من العامين من سقوطه، ومن القرار الخاص بحل الحزب وحظر أنشطته؛ انعقد اجتماع مجلس شوراه وأصدر بيانه الختامي الذي قال فيه : رغم حل الحزب وحظره دون قرار قضائي وإنكار حقه القانوني في التنظيم والتجمع دون مسوغ قانوني، وما يستتبع ذلك من ملاحقة وتضييق، ورغم تعذر مشاركة عدد من الأعضاء إما بسبب تغييبهم في المعتقلات دون جريرة، او لاضطرارهم مغادرة البلاد للمنافي، تقاطر إلى الاجتماع من العاصمة والولايات مئات الأعضاء رجالاً ونساء بما مكن من عقد هذا الاجتماع على نحو مستوف لكامل مطلوبات الانعقاد. كما شهد الاجتماع عدداً من كوادر الحزب بصفة مراقب. وهو الانعقاد الذي يعيد فتح أبواب الأسئلة على مصراعيها حول قانونيته؛ لكنه يمضي أكثر للتساؤل حول قدرة الحكومة الانتقالية ومؤسساتها على تنفيذ قراراتها الصادرة.
2
في بيانه يهاجم مجلس الشورى الحكومة الانتقالية ومؤسساتها، ويصفهم بسارقي أحلام الشباب في الثورة، والراغبين بشكل رئيسي في إقصاء الإسلاميين من المشهد السياسي السوداني، مشيراً لما اسماهم الشيوعيين والليبراليين، وقال البيان إن الحزب يراقب عن كثب المؤامرات التي تحاك خارج السودان، ويوكل تنفيذها الى عملاء بالداخل لتضييق الخناق على الإسلاميين، ودفعهم للتطرف لإلصاق صفة الإرهاب بهم، وتهيئة الفرصة للانقضاض عليهم. وقد أهاب المؤتمرون بقواعدهم ألا يلتفتوا لهذا الكيد، وألا ينجروا للفخاخ المنصوبة، وألا يستخفهم هذا الاستفزاز عن نهجهم الوسطي المتمسك بأهداب الدين، والحفيظ على سلامة الوطن واستقراره، والمتماهي مع السمت السوداني الأصيل في السماحة والاعتدال. ويواصل الحزب هجومه على سياسات الحكومة الاقتصادية التي أدت لإفقار الشعب عبر القرارات غير المدروسة، ويرفض ايضاً وجود البعثة الأممية، وما اسماه الطموحات النخبوية وصراعات مكونات الانتقال وسعيها لجر البلاد نحو المزيد من عدم الاستقرار.
3
في بيانه يطالب مجلس شورى الوطني إلى عودة الفترة الانتقالية الى مسارها الطبيعي، والذي يتطلب إعداد البلاد للانتخابات في الفترة المقررة لذلك، والتي تنتهي في 3 أكتوبر 2023. ويلفت الانتباه الى ما يتطلبه هذا من أهمية المسارعة لتشكيل مفوضية الانتخابات وإصدار القوانين التي تضمن التنافس الحر النزيه بين كافة القوى السياسية بما فيها المؤتمر الوطني دون إقصاء أو عزل. وإلى أن تتخذ الحكومة الانتقالية الخطوات المفضية لذلك؛ يمضي الحزب وكل القوى المساندة له في برنامج تصعيدي بكافة السبل المشروعة، حتى تفيئ الحكومة الانتقالية الى جادة الصواب فتعيد الفترة الانتقالية لطبيعتها وبرنامجها فتجري الانتخابات العامة في موعدها المقرر دون تأجيل او تسويف ودون استثناء لأحد. وهو ما يقرأ وكأنه محاولة لإعادة عقارب الساعة للوراء والتعامل مع الثورة، وكأن شيئاً منها لم يحدث.
4
حسناً أن يعود المؤتمر الوطني إلى الظهور أمر لا يبدو مستبعداً خصوصاً في ظل الإحساس الذي ينتاب عضويته بعد سقوط نظامها وإحساس قادته الذين فقدوا مزايا كونهم حاكمين، فهي خطوة كانت منتظرة لكن الأمر هنا ينطلق حول كيف سمحت السلطات بقيام التجمع للحزب المحظور، وهل كانت على دراية بما جرى فيه أم أنها علمت بمخرجاته بعد صدور البيان من مجلس الشورى، أم أنها كانت تتابع ما يحدث منذ البداية ؟ بعيداً عن إجابات الأسئلة المتعلقة بكيف انعقد الاجتماع في الوقت الراهن يتساءل البعض حول مآلاته على الفترة الانتقالية برمتها، ولأي مدى يعبر عن حالة من التماهي مع ما يرغب في تحقيقه الحزب المحلول، ولأي مدى يمكن النظر للأمر بأنه يأتي كصفقة يمكن قراءتها مع تحولات المشهد الخارجي ووصول النائب الأول لرئيس مجلس السيادي على رأس وفد وزاري إلى العاصمة التركية، حيث يتواجد عدد من منسوبي الحزب المحلول هناك، وهل كان التقاضي عن قيام المؤتمر هو المقابل لوصوله إلى هناك؟ وهل تراجعت القبضة الأمنية في ما يتعلق بمواجهة الإسلاميين في السودان، وفتح الأبواب أمام مشروع تسوية جديد، يكون فيه من أسقطهم الشارع جزءاً من معادلة الحل.
5
بالنسبة للكثيرين فإن انعقاد اجتماع مجلس شورى الحزب المحلول في الوقت الراهن، مشهد آخر يعبر عن العجز الحكومي في ما يتعلق بتنظيم مسارات الانتقال وتأكيد على أن تيار التسوية يمضي لتحقيق أهدافه وغاياته، وأن الثورة تمت سرقتها؛ لكن ليست وفقاً لتعبير بيان المؤتمر الوطني وإنما وفقاً لتعبير الشارع الذي يطرح سؤاله الآن إن كان من أسقطناه بالباب يعود بالشباك، ويعقد اجتماعاته، فلمن كانت تردد المواكب عبارة (تسقط بس؟)، الرافضون لما يجري الآن ينتظرون خطوة من الحكومة وتحديداً من لجنة تفكيك التمكين بتوقيف كل المشاركين في الاجتماع ومحاكمتهم على تجاوزهم القانون، فهل تستطيع القيام بذلك؟ وهل تتمكن من الحصول على قائمة المشاركين أم أنها ستعود لاستخدام ذات الاعتذار المحفوظ المتعلق بأن المؤسسات الأمنية غير متعاونة في ما يتعلق بمواجهة وتفكيك بنية النظام المخلوع ؟

المصدر من هنا

عن مصدر الخبر

صحيفة اليوم التالي