كتبت: د. عواطف عبد القادر سقا
تغطي البحار والمحيطات 70% من سطح الكرة الارضية لذلك تسمى بالكوكب الأزرق ،ويعتبر البحر الأحمر الذي يقع بين قارتين ممراً بحرياً دولياً هاماً واستراتىجياً ذلك لأهميته التجارية والسىياسية والأمنية والاقتصادية في المنطقة التي تنال اهتماماً عالمياً. وفي عالم اليوم يتعاظم الاهتمام البحار والمحيطات لدورها المحوري في تعزيز الاقتصاد والأنشطة االتجارية حيث يعيش حوالى 50% من سكان العالم في المناطق الساحلية اوعلى الجزر أو يرتبط نشاطهم بالموارد الطبيعية ذات المصدر البحري .
تأثرت البحار والمحيطات بالتغييرات المناخية الناتجة عن أنشطة الإنسان غير الراشدة تجاه بيئته مما دفع بالمنظمات الدولية للاهتمام بالأمر وتوجيه عدد من الأنشطة التي توضح الاتفاق الدولي على ضرورة حماية البيئة البحرية وصونها من أجل السكان والأجيال القادمة .
يتمتع السودان بسواحله على البحر الأحمرعلى الحدود الشرقية للبلاد حيث تمتد لمسافة تتراوح بين 750 -853 كلم ونسبة لارتفاع درجة حرارة المنطقة وشح مياه الجريان السطحي تجاهه تبلغ درجة ملوحته بين 39 الى 44%0 في حين أن المتوسط عالمياً لدرجة الملوحة حوالى 35%0 هذا الأمر يستدعي خصوصية حساسية الموارد الطبيعية في البحر الأحمر للمتغيرات في درجة الحرارة وارتفاعها المتوقع عالمياً . وتمتلك خمس محليات فى ولاية البحر الأحمر شواطئ بحرية مطلة على البحر وهي حلايب ، القنب والأوليب ،بورتسودان ،سواكن وعقيق حيث تعتبر دنقناب ومحمد قول في الشمال وسواكن وهوشيري في الجنوب مراكز تجميع الصيد البحري الأساسية في السودان.
صدرت عدد من التقارير التي حددت أهم الأنشطة الاقتصادية في مجال البيئة البحرية في السودان والتي تحتوي على مجموعة من القطاعات الواعدة اقتصادياً اذ تشمل قطاع النقل البحري الذي يحتاج لتحسين مستمر لكفاءة خدمات الموانئ البحرية السبع الموجودة حالياً في السودان وتطويرها وتوسيع مواعينها ورفع القدرات البشرية واللوجستية بها وهناك قطاع الثروة السمكية الذي يحتاج لتعزيز قدرات الاستثمار في مجال مصائد الاسماك والاستزراع بكافة أنواعه . الى جانب الحاجة لتوفير المعلومات عن المخزون السمكي الطبيعي وتنظيم مهنة الصيد فالسودان يذخر بالتنوع في مجال الأسماك وعلى سبيل المثال لا الحصر يوجد في السودان 240 نوعاً من الأسماك العظمية ،منها 60 نوعاً رصدت في منطقة خليج دنقناب ، و52 نوعاً في منطقة بورتسودان و192 نوعاً في منطقة سواكن اضافة الى الأنواع الأخرى من الاسماك الغضروفية والرخويات وغيرها .
علماً بأن منطقة دنقناب قد أعلنت محمية طبيعية ضمن التراث العالمي وهناك عدد من المشروعات البيئية بالمنطقة التي تستهدف الحفاظ على المحمية وتنمية حياة سكان المنطقة .
شواطىء البحر الأحمر تتميز بجمالها ونقاء الشواطئ وتفرد الشعاب المرجانية ومحافظتها من التلوث وهذا يجعلها وجهة سياحية خلابة وجاذبة للسواح خاصة في منطقة جزيرة سنقنيب المرجانية والمسجلة ضمن التراث العالمي .
وهناك موارد ستثمارية اخرى منها تحلية المياه ،انتاج الملح ،انتاج المعادن ،انتاج الجبص وكذلك انتاج الغاز الطبيعي والبترول . المواد الصيدلانية والمنتجات الطبيعية المتنوعة وهناك انشطة استثمارية اخرى مثل استضافة الكيبلات البحرية، والتوسع في زراعة اشجار الشوري (المنجروف) التي تخزن الكربون بكفاءة عالية حيث يمكن استثماره في الأسواق العالمية .
ولابد من تعزيز جمع المعلومات وتحديثها لإنشاء قاعدة للمعلومات حول الموارد البحرية الحية وغير الحية قي السودان لتبادلها وإتاحتها للجهات ذات الصلة خاصة دول حوض البحر الاحمر ودول الإيقاد، خاصة المعلومات حول القيمة البيئية والاستخدامات التراثية الاجتماعية والاقتصادية للموارد الطبيعية البحرية و تمكين المجتمع المحلي من معرفة مكونات البيئة البحرية وتيسر فهم تلك المكونات المختلفة وعلاقاتها حتى يتمكن من استخدام الموارد البحرية بشكل مستدام ومتوازن يضمن استغلالها والمحافظة عليها ،.ويجب المحافظة على البحر وسواحله من التلوث ولاثره السالب علي البيئة البحرية ومواردها .
ومن الاسبقيات السعي لتنسيق ومواءمة انشطة البيئة البحرية في مجال التوعية مع دول منطقة البحر الاحمر علي ان تنفذ الانشطة التوعوية وفقاً لمفهوم وبرمجة كل دولة و يتم تقييم التأثير الايجابي والسلبي للتوعية وانعكاس مخرجاتها علي تغير السلوك او في اتخاذ إجراءات رسمية للحد من ظاهرة معينة او تغيير في السياسات والتشريعات وتبني مبادارات مؤثرة خاصة بين الأوساط الشبابية والنسوية .
ويتوجب ادخال برامج التوعية البيئية ضمن المجال التربوي لانها وسيلة فعالة لتغير سلوك الأفراد تجاه البيئة في مستقبلهم ويفترض ان يتم ذلك عبر تصميم برامج عن البيئة البحرية تهدف لترسيخ مفهوم بيئة بحرية سليمة غنية ومتنوعة تحقق للسكان العيش الكريم والرفاهية .
وتندرج ضمن المهددات اللبيئة البحرية التأثير المتوقع للتغييرات المناخية في ارتفاع درجات الحرارة وذوبان الجليد الذي سيؤثر علي ارتفاع مستوي سطح البحر وإغراق الشواطئ والجزر في بعض مناطق العالم وتأثير ذلك علي ملوحة المياه ,كما يعتبر التلوث بالنفط الناتج عن النقل والتعدين او الحوادث والتلوث بالبلاستيك والمواد الصلبة من المخاطر التي لفتت انتباه العالم . البحر اللاحمر يمكن ان سفينة النجاة لانسان السودان اقتصاديا وتجارياً اذا ماتم تنمية القدرات والبنيات التحتية للاقتصاد الازرق بصورة ممنهجة ومدروسة ليعود بالفائدة على البلاد مع الحفاظ فى ذات الوقت على بيئة البحر من التلوث وهذه هى جوهر التنمية المستدامة .
المصدر من هنا