الخرطوم – يوسف حمد
أمس (الجمعة)، تعادل فريق مريخ نيالا أمام فريق الهلال بهدف لكل، في مباراة للدوري الممتاز؛ ولأن المريخ فريق إقليمي من مناطق الهامش السياسي، يعد التعادل أمام فريق من المركز بمثابة انتصار معنوي للكرة وللمجتمع هناك، أكثر من كونه حصولاً على نقطة في مسابقة الدوري والبطولة الأولى في البلاد.. بالطبع فإن الحدث، بالدرجة الأولى، يهم الرياضيين إلى حد بعيد، لكنه ينبغي أن يأتي بالقرب من السياسة أيضًا؛ إذ يجدر أن يطل السؤال هكذا: ما الرسالة وما الجو العام الذي سيشيعه تقدم فريق كرة القدم في المدينة التي تشهد تدهوراً أمنياً مستمراً، وصراعاً محتدماً لعدة سنوات منذ عام 2003؟ ويتعيّن أن نتذكر أن كرة القدم هي نشاط مرتبط بالسلم لمن يودون الاستمتاع بها. ومع ذلك، هل يرد الانتصار على فرق العاصمة اعتباراً إلى مناطق تنطوي على غبينة تهميش من المركز؟ وما الانتصار التعويضي الذي يوفِّره تقدم فرق دارفور في منازلتها لفرق العاصمة التي تستأثر بالانتصارات منذ أن عرف السودانيون لُعبة كرة القدم؟
بعد انضمام حي العرب بورتسودان والشرطة القضارف وتريعة البجا إلى النسخة الحالية من الدوري الممتاز، يلحظ المراقب أن غالبية مناطق السودان الجغرافية لها أندية مشاركة في المسابقة، لكن هل يمكن أن يُعتبر تمثيل اللعبة البديل المناسب للتمثيل السياسي المطلوب؟
في ثنايا الإجابة على هذه الأسئلة يتعيّن علينا أن ننتبه إلى أنه خلال أربعة أعوام حققت فرق كرة القدم من ولايات دارفور وجودًا بالتتابع في مسابقات الدوري الممتاز: مريخ الفاشر، هلال الفاشر، مريخ نيالا، حي الوادي نيالا (للأسف، تغيب الجنينة حتى الآن)؛ وقد وصل مريخ الفاشر، العام الماضي، إلى المركز السادس بعد تغلبه على المريخ العاصمي في الخرطوم بنتيجة واحد صفر. صحيح، قد يكون الملايين من الدارفوريين المهتمين باللعبة منقسمين بين فريقي العاصمة (الهلال والمريخ) لكن هذا لا يمنع، بأي حال، من تشجيع فريق المنطقة والانحياز إلى انتصاراته، خاصة إذا كانت منطقة منكوبة مثل دارفور، إذ إن أحد عشر لاعبًا يمكنهم أن يمثلوا الملايين المهزومين بالحرب والنزوح، انطلاقاً من (نزعة كرة القدم) التي لا يقف معها الأمر عند مجرد فريق كروي يلاعب فريقاً آخر، بل يمضي إلى الأبعد: (نحن) ضد (هم)!
ليس من السهل التكهن بمصير فريق الهلال العاصمي داخل الميدان وهو ينازل فريق حي الوادي نيالا في الأول من مارس المقبل (فريق الوادي نيالا من فرق المقدمة، رغم حداثة تجربته في الدوري الممتاز)، لكن من السهل لفت الانتباه إلى الزخم الذي يفرزه قيام المباراة هناك، وحصول فريق الوادي نيالا على نقاطها مثلاً، إذ من المتوقع أن يشير إلى تساوي الكتوف بين المركز والهامش في لعبة لا تعرف إلا من يخلص إليها! صحيح، قد تتفوق فرق العاصمة بفضل الدعم الاقتصادي المتوفر لها؛ لكن يبدو أن الولاة في دارفور فطنوا لهذا الأمر أخيرًا؛ فقد كان الوالي السابق محمد عثمان كبر شديد السخاء على فريق عاصمته (مريخ الفاشر)، كأول فرق دارفور الصاعدة إلى الدوري الممتاز، وأتاح له استضافة بطولة (شرق ووسط أفريقيا- سيكافا)، بل يشير النقاد الرياضيون إلى مساهمة كِبر في صعود هلال الفاشر، بوصفه الفريق الثاني الصاعد إلى الدوري الممتاز من دارفور.
وفي كل الأحوال، لم تعد كرة القدم مجرد جلدة منفوخة.
يمكنك ايضا قراءة الخبر في المصدر من جريدة اليوم التالي