السودان الان السودان عاجل

عقب التقرير الاخير .. هل تقود الأزمة المتفاقمة في السودان إلى تدخل دولي وشيك؟

مصدر الخبر / موقع التغيير

حذر المراقبون من أن الوضع الإنساني في السودان يزداد سوءًا بشكل متسارع، حيث دخلت البلاد في 21 شهرًا من النزاع المستمر بين الجيش وقوات الدعم السريع. وقد أشاروا إلى أن جميع المؤشرات المتاحة تدل على أن الوضع قد يخرج عن السيطرة، مما يستدعي اتخاذ قرار دولي عاجل للتدخل الإنساني لإنقاذ حياة السودانيين الذين يعانون من تداعيات هذا الصراع المستمر.

في سياق متصل، عقد مجلس الأمن الدولي اجتماعًا لمناقشة أزمة انعدام الأمن الغذائي في السودان، وذلك بناءً على طلب من الحكومة البريطانية. وقد تم تناول الأزمة الإنسانية في البلاد ضمن جدول الأعمال الذي يركز على “حماية المدنيين في حالات النزاع المسلح”، مما يعكس القلق الدولي المتزايد حيال الوضع الراهن.

وفقًا لتقرير صادر عن الأمم المتحدة، من المتوقع أن يتم تخصيص جزء كبير من المناقشات للتوصيات الواردة في تقرير “مجلس الإغاثة الإنسانية” الذي صدر في الرابع والعشرين من ديسمبر. وقد أكد التقرير على ضرورة اتخاذ إجراءات سياسية عاجلة من قبل المجتمع الدولي لضمان وقف إطلاق نار دائم، بالإضافة إلى الحاجة الملحة للتدخل الإنساني الشامل لدعم نحو 25 مليون سوداني يواجهون خطر الجوع، في ظل تقارير تشير إلى مقتل حوالي 150 ألف شخص منذ بداية النزاع في منتصف أبريل 2023.

يأتي هذا في إطار جدل واسع النطاق أثاره تقرير حديث صادر عن لجنة مراجعة المجاعة التي تتبع تصنيف مرحلة الأمن الغذائي المتكامل، والذي حدد المجاعة في خمس مناطق، وأشار إلى 17 منطقة أخرى كأماكن محتملة لحدوث المجاعة.

توقع المراقبون أن يؤدي تدهور الأزمة الإنسانية في السودان إلى دفع مجلس الأمن لاتخاذ تدابير فعالة لمعالجة الأسباب الرئيسية لانعدام الأمن الغذائي في البلاد، مثل النزاعات وحالات النزوح.

مع تصاعد الأزمة الإنسانية وزيادة انتشار الجوع بشكل سريع، يعتقد المراقبون أن الخطر الفعلي يكمن في إنكار الحكومة والعوائق المفروضة على منظمات العمل الإنساني.

على الرغم من أن التقرير الذي صدر حديثًا أشار إلى أن بعض المناطق في شمال دارفور وجبال النوبة الغربية بولاية جنوب كردفان قد دخلت مرحلة المجاعة بالفعل، وأن مناطق أخرى متضررة من النزاع في العاصمة الخرطوم وولاية الجزيرة وسط البلاد قد تواجه ظروفًا مشابهة لتلك المناطق المعلنة كمناطق تعاني من المجاعة، إلا أن السلطات في بورتسودان تعبر عن انتقادها لتلك التقارير وتشكك في دقتها.

وفي هذا السياق، تتوقع الكاتبة الصحفية صباح محمد الحسن أن يقوم أعضاء مجلس الأمن بتسليط الضوء على العقبات التي تعيق توزيع المساعدات، والتأكيد على ضرورة ضمان الوصول الإنساني السريع والشامل عبر جميع الوسائل، وهو ما يستلزم إنشاء ممرات إنسانية آمنة.

أفاد تقرير مجلس الإغاثة الإنسانية بأن هناك عوائق تعيق الوصول الإنساني، تتمثل في الحواجز الإدارية، وسوء حالة الطرق، فضلاً عن البيروقراطية وتأخير عمليات الموافقة التي فرضتها أطراف النزاع.

في هذا السياق، تشير الحسن لموقع “سكاي نيوز عربية” إلى أن “الإنكار المستمر والخطابات التي يروج لها وزراء الحكومة في بورتسودان حالياً لتشويه سمعة المنظمات يعكس المخاوف من ردود الفعل الدولية المتوقعة بسبب إخفاء آثار المجاعة ووضْع عوائق أمام المساعدات الإنسانية”.

وتقول: “لقد وضعت الأزمة الإنسانية المتزايدة حكومة بورتسودان في مأزق جديد يواجهها بتحديات مع المجتمع الدولي بشأن الوضع الإنساني في البلاد.”

بينما استمرت الأنشطة الإنسانية عبر الحدود في تشاد وجنوب السودان، يشير التقرير إلى عدم وجود طرق ملائمة للوصول من المناطق الشرقية والوسطى التي تسيطر عليها القوات المسلحة السودانية إلى الولايات الغربية التي تحت سيطرة قوات الدعم السريع، مما hampers توزيع المساعدات الإنسانية.

في تصريحات سابقة، اعتبر قائد الجيش عبد الفتاح البرهان التقارير التي تشير إلى حدوث مجاعة في السودان بمثابة “ذريعة للتدخل في الشؤون الداخلية”. وقد قام بزيارة عدد من معسكرات النازحين، نافياً وجود مجاعة أو أزمة إنسانية. لكن الحسن ترى أن البرهان اختار أن يوجه “رسالة خاطئة للمجتمع الدولي”، حيث كان يتحدث من معسكر داخل مدينة بورتسودان – العاصمة الإدارية المؤقتة، مما يجعل هذا المعسكر غير قابل للاعتماد كمقياس للجوع والمعاناة. وتضيف أنه لو خرج إلى المعسكرات في الولايات الأخرى لوجد المواطنين ينامون تحت خيام بالية ويحتاجون إلى الغذاء والملابس والغطاء والأدوية، فضلاً عن شراء بطانية تحمي أطفالهم من البرد القارس.

تشير الحسن إلى أن عدم الاعتراف بوجود المجاعة وإعاقة نشاط بعض المنظمات الدولية المعنية بالمساعدات الإنسانية سيكونان مدخلًا لاتخاذ قرارات دولية.

وفقًا لعدد من المراقبين، فإن الزيادة المستمرة في أعداد النازحين مع امتداد النزاع إلى أكثر من ثلثي الولايات الـ 18 في السودان تؤدي إلى تفاقم الأزمة الإنسانية بشكل كبير، وتضع المجتمع الدولي أمام مسؤولية تاريخية.

وفقًا للأمم المتحدة، شهد عدد النازحين داخليًا في السودان زيادة تقارب 27 بالمئة في عام 2024، حيث ارتفع من 9 ملايين نازح في ديسمبر 2023 إلى 11.5 مليون نازح في ديسمبر 2024.

كانت الولايات التي شهدت أكبر زيادة في أعداد النازحين خلال العام هي القضارف، شمال دارفور، نهر النيل، جنوب دارفور، والنيل الأزرق.

يشير الأكاديمي والباحث السياسي الأمين مختار إلى أن الحرب أدت إلى أسوأ أزمة نزوح، وأثّرت بشكل كبير على الموارد البشرية والمادية في البلاد، حيث فقد أكثر من 60% من السكان مصادر عيشهم. ويضيف أن الوضع في السودان يشهد عجزًا في ميزان المدفوعات، بالإضافة إلى تضخم وبطالة وركود اقتصادي كبير، مما أثر على أوضاع النازحين والأشخاص المحاصرين في مناطق الصراع.

ويشير مختار إلى أنه “ما لم تتوقف الحرب، سيجد السودان نفسه في وضع كارثي يحتاج إلى تدخل عاجل لتوفير الحماية الضرورية للمدنيين”.

شهد السودان في عام 2024 حدوث 389 حادثة أدت إلى نزوح مفاجئ، وذلك حسبما أفادت به تنبيهات الإنذار المبكر من مصفوفة تتبع النزوح. وتضمنت هذه الحوادث 226 حالة نتيجة للهجمات والصراعات و130 حالة بسبب الفيضانات.

تهدف خطة الاستجابة الإنسانية للسودان لعام 2025 إلى جمع 4.2 مليار دولار لتوفير المساعدات الضرورية التي تنقذ الحياة لأكثر من 21 مليون شخص يواجهون المخاطر، واستعادة الخدمات الأساسية، وتعزيز مستوى الحماية.

عن مصدر الخبر

موقع التغيير