السودان الان السودان عاجل

الميثاق التأسيسي في السودان ينهى جدلاً دستورياً متطاولاً: علمانية أو حق تقرير المصير

مصدر الخبر / صحيفة الشرق الاوسط

وقعت مجموعة من القوى السياسية والمدنية بالإضافة إلى حركات مسلحة اتفاقية سياسية جديدة تحت مسمى “الميثاق التأسيسي للسودان”، والذي يمثل خطوة هامة نحو إنهاء الجدل الدستوري الذي استمر لفترة طويلة. ينص الميثاق على أن السودان سيكون “دولة علمانية ديمقراطية لامركزية”، مع التأكيد على مبادئ الحرية والمساواة والعدالة. كما يضمن الميثاق عدم انحياز الدولة لأي هوية ثقافية أو عرقية أو دينية أو جهوية، ويمنح الشعوب السودانية الحق في تقرير مصيرها في حال عدم إقرار الدستور المؤقت أو الدائم الذي سيحدد بوضوح علمانية الدولة.

يتضمن الميثاق دعوة لإنشاء “جيش وطني جديد وموحد ومهني وقومي” يعكس التنوع الموجود في المجتمع السوداني، مع التأكيد على ضرورة عدم تدخل الجيش في السياسة أو الاقتصاد. يهدف هذا الجيش إلى تعزيز الوحدة الوطنية وضمان استقرار البلاد. كما يسعى الميثاق إلى إنهاء النزاعات الداخلية وتسهيل وصول المساعدات الإنسانية إلى المحتاجين، مما يعكس التزام الموقعين بتحقيق السلام والتنمية في السودان.

جرت مراسم التوقيع على الميثاق في اجتماع مغلق بمركز “جومو كنياتا” للمؤتمرات في نيروبي، عاصمة كينيا، بعد اجتماع سابق شهد تغطية إعلامية واسعة في مبنى حكومي كيني. وقد أثارت هذه الاجتماعات ردود فعل من وزارة الخارجية السودانية، التي أعربت عن اعتراضها على بعض جوانب الاجتماع. تأتي هذه الخطوة في وقت حساس بالنسبة للسودان، حيث يسعى الجميع إلى تحقيق الاستقرار السياسي والاجتماعي في البلاد.

تنسيق مع مصر

أكد وزير الخارجية السوداني علي يوسف، بعد لقائه مع نظيره المصري بدر عبد العاطي في العاصمة الإدارية الجديدة بالقاهرة يوم الأحد، أن “الحكومة الموازية لن تحظى باعتراف من أي طرف”. وأضاف: “نواصل التشاور مع مصر بسبب خطورة الأوضاع في السودان والمنطقة”.

قال: “لا توجد طريقة لإنهاء الحرب سوى استسلام (قوات الدعم السريع) أو التخلص منها”. وأضاف يوسف: “الجيش السوداني يحقق تقدمًا ثابتًا نحو استعادة السودان لأهله”، مشيرًا إلى أن المشاورات مع مصر مستمرة “نظرًا لخطورة الأوضاع الداخلية في السودان والأوضاع الإقليمية”.

من جانبه، شدد عبد العاطي على رفض مصر لأي مبادرات تهدف إلى إنشاء هياكل بديلة عن الإطار الحالي في السودان، مشيراً إلى أن سلامة الأراضي السودانية تُعتبر “خطاً أحمر” بالنسبة لمصر.

تشير توقعات المراقبين إلى أن الحكومة المرتقبة قد تنال دعم عواصم قريبة من “الدعم السريع”، مثل أوغندا وإثيوبيا وتشاد وجمهورية أفريقيا الوسطى وجنوب السودان (الذي استدعى سفيره من السودان احتجاجاً على مقتل العديد من مواطنيه)، بالإضافة إلى كينيا التي تستضيف الحدث.

حكومة السلام

أفاد الموقعون على الميثاق أنهم سيؤسسون “حكومة سلام” على الرغم من المخاوف التي أعربت عنها منظمات حقوق الإنسان والمجتمع الدولي، والتي اتهمت “قوات الدعم السريع” بارتكاب انتهاكات جسيمة وجرائم إبادة جماعية منذ بدء القتال مع الجيش السوداني في أبريل 2023.

صرح حاكم إقليم دارفور، مني أركو مناوي، يوم الأحد، بأن الذين شاركوا في توقيع وثيقة «الدعم السريع» أصبحوا «شركاء قانونيين في الإبادة الجماعية والتطهير العرقي» الذي نفذته «قوات الدعم السريع» في السودان.

شهدت مدينة نيروبي الكينية في ساعات الصباح الأولى من يوم الأحد، توقيع اتفاق يهدف إلى تشكيل حكومة أُطلق عليها “حكومة السلام”، التي ستكون “موازية” للحكومة الداعمة للجيش، وستتخذ من مدينة بورتسودان على ساحل البحر الأحمر عاصمة مؤقتة.

شارك في توقيع الميثاق أكثر من عشرين حزبًا وحركة مسلحة وقوى مدنية، بالإضافة إلى “قوات الدعم السريع”. ومن بين أهم المشاركين “حزب الأمة القومي”، الذي مثل منه رئيسه فضل الله برمة ناصر، و”قوات الدعم السريع” التي مثلها قائدها الثاني عبد الرحيم حمدان دقلو. كما شاركت “الحركة الشعبية لتحرير السودان – الشمال”، حيث وقع عنها نائب رئيسها جوزيف توكا، و”الجبهة الثورية” التي وقع عنها عدد من ممثليها، من بينهم رئيس “حركة العدل والمساواة” سليمان صندل، وعضوا مجلس السيادة السابقان الهادي إدريس والطاهر حجر، إضافة إلى “الحزب الاتحادي الديمقراطي – الأصل” الذي وقع عنه القيادي إبراهيم الميرغني.

جاء الميثاق متميزاً عن جميع المواثيق السودانية السابقة، حيث تم الفصل في جدالات مطولة بين أنصار الدولة الإسلامية والمدنية والعلمانية. كما استخدم مصطلح “الشعوب السودانية” ومنحها حق تقرير المصير في حال رفض العلمانية، بدلاً من مصطلح “الشعب السوداني” الذي استُخدم لوصف السودانيين منذ الاستقلال.

يؤسس الميثاق، وفقًا للموقعين عليه، لإنشاء سلطة جديدة في البلاد تُعرف باسم “حكومة السلام” الانتقالية. ووفقًا لتصريحات صحفية، من المتوقع أن يتم الإعلان عن تشكيل الحكومة من “داخل السودان” في موعد لا يتجاوز شهرًا واحدًا من توقيع الميثاق.

التمسك بوحدة السودان

جذبت المشاركة الواسعة لـ”الحركة الشعبية لتحرير السودان – الشمال” بقيادة عبد العزيز آدم الحلو، بالإضافة إلى عدد من كبار القادة العسكريين والسياسيين فيها، الانتباه، وكان توقيعها على الميثاق السياسي “مفاجأة كبيرة” أدهشت المراقبين.

تناولت بنود الميثاق الأوضاع الناتجة عن الحرب المستمرة في البلاد بين الجيش السوداني و”قوات الدعم السريع” منذ أكثر من واحد وعشرين شهرًا، مؤكدة على أن حماية المدنيين من الانتهاكات وتقديم المساعدات الإنسانية لملايين المتضررين من النزاع هي أولوية قصوى للحكومة الجديدة المزمع تشكيلها.

وأكد الموقعون على التزامهم بوحدة السودان طوعياً، أرضاً وسكاناً، مع التشديد على أهمية تأسيس دولة تعتمد على أسس عادلة ومستدامة من خلال معالجة الجذور التاريخية لأسباب النزاعات.

أشارت القوى الموقعة إلى أن الدوافع الأساسية لإنشاء حكومة تمثل جميع السودانيين تشمل إنهاء الحرب، وذلك بعد أن رفضت الحكومة التي تتخذ من بورتسودان عاصمة مؤقتة لها كافة المبادرات الوطنية والإقليمية والدولية الهادفة إلى إنهاء الحرب وتحقيق السلام.

اتفقت الأطراف على إنهاء وجود عدة جيوش وميليشيات، بحيث تعمل الحكومة التي سيتم تشكيلها والإعلان عنها خلال شهر من توقيع اتفاق تأسيس “جيش وطني جديد ومهني واحد بعقيدة عسكرية جديدة”، والذي يكون تابعًا للسلطة الحكومية المدنية ويمتنع عن التدخل في الشؤون السياسية والاقتصادية.

حل حزب البشير

وشدد الميثاق على ضرورة حل وتفكيك حزب النظام السابق “المؤتمر الوطني” وحاضنته التنظيمية الحركة الإسلامية وكل واجهاتها، بالإضافة إلى مصادرة أموالها وأصولها لصالح الدولة. كما يتضمن ذلك مكافحة الفساد واسترداد الأموال والممتلكات التي تم الحصول عليها بطرق غير مشروعة سواء داخل البلاد أو خارجها.

اعتمد الموقعون على نظام اقتصادي اجتماعي يضمن حرية عمل السوق، مع التأكيد على دور الدولة الإيجابي في حماية وتنمية الفئات الضعيفة.

فيما يتعلق بالسياسة الخارجية للحكومة، دعا الميثاق السياسي إلى الابتعاد عن سياسة المحاور التي اتبعتها السلطة “غير الشرعية” في بورتسودان، والتي تهدد مصالح الدول على البحر الأحمر، مما أدى إلى حالة من الاستقطاب والاصطفاف الدولي تجعل البلاد طرفاً في هذه التكتلات، وهو ما لا يسهم في إنهاء الحرب. كما اعتبرت أنه من واجب الحكومة المساهمة في إنهاء هذا الوضع الذي يشكل “خطرًا كبيرًا” على استقرار السودان وأمنه القومي.

وأشار الميثاق إلى أن استمرار النزاع الذي تقوده الحركة الإسلامية و”حزب المؤتمر الوطني” قد أدى إلى خلق ظروف ملائمة لجذب الجماعات الإرهابية إلى السودان، الذي تحول إلى ملاذ ومنطلق لعملياتها في المنطقة والدول المجاورة. وأكد أن “حكومة السلام” ستعمل بكل طاقتها لمكافحة الإرهاب الذي يهدد السلم والأمن في المنطقة والعالم.

عن مصدر الخبر

صحيفة الشرق الاوسط

تعليق

  • – دولة علمانية ارضاءً للحلو !!!
    – ما راي قطعان سيدي المهدي و علي ؟؟؟
    – برمه و برهو لا يمثلان قواعد القطعان لان الديناصورات جامده متحجره في انتظار الفته ان تبرد !!!!