أكد رمطان لعمامرة، المبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة، على أن تنفيذ إعلان جدة يحتوي على فرص لتقليل إراقة الدماء.
مع اقتراب الحرب في السودان من دخول عامها الثاني، شدد السيد رمطان لعمامرة، المبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة للسودان، على أهمية تكثيف الجهود وتنسيقها للتوصل إلى حل سلمي يحترم سيادة السودان واستقلاله ووحدة أراضيه، ويعمل على إنهاء أكبر أزمة إنسانية في العالم.
وشدد لعمامرة على أن الحل يجب أن يكون سياسياً، داعياً إلى استثمار الحكمة والقدرة على تخطي الأسباب التي أدت إلى اندلاع النزاع. وأكد أن الشعب السوداني هو الذي يملك السيادة والقرار بشأن مستقبله.
في حديث مطول مع أخبار الأمم المتحدة في نيويورك، تناول المسؤول الأممي الوضع المتدهور في السودان والتحديات التي تواجه جهود السلام، مشيراً إلى أنه يعمل بجد لإقناع الأطراف المتصارعة وصناع القرار بأن الحل الوحيد هو الذي سينبثق من إرادتهم السياسية المشتركة.
وأكد السيد لعمامرة على أهمية إعطاء أولوية قصوى لحماية المدنيين في السودان، مجددًا دعوة الأمين العام للأمم المتحدة إلى وقف الأعمال العدائية خلال شهر رمضان.
التعلم من أخطاء الماضي
دعا السيد رمطان لعمامرة السودانيين إلى الاستفادة من تجارب الماضي، مشيرًا إلى أن الجهود الحالية للتوصل إلى حل يجب أن تُجرى في إطار احترام سيادة السودان واستقلاله ووحدته كدولة وشعب. وأضاف قائلاً:
“أرى أن هذه نقطة لا تقبل النقاش. وفيما يتعلق بالأمم المتحدة – وبالنسبة لي شخصياً – سأواصل التأكيد على هذه النقطة لأنها ضرورية، حيث نهدف إلى الخروج من هذه الأزمة بسودان قوي وموحد، سودان يتعلم من تجاربه التاريخية الحديثة، ويتخذ القرارات اللازمة لتجنب تكرار الأخطاء التي أدت إلى نشوب الحروب في الماضي القريب، بما في ذلك الحرب الحالية.”
ميثاق نيروبي
بخصوص التطورات الأخيرة في العاصمة الكينية نيروبي، حيث وقعت مجموعات سياسية وعسكرية ميثاقًا يعبر عن نيتها لإنشاء سلطة حاكمة في المناطق التي تسيطر عليها قوات الدعم السريع، أشار السيد لعمامرة إلى تصريحات الأمين العام للأمم المتحدة التي عبّر فيها عن قلقه الكبير إزاء هذه الخطوة، معتبرًا أنها تزيد من خطر تقسيم السودان. وحذر لعمامرة من أن أي شيء يسهم في توسيع الفجوة بين السودانيين بدلاً من توحيدهم “غير مرغوب فيه”.
كما تحدث عن خريطة الطريق التي صدرت في بورتسودان في التاسع من فبراير، حيث أشار إلى أن الأمين العام للأمم المتحدة قد رحب بها وطلب من جميع السودانيين المهتمين المشاركة بأفكارهم لتعزيز الوثيقة التي أوضح أنها ستساهم في تسهيل النقاشات اللازمة لإعادة بناء دولة سودانية موحدة وقوية.
قال المبعوث الشخصي للأمين العام إن الخطوة التالية التي هو مستعد لاتخاذها هي البناء على الاقتراح الحالي “رغم حساسيته وصعوبته”. وشدد على أهمية التنسيق بين المبادرات المختلفة التي تهدف إلى الوصول إلى حوار وطني شامل في السودان.
وقال أيضًا: “هدفنا الوحيد هو إقناع المعنيين بالانخراط في المسار الذي نرى أنه يحتوي على بذور الحل التوافقي الذي يرضي الجميع”.
دور المجتمع الدولي
في هذا السياق، دعا المبعوث الأممي المجتمع الدولي إلى الاضطلاع بمسؤولياته وتنسيق الجهود لدعم السلام في السودان، مشدداً على أن انخراط المجتمع الدولي بجدية لحل الأزمة يتطلب “دراسة عميقة وموضوعية وفهماً دقيقاً” للمعطيات المتعلقة بالوضع، بما في ذلك جذور النزاع وتاريخه وأبعاده والعوامل المؤثرة فيه والتدخلات الأجنبية، وغيرها من العناصر التي يجب أخذها بعين الاعتبار عند تحليل الوضع.
لتجنب التضارب بين المبادرات، أكد لعمامرة ضرورة توحيد الجهود الدولية والإقليمية لجعلها “صوتًا واحدًا قويًا”. وأوضح قائلاً: “بالطبع، حل أزمة السودان وإنهاء الحرب والمعاناة التي يعيشها المواطنون يعد أمرًا متكاملاً، هناك العديد من المنافذ، ويجب تنسيق الجهود من خلال العمل الجاد في كل مدخل من مداخل الأزمة”.
رمطان لعمامرة- حوار الأمم المتحدة
مشاورات واسعة مع السودانيين
سلط المبعوث الشخصي للأمين العام الضوء على المشاورات الشاملة التي أجراها مع مجموعة متنوعة من مكونات الشعب السوداني، بما في ذلك الشباب والنساء ومنظمات المجتمع المدني، بهدف الاستماع إلى آرائهم ومقترحاتهم. وأكد على أهمية هذه المشاورات في فهم الأوضاع وتحديد الأولويات.
أوضح أنه يحرص على العمل بـ “الصمت” بعيدًا عن “دبلوماسية مكبرات الصوت”، وذلك، كما قال، لإتاحة الفرصة للمتحدثين للتعبير عن آرائهم بحرية. وأشار إلى أنه قدم رسميًا لقادة الطرفين (الجيش والدعم السريع) قائمة بالتوصيات التي نتجت عن هذه المشاورات مع ملاحظات المواطنين، وناشد أصحاب القرار البدء في تنفيذ ما يمكن تنفيذه.
وأضاف قائلاً: “الجهود مستمرة بجدية، وسنبذل كل ما في وسعنا دون نقصان”، مشيراً إلى أن غياب تحقيق تقدم أو إنجاز كبير لن يؤثر على الحماس للوصول إلى أهدافنا.
في نفس الإطار، أفاد السيد لعمامرة أن اجتماعاته مع السلطات الحكومية في بورتسودان تتم بروح من الاحترام. وأشار إلى أنه يهتم بالاستماع إلى جميع الأطراف، ويأخذ بنصائح ذوي الحكمة ومن يرغبون في المشاركة في وضع الحلول.
وأضاف قائلاً: “أعتقد أن مسؤولية تحقيق التوازن وكسب ثقة الجميع هي ما يدفعني عند الاستماع لوجهات نظر الأطراف. أرى أن لكل طرف رؤية شاملة مبنية – بالطبع – على حب السودان، لأنني أعتقد أنه لا يوجد أي منهم لديه وطن بديل. يجب أن يكون التركيز على هذا الوطن الواحد الذي يحتضن الجميع. وأعتقد أن الوقت سيأتي الذي يظهر فيه هذا الشعور بالحاجة إلى الحل السلمي المنشود.”
زخم في قمة الاتحاد الأفريقي
شارك السيد لعمامرة مؤخراً في قمة الاتحاد الأفريقي في أديس أبابا كممثل لوفد الأمين العام للأمم المتحدة، حيث ناقش مع عدة أطراف طرق الحل السلمي للأزمة في السودان بالتعاون مع دول الجوار والمنظمات الإقليمية والدولية، بدءًا من الاتحاد الأفريقي وجامعة الدول العربية والإيقاد ومنظمة التعاون الإسلامي. وأكد أن القمة أعطت اهتمامًا كبيرًا لقضية السودان.
في هذا السياق، رحب بانتخاب السيد محمود علي يوسف رئيساً لمفوضية الاتحاد الأفريقي، وأشاد بمساهمته في دعم جهود السلام في السودان. وأشار إلى أنه قد تعاون معه سابقاً في هذا المجال، وعبر عن ثقته بأنه سيقدم قيمة مضافة للمفوضية.
هل من أمل في تنفيذ إعلان جدة؟
قبل حوالي عامين، وقعت الأطراف السودانية في مدينة جدة على إعلان يهدف إلى حماية المدنيين وضمان وصول المساعدات الإنسانية دون معوقات.
عندما استفسرنا السيد لعمامرة حول إمكانية تنفيذ الإعلان على أرض الواقع والعقبات التي تعترض ذلك، وصف المسؤول الأممي الإعلان بأنه “وثيقة واعدة وإيجابية، وهي الوحيدة التي وقع عليها الجميع وتوافقوا عليها بعد أيام من بدء الحرب”، مشدداً على أهمية بدء محادثات تحضيرية تقنية قريبة، بهدف الشروع في التطبيق الفعلي لإعلان جدة بسرعة وكفاءة.
وأكد على أن تنفيذ إعلان جدة يحتوي على إمكانية تقليل إراقة الدماء. ودعا إلى التعاون مع الأطراف المعنية للوصول إلى فهم مشترك لمحتوى هذه الوثيقة، وبدء تنفيذها في أقرب فرصة ممكنة.
“رسالة تضامن” إلى الشعب السوداني
في نهاية حديثه مع أخبار الأمم المتحدة، أرسل السيد لعمامرة رسالة إلى الشعب السوداني والأطراف المتصارعة بمناسبة شهر رمضان، حيث أكد أن الشعب السوداني يسعى إلى الحرية والسلام والتعايش السلمي، وأضاف قائلاً:
“رسالتي تعبر عن الأخوة. إنها رسالة تحمل قيم الإسلام التي يعتز بها المسلمون وغير المسلمين. يجب على المعنيين بالأمر أن يتبعوا دائمًا تعاليم الإسلام السمحة ويقدروا قدسية الحياة الإنسانية. نأمل أن يستفيد الإخوة من هذه الفرصة للتفكير في رمضان خالٍ من العنف، رمضان مليء بالأخوة والتطلعات لمستقبل أفضل.”
* مركز أخبار الأمم المتحدة
أجرى الحوار: عبد المنعم مكي
“رمطان” لعمامرة يدعو إلى وقف إطلاق النار في شهر “رمضان” الكريم.
كل سنة وانت طيب يا “رمطان” !!