كتابات

عوض عدلان يكتب : أجندة ملغومة

مصدر الخبر / الراكوبة نيوز

 

في محيطنا العربي هناك تجربتان للإنفصال غير معترف بهما دوليا أو إقليمياً ولكنهما تمضيان منذ سنوات بطريقة سلسة مما يعني أن عدم الإعتراف الدولي أو الإقليمي وحده لن يوقف السير في طريق المناداة بالانفصال ولكنه فقط قد يعيد بعض الهدوء الحذر للمتصارعان على الأرض ويعمل على (تأجيل) عملية الإنفصال أو رتق لحمة الدولة مرة أخرى كما حدث في اليمن إبان حكم الراحل علي عبد الله صالح الذي أعاد الوحدة بين اليمن الشمالي والجنوبي ب(الخدعة) والحيلة ثم البطش بعد ذلك ولكنه رغم ذلك لم يستطيع اسكات الأصوات المنادية بالانفصال.

والتجربتان الماثلتان أمامنا اليوم هما التجربة الليبية التي تعيش بحكومتان أو الحكومة الرسمية المعترف بها دوليا في (طرابلس) وحكومة المارشال حفتر في (بنغازي) غير المعترف بها دولياً رغم أنها الأكثر هدوءاً وتنظيماً وانفتاحاً واستقراراً ثم التجربة الصومالية (الفريدة) والتي تعيش هي أيضاً بحكومتان إحداهما معترف بها إقليمياً ودولياً في (مقديشو) وأخرى غير معترف بها ولكنها تنعم بالإستقرار وعملة وجيش والمفارقة ان كلا الحكومتين (ديمقراطية) تتبادل فيها الأحزاب الحكم بصورة سلسة وإنتخابات حرة نزيهة علماً أن الشعب الصومالي كله يتحدث لغة واحدة وأن الإسلام هو الدين الوحيد فمن النادر جدا ان تجد صومالي يدين بغيره.

وحتي لا نكذب علي أنفسنا وندفن رؤوسنا في الرمل كالنعام فإننا نسير في ذات النهج ونتجه الي الانقسام مرة اخري بعد فصل جنوب البلاد ولكن بصورة مختلفة هذه المرة برفض جميع مكونات ابناء الغرب والوسط والشمال للأمر لكن ستكون هناك حكومتا (أمر واقع) سيتعاملان مع بعضهما بأسوأ صورة فنحن لا نمضي في هذا الطريق تحت راية ( أبغض عدوك هونا ما عسى ان يكون صديقك يوما ما ) كما فعلت الحكومات الموازية بالصومال وليبيا ونمضي في هذا الطريق بتغذية الغل والعنصرية ويبشر طرفا الحرب فيها بمزيدا من المحارق ضد مواطنيهم ويتوعدان بعضهما بحرب أهلية طويلة الأجل وكأنما هذا الشعب ليس شعبهم وان هذه الأرض ليس أرضهم ..

ولن نكرر (الاسطوانة) التي أصبح الجميع على قناعة بها وهي الجلوس إلى طاولة التفاوض لإعادة الحكم المدني الديمقراطي مع أبعاد كافة أطراف الحرب وبدأ في صناعة جيش وطني واحد فقد (توسعت) الاطماع خلال فترة الحرب ودخلت العديد من الأطراف في انتظار تقسيم (الكيكة) حتي قبل أن تستوي داخل الفرن ولقناعتنا بأننا سنعود يوماً كشعب واحد قوي فإن كل ما نأمله خلال هذه الفترة كأضعف الإيمان هو إبتعاد كافة الأطراف عن خطاب الكراهية والقبلية البغيض والذي انتشر في الفترة الأخيرة بصورة واسعة فمهما اختلفنا وتقاتلنا سنظل في النهاية شعب واحد تربطنا الأخوة والصداقة ووشائج دم ومصاهرة ومعاشرة ستمنع هذا التقسيم على أرض الواقع وسيتجاوز هذا الشعب العظيم يوماً أطماع الساسة والعسكر الذي قادتة لهذه التفرقة والقتال فالحكام زائلون ولكن الشعوب باقية وعلينا أن نعمل منذ الآن أنه عندما يأتي هذا اليوم المنشود ان يجد القلوب صافية ..

وعلينا بوعينا أن نتجاوز أجندة طرفي الحرب الملغومة فهما لم يقودانا الي (الهلاك) فحسب، بل يعملان على ألا يكون لنا مستقبل ايضا.
الجريدة

 

تنويه : الخبر تم جلبه من المصدر ونشره اليا في اخبار السودان كما هو رابط
المصدر من هنا

عن مصدر الخبر

الراكوبة نيوز

أضف تعليقـك