السودان الان

زيارة الرئيس إلى الكويت ليست “تاكتيكية” إنما زيارة للمستقبل ومطلوب منها أن تؤدي إلى رؤى جديدة “إخوة يُعتمد عليهم”

مصدر الخبر / صحيفة اليوم التالي

الخرطوم – نازك شمام
“السودانيون يمكنهم الاعتماد على إخوتهم بالكويت”.. لن تنسى الحكومة السودانية هذه العبارة التي خرجت من لسان نائب رئيس مجلس الوزراء ووزير الخارجية الكويتي السابق، الشيخ الدكتور محمد صباح السالم الصباح، عند انعقاد اجتماعات اللجنة الوزارية العليا بين البلدين في دورتها الأولى بالخرطوم في عام 2010، والتي عدت في وقتها فتحا جديدا في مسار العلاقات التي شابها الحذر والريبة ردحا من الزمن، وربما جالت هذه العبارة نفسها في أذهان الوفد الرئاسي الذي وصل صباح أمس لدولة الكويت بقيادة الرئيس عمر البشير، في زيارة رسمية تستغرق يومين، ولم يكتف وزير الخارجية الكويتي السابق بهذه العبارة فقط وهو يخاطب رصفاءه من الوزراء، فقال في افتتاحية جلسات اللجنة إن هذا اليوم تاريخي في علاقات البلدين لتدخل مرحلة جديدة من التعاون المشترك تدعمها العلاقات التاريخية المتجذرة بين البلدين. وأضاف أن الكويت على علم بالمرحلة الحرجة التي يمر بها السودان، وأن السوادنيين يمكن أن يعتمدوا على إخوانهم في الكويت.
الوفد الذي حزم أمتعته ووصل الكويت صباح أمس، غلبت عليه التركيبة الاقتصادية، فكان وزير المالية والتخطيط الاقتصادي ووزير الاستثمار ووزير الكهرباء والموارد المائية ضمن الوفد، بما يشي بأن القضايا التي ستناقش يغلب عليها الطابع الاقتصادي عن السياسي، والناظر إلى تاريخ العلاقات المشتركة بين البلدين يتبين له أن الكويت كان لها أثر واضح في تمويل معظم مشاريع التنمية بالسودان، منذ أول قرض قدمه الصندوق الكويتي للسودان في عام 1962 والذي كان لصالح السكة حديد.
وبالعودة إلى ما قدمته الكويت خلال السنوات الماضية من قروض ومنح وتمويل مشاريع، نجد أنها نالت دور الريادة في تقديم القروض والدعم والمشاركة في الاستثمار بالسودان في مجالات التصنيع الزراعي والإنتاج الحيواني ومشروعات صناعة السكر والبنيات الأساسية والطاقة والمياه، وساهم الصندوق الكويتي للتنمية في تطوير سكر كنانة وحلفا الجديدة والزراعة الآلية بالرهد وطريق سنار سنجة الدمازين، وبلغت جملة ما قدمه الصندوق من قروض ومنح للسودان أكثر من (500) مليون دولار لتمويل مشروعات استراتيجية، كدعم صندوق الجنوب، وسد مروي، وسكر النيل الأبيض، ليبلغ إجمالي ما قدمته دولة الكويت عبر صناديقها والهيئة العامة للاستثمار (4) مليارات دولار.
وشهدت الفترة من 2000 إلى 2006م، تنظيم الملتقى السوداني الاقتصادي (2005)، تدفق الكثير من الاستثمارات الكويتية (القطاع الخاص)، شملت الاستثمار في قطاعات النقل والمقاولات والدواجن وصيد الأسماك والمصارف، حيث تم التوقيع على إنشاء بنك مشترك بين السودان والمجموعة الدولية للاستثمار، برأس مال بلغ ملياري دولار، وبنك جسور برأسمال ملياري دولار، وإنشاء مدينة النيل الأزرق المتكاملة بتكلفة (4) مليارات دولار. لا غرو فقد شهدت الخرطوم زيارة (1.500) مستثمر ورجل أعمال كويتي خلال السنوات القليلة الماضية، علاوة على تنظيمها المؤتمر الدولي للمانحين والمستثمرين لشرق السودان، مما يؤكد صدق مواقفها تجاه السودان وحرصها على تنميته ووحدته واستقراره، والذي يأتي (المؤتمر) كجزء من اتفاق شرق السودان الذي وقع في عام 2006، بتنفيذ متطلبات تنمية الإقليم باستقطاب الأموال والاستثمارات لتحقيق النهضة.
وبلغت الاستثمارات الكويتية بالسودان (5) مليارات دولار، وتأتي في المرتبة الثالثة بعد الاستثمارات السعودية والإماراتية، وهو الذي يفسر وجود وزير الاستثمار ضمن الوفد للعمل على زيادة تدفق الاستثمارات الكويتية على الأراضي السودانية، ووفقاً للمحلل الاقتصادي د. هيثم فتحي، فإن الاستثمارات الكويتية تتصف بأنها مرحة خاصة في ظل أجواء السودان المشجعة للاستثمار في الوضع الراهن، وفي ظل وجود فرص لا يستهان بها، وأكد على أن الشركات الكويتية الراغبة في الاستثمار ستجد ترحيبا وتسهيلات من قبل الحكومة السودانية، متوقعاً أن تكون زيارة البشير للكويت بداية لتدفقات استثمارية جديدة.
وأشار فتحي في حديثه مع (اليوم التالي) لمبادرة صاحب السمو أمير الكويت بالتبرع بمبلغ (50) مليون دينار للسودان، من أجل الاستثمارات في مجال التعليم والصحة في (3) ولايات في شرق للسودان، منها (16) مستشفى ريفياً و(14) مدرسة مهنية و(400) مليون قرض ميسر، و(150) مليون دولار، إضافة لدعم يتجاوز المليار دولار.. خصوصا أن المنحة التي قدمها سموها لدعم شرق السودان، مؤكدا على وجود مساعٍ من قيادة البلدين لجذب الاستثمارات الكويتية بقطاعيها العام والخاص للسودان وتنمية الاستثمارات وتعزيز العلاقات التجارية، خاصة استثمارات الأمن الغذائي وأن السودان لديه مبادرة الأمن الغذائي العربي والكويت، بطبيعة الحال كانت ولا تزال تدعم أية توجهات لتوفير الأمن الغذائي العربي من خلال الصندوق الكويتي للتنمية الاقتصادية في دعم مشاريع التنمية، فساهم في بناء السدود كسدي عطبرة وسيتيت وسد مروي وتعلية الروصيرص، التي بدورها كانت تمهيداً أو أعطت المجال للاستثمارات الحقيقية لمشاريع زراعية تنموية في مختلف مناطق السودان، في الشرق والشمال.
وتدعم الكويت منذ سنوات مشروع سكر كنانة الذي يعد من أنجح الاستثمارات العربية، وكذلك استثمارات في قطاع السياحة والفنادق ممثلة في فندقي كورال الخرطوم وكورال بورتسودان، ويتمتعان بموقع استراتيجي وحيوي على النيل والبحر الأحمر قبلة للسواح وشركة الدواجن واستثمارات كويتية في الاتصالات شركة زين وشركات كويتية كثيرة دخلت في السوق السودانية، كشركة عارف، بالإضافة لبعض الأفراد، إلا أنها واجهت بعض الصعوبات والمعيقات.
ونوه فتحي إلى مساهمات الصندوق الكويتي للتنمية الاقتصادية الذي مول بقرض لإنشاء مختبرات ومعامل للمعادن بالتعاون مع وزارة المعادن، واعتبره نقلة نوعية في القروض المقدمة من الصندوق الكويتي لقطاع التعدين، حيث تساهم المختبرات وعددها (12) مختبرا في توفير الإمكانيات الفنية والتقنية للكشف عن المعادن الثمينة كالذهب والألماس وغيرها من المعادن المتوفرة، وهو مشروع ضخم قدرت ميزانيته بـ(65) مليون دولار، واتفاقية قرض تساهم الكويت بنسبة (71 %) من خلال الصندوق الكويتي للتنمية وحكومة السودان بنسبة (29 %). وقال إن الكويت كانت موجودة من خلال شركة الاستكشافات البترولية (كوفبيك)، والآن هناك بعض الدعوات لعودة الاستثمار النفطي الكويتي بالسودان.

يمكنك ايضا قراءة الخبر في المصدر من جريدة اليوم التالي

عن مصدر الخبر

صحيفة اليوم التالي