اخبار الاقتصاد

جدل وناقش ساخن في باحة الوطن الكبير

مصدر الخبر / جريدة التيار

تقرير: محمد سلمان

أنهى مؤتمر الخبراء والعلماء السودانيين بالخارج أعماله أمس الأول في الخرطوم، وسط مشاركة فاعلة لعلماء وخبراء سودانيين يعملون في الخارج، وشهدت فعاليات المؤتمر الذي التأم خلال الفترة من (25 – 27 – فبراير) المنصرم بقاعة الأكاديمية العليا للدراسات الإستراتيجية الأمنية بسوبا مناقشات حادة، ومستفيضة من الخبراء المشاركين في مختلف قضايا الاقتصاد، والصحة، والتعليم، والمجتمع التي ناقشها، وخلص المؤتمر إلى توصيات قوية شملت جميع المحاور التي تمت مناقشتها، وتسلم رئيس الجمهورية المشير عمر حسن أحمد البشير لدى لقائه ببيت الضيافة ليلة أمس الأول المشاركين توصيات المؤتمر، وتعهد بتنفيذ التوصيات التي خرج بها الخبراء والعلماء السودانيين العاملين بالخارج، وإنزالها على أرض الواقع.

القاطرة الزراعية

وشدد المؤتمر خلال مناقشة ورقتي الزراعة والاقتصاد الكلي على ضرورة انتهاج سياسات عاجلة تؤدي إلى زيادة الإنتاج والإنتاجية، والاستفادة من التجارب الزراعية حول العالم، وقال بروفيسور حسن مزمل علي دينار المستشار في جامعة الملك فيصل بالمملكة العربية السعودية: “إن السودان يضم مشروع الجزيرة أكبر مشروع زراعي في العالم، وبه نحو (1134) مزارعا، هذا بجانب المشروعات المروية الأخرى بالبلاد، والزراعة المطرية”، وخلصت توصيات المؤتمر في الزراعة إلى ضرورة الاستفادة من التجارب الزراعية حول العالم، مثل تجربة الزراعة الأسرية بألمانيا، وتطوير تجربة المعارض الزراعية، ودعت التوصيات إلى إنشاء بنك للمعلومات الزراعية، وتنمية العلاقات مع الدول ذات الثقل الزراعي الشامل، ونادت التوصيات بعقد مؤتمر زراعي للعلماء والخبراء السودانيين بالخارج للاستفادة من خبراتهم، ووجه المؤتمر بتفعيل أجهزة التقييم الزراعي؛ لتقييم وتقويم تجارب تطبيق التقانات الزراعية، والعمل على التوسع فيها، ونادى المؤتمر بإنشاء شركات مساهمة عامة للمغتربين في مجالات الخدمات الزراعية لتساعد في تطبيق وتوفير التقانات الزراعية، بجانب شركات مساهمة عامة تعمل في مجال الطاقة الشمسية لتوفير البدائل، وشركات مساهمة عامة للعمل في الصناعات التحويلية، بالتركيز على التصنيع الزراعي والحيواني؛ للاستفادة من منتجات البلاد، وشدد الخبراء السودانيون على العمل الجاد لزيادة الإنتاجية، والاهتمام بالمحصولات النقدية ذات العائد في الصادر كـ (القطن، الصويا، السمسم، اللوبيا العدسية)، ودعوا إلى خلق آلية للتنسيق بالخارج، وتوفير فرص تدريب للسودانيين العاملين في الداخل في مختلف الأطر.

نصائح للحكومة

ونصح الخبراء السودانيون العاملون بالخارج بانتهاج سياسات أكثر عملية؛ لاستقطاب موارد السودانيين في الخارج، ووصفوا سياسة الحافز التي ينتهجها البنك المركزي بـ “غير الجاذبة”، وطالبوا الحكومة بالاتجاه نحو إنشاء شركات عامة، وإتاحة الفرصة للمغتربين لاستثمار مواردهم فيها، خاصة في المجال الزراعي، والصناعي التحويلي، وأبدوا استعدادهم للدخول في شراكات مع القطاع الخاص في الداخل، والحكومي- إن رغبت الحكومة، ولفتوا إلى أن القطاع الخاص أصبح الآن رأس الرمح، ونصح الخبير بالأمم دكتور عبد القادر ورسمة الحكومة بالتركيز على الخبرات والمؤهلات في الترشيح للمواقع القيادية بالمنظمات الدولية، وقال- خلال مداولته بالتوصيات: “فقدنا الكثير من المواقع القيادية في المنظمات الدولية؛ لأن الترشيح إما يكون لشخص يتمتع بالدعم السياسي من الحكومة لكنه غير مؤهل، أو شخص مؤهل لكنه لا يتمتع بالدعم السياسي من الحكومة”، ودعا ورسمة الحكومة إلى الوفاء بإلتزاماتها تجاه المنظمات الدولية، وأضاف “السودان ممكن أن يلعب دورا كبيرا في دعمه للأمم المتحدة بالخبرات والمتعاقدين”، وأوصى المؤتمر بحصر جميع السودانيين العاملين في المنظمات الدولية في مختلف المجالات، ونبه ورسمة إلى ما يمكن أن يقدمه هؤلاء الوطنيون للبلاد.

تهيئة المناخ لعودة المغتربين

أكد رئيس الجمهورية- لدى لقائه ببيت الضيافة الخبراء والعلماء السودانيين المشاركين في المؤتمر- حرص الدولة على تهيئة مناخ العودة للمغتربين، والاهتمام بقطاعات السودانيين في الخارج، والاستفادة من الخبرات الوطنية المهاجرة في تنمية البلاد، مبينا أن العنصر البشري يمثل أهم أعمدة التنمية، وثمّن الرئيس جهود السودانيين في الخارج وإسهاماتهم المستمرة في دعم البلاد في كافة المجالات، وقال: “ذلك ما شكل العنصر الأساس في مواجهة التحديات المختلفة التي مرت بها البلاد”، ونبه البشير إلى أهمية تواصل السودانيين في الخارج مع وطنهم، والعلماء والخبراء على وجه الخصوص، وربط الأجيال الجديدة بوطنهم وقيمه وموروثاته .
وفي السياق ذاته قال رئيس الجمهورية: “إن الحوار جاء بمبادرة من أهل السودان بكافة أطيافهم، وأن المغتربين كانوا جزءا أصيلا من برنامج الحوار، وقد خرج بوثيقة وطنية أجمع عليها كافة أهل السودان، كانت خلاصة لحوار استمر بينهم أكثر من عام”، مؤكدا التزام الدولة بتنفيذ مخرجاته بما يحقق طموحات الشعب السوداني في الداخل والخارج خلال المرحلة المقبلة من تأريخ البلاد.

شعور وواجب وطني

قال وزير الدولة بمجلس الوزراء، رئيس مجلس إدارة جهاز المغتريين جمال محمود إبراهيم: “إن العلماء والخبراء السودانيين حضروا إلى الوطن من واقع شعورهم الوطني بالواجب، ومساندة الوطن بفكرهم وتجاربهم”، مشيرا إلى أنهم خلال المؤتمر قد قاموا بالتداول ومناقشة (أربعين) ورقة وبحثا تطبيقيا في كافة التخصصات والمجالات، وأعرب محمود عن شكره لرئيس الجمهورية على توجيهه الدعوة إلى الخبراء والعلماء السودانيين في الخارج والالتقاء بهم، ورعاية مؤسسة الرئاسة للمؤتمر، فيما أوضح السفير الدكتور كرار التهامي الأمين العام لجهاز تنظيم شؤون السودانيين في الخارج أن المؤتمر واحد من أهم بنود الإستراتيجيات العظمى لنقل المعرفة التي يستهدف بها الجهاز كل الخبراء السودانيين بمختلف تخصصاتهم في ول العالم المختلفة، مبينا أن تجرية السودان في هذا المجال تعدّ تجربة قوية وكفيلة ببلوغ الغايات المرجوة منها، وقال التهامي: “إن المؤتمر حقق أهدافه من خلال الحضور النوعي الكبير للعلماء السودانيين بالخارج، وتكوين المجلس الاستشاري للخبراء والكفاءات السودانية في الخارج، وتكوين غرقة المؤتمرات الافتراضية للتواصل مع العلماء السودانيين في مهاجرهم المختلفة”، وأضاف “لقد مثّل المؤتمر علامة فارقة في مسارات نقل المعرفة”، مشيرا إلى اهتمام قيادة الدولة ببرامج المغتربين، وتقديرها لتضحياتهم، وخدماتهم المتصلة بلا مقابل.

من جهته نبَّه رئيس اللجنة التنفيذية لمجلس الخبراء السودانيين العاملين في الخارج البروفيسير صلاح حسين منديل إلى أهمية الالتزام بمخرجات الحوار الوطني، ودعا منديل إلى تكوين حكومة كفاءات تستند إلى الكوادر المناسبة في أماكنها المناسبة، لافتا إلى أن المرحلة القادمة هي مرحلة التنمية التي تستند على السلام الشامل في البلاد؛ لتحقيق التطور المنشود، وأعرب بروفيسور منديل عن أمله في إتاحة الفرصة للعلماء والخبراء السودانيين في الخارج للمشاركة في المرحلة القادمة من تأريخ البلاد .

تبقى عقبة التنفيذ

أربعون ورقة تمت مناقشتها خلال المؤتمر، وخرجت بحزمة توصيات مثلت حصيلة عصف ذهني لخبراء سودانيين يعملون في الخارج في مختلف المجالات، ويتبوأون مواقع رفيعة، تبقى العبرة- دائما- ليست في التنادي، ولا في الحديث الذي دار، إنما في الالتزام بما خرج به هؤلاء العلماء والخبرات الوطنية، بيد أن الأمين العام لجهاز تنظيم شؤوون السودانيين في الخارج دكتور التهامي جزم إن توصيات هذا المؤتمر لن تذهب أدراج الرياح كما يحدث في كثير من المؤتمرات، لكن هل سيكون ذلك حقيقة، أم إن شيطان التنفيذ، وإنزال الأمر على أرض الواقع سينتصر؟، وأبدى الخبراء السودانيون في الخارج رغبة قوية في العمل من أجل الوطن كل في مجاله، وشهدت جلسة اختيار ممثلين من الخبراء والعلماء السودانيين للمتابعة مع الجهات ذات الصلة، وإعداد لائحة المجلس الأعلى للسودانيين في الخارج جدلا ساخنا وسط المشاركين، وأمن المؤتمرون على اختيار لجنة ضمت (بروفيسور صلاح منديل، دكتور عبد القادر ورسمة، دكتور محمود قلندر، بروفيسور سيد أحمد، عبد المنعم سهل، ودكتور آمال مادبو، ومنى بابكر)، وتمسك العلماء بحقهم الديمقراطي في اختيار مجلسهم الأعلى الذي أعلنته رئاسة الجمهورية.

يمكنك ايضا قراءة الخبر في المصدر من جريدة التيار

عن مصدر الخبر

جريدة التيار