السودان الان

صباح اليوم تكمل دولة جنوب السودان “6” سنوات من ميلادها وعاشت نصف الفترة تحت نيران الحرب الأهلية “سنوات عجاف”

مصدر الخبر / صحيفة اليوم التالي

الخرطوم – بهرام عبد المنعم
صباح اليوم (الأحد) تكمل دولة جنوب السودان (6) سنوات على استقلالها عن السودان، ونصف تلك الفترة عاشتها الدولة الوليدة تحت أتون نيران الحرب الأهلية التي اندلعت منذ أواخر 2013، ولم تُخلف سوى القتل والدمار والتشريد والمجاعة.
واندلعت تلك الحرب المستمرة حتى اليوم، بعد عامين ونصف العام تقريبًا من نيل البلاد استقلالها في التاسع من يوليو 2011، عقب حرب أهلية أخرى استمرت أكثر من عقدين مع السودان، وأفضت إلى استفتاء شعبي جاءت نتيجته لصالح الانفصال.
حسنًا، مشاهد أربعة رغم مأساويتها إلا أنها ليست بجديدة، ولكن معظمها يتكرر للعام الرابع على التوالي، حيث إنها صنيعة الحرب الأهلية التي يغلب عليها الطابع القبلي والمندلعة منذ ديسمبر 2013، بين قوات الرئيس سلفاكير ميارديت، الذي ينحدر من قبيلة الدينكا، وقوات المعارضة المسلحة بزعامة النائب المقال للرئيس ريك مشار، من قبيلة النوير.
ورغم أنه جرى التوصل إلى اتفاق سلام، في أغسطس 2015، لكنه لم يفلح في إنهاء الحرب بين قوات سلفاكير ومشار، والتي خلفت مئات القتلى ومئات الآلاف من النازحين واللاجئين، علاوة على معاناة إنسانية زادت المجاعة من حدتها في بعض مناطق البلد، الذي يسكنه أكثر من (12.5) مليون نسمة.
تلك الحرب بددت أيضًا آمال التغيير إلى الأفضل، والتي رسمها شعب جنوب السودان ذلك البلد الغني بالنفط والثروة الحيوانية، حيث كان غالبيتهم العظمى يحلمون بحياة أفضل ومستوى معيشة أرقى، بفعل الاستقلال الذي جعل بلادهم تستحوذ بعد الانفصال، على نحو (75 %) من الثروة النفطية للسودان قبل الانفصال.
وهي حرب أيضًا بسببها بات نحو مليوني مواطن يعتمدون بشكل أساسي وشبه كلي على منظمات الإغاثة الدولية في توفير الغذاء لهم.
وكان ديفيد شيرر، رئيس بعثة الأمم المتحدة بدولة جنوب السودان، قال في رسالة له مؤخرًا، بمناسبة الذكرى السادسة للاستقلال: “بالنسبة للعديد من الناس ليس هناك احتفال لأن هناك حرب ومجاعة، ولا يزال هناك عديد من المواطنين لا يزالون ينتظرون ثمار حرب التحرير والاستقلال، أتمنى أن يعيش شعب جنوب السودان في الدولة التي يستحقونها، في بلد يلتزم قادته بالسلام ويتم تسخير موارده لصالح المواطن”.
وبسبب الأزمة الاقتصادية التي تعانيها جنوب السودان جرَّاء الحرب، وتراجع قيمة العملة الوطنية أمام الدولار، وتدني إنتاج البلاد من النفط الذي تعتمد عليه خزينة الدولة بنسبة (90 %)، أعلنت الحكومة مؤخرًا إلغاء الاحتفالات الرسمية بـ(عيد الاستقلال) الذي يقام في 9 يوليو من كل عام، وذلك للمرة الثانية على التوالي.
القرار جاء في ظل عدم قدرة الحكومة على الإيفاء برواتب الموظفين بالخدمة المدنية لما يقارب ثلاثة شهور.
وتشير الإحصاءات الدولية إلى وجود حوالى (1.8) مليون لاجئ من جنوب السودان، بينهم مليون طفل لاجئ، في كل من أوغندا، وإثيوبيا، وكينيا، والكونغو الديمقراطية وجمهورية أفريقيا الوسطى، بالإضافة إلى السودان، وذلك بخلاف النازحين داخل البلاد.
ويُعاني سكان المدن الرئيسة في جنوب السودان، من مشاكل معيشية كبيرة؛ جرَّاء موجة الغلاء، وتراجع سعر العملة المحلية (الجنيه) بصورة كبيرة أمام الدولار في السوق الموازي (غير الرسمي)، حيث بات الدولار الواحد يساوي (12) جنيهًا. ومع ضعف القوة الشرائية للجنيه، أصبح العديد من الأسر تعيش على وجبة واحدة في اليوم.
وتواجه دولة جنوب السودان خطر المجاعة رغم أن عدد سكانها قليل نسبيًا، بعض التقديرات تفيد ببلوغهم (12.3) مليون نسمة في 2016، فضلًا عن أنها استحوذت، عند الانفصال، على نحو (75 %) من الثروة النفطية للسودان قبل الانفصال، ما وفر لجوبا واردات بعشرة مليارات دولار.
كما أنها تملك ثروة حيوانية مهمة، على رأسها الأبقار، التي تُقدر بأكثر من (11) مليون رأس، إضافة إلى ثروات مائية وغابية وزراعية، وخاصة الفواكه الاستوائية مثل المانجو، لا سيمَّا وأن مساحتها تفوق مساحة فرنسا، وتقارب (620) ألف كلم مربع.
في شهر فبراير عام 2015 سجَّل برنامج الغذاء العالمي مؤشرات لاحتمال حصول جفاف في جنوب السودان وغيرها من الدول المجاورة بسبب ظاهرة (النينيو).
وأفصح أحد تقارير البرنامج، أن جنوب السودان كان قد شهد بداية جيدة جدًا للموسم الزراعي، وتنبأ أن يكون الموسم الزراعي استثناء من التنبؤ الإقليمي المُتشائم للمواسم الزراعية في الفترة بين شهري يوليو سبتمبر عام 2015.
بحلول شهر سبتمبر عام 2015 شهدت مقاطعة (لير) والتي تُعد مركزًا لزعيم المتمردين رياك مشار، حدوث مؤشرات مُستقبلية لحصول مجاعة تعم المقاطعة، لخلوها من الماشية، وأصبحت خالية تقريبًا من المدنيين الفارين من المذابح وإحراق المنازل والحقول.
وتشكو المنظمات العاملة في المجال الإنساني من تعرضها لمضايقات من قبل الحكومة في مناطق أعالي النيل (شمال شرق) وإقليم الاستوائية (جنوب)؛ ما أعاق إمكانية إيصال المُساعدات الغذائية إلى المواطنين في تلك المناطق، التي تشهد مواجهات مستمرة بين الحكومة والمعارضة؛ ما أدَّى لفرار حوالى (20) ألف شخص إلى الغابات؛ بحثًا عن الغذاء في منطقة (واو شلك)، بأعالي النيل.
كما ساهم الجفاف في حصول المجاعة عن طريق انخفاض إنتاج المحاصيل جُزئيًا بسبب طول فترة القتال التي توازي انعدام هطول الأمطار.

يمكنك ايضا قراءة الخبر في المصدر من جريدة اليوم التالي

عن مصدر الخبر

صحيفة اليوم التالي