تشهد السودان حربًا مستمرة منذ عامها الثالث، أدت إلى فقدان عشرات الآلاف من الأرواح ونزوح ملايين المواطنين. تتفاقم الأوضاع الإنسانية والاقتصادية والاجتماعية في البلاد، مما يفرض على الجميع ضرورة البحث في تفاصيل التطورات وآفاق الصراع الحالي. في هذا السياق اجرى الفريق إبراهيم جابر، مساعد القائد العام للجيش السوداني وعضو المجلس السيادي، مع قناة العربية الحدث مقابلة تحدث فيها عن معلومات التقدم العسكري والخطط المستقبلية للجيش.
تطورات الحرب
رد جابر عن سؤال : بدأ الجيش السوداني في استعادة السيطرة على العديد من الولايات، بما في ذلك ولاية الخرطوم والجزيرة والسنار. إلا أن ما يشغل الأذهان هو مصير هذه الانتصارات وهل يمكن أن تتواصل أم ستقف عند تحرير القصر الرئاسي؟
قائلا : على الرغم من الانتصارات المعلنة، إلا أن العمليات العسكرية مستمرة، ويبدو أن الجيش يعمل على استعادة زمام الأمور في مختلف الجبهات. يشير الجابر إلى أن الجيش يعمل وفق خطة محكمة وإمدادات مستمرة، مما ينعكس بشكل إيجابي على سير المعركة.
التغيرات في الميزان العسكري
تطرقت المقابلة إلى أسباب التغيرات الراهنة في ميزان القوة لصالح الجيش السوداني. يوضح جابر أن التقدم الذي تحقق حتى الآن هو نتاج جهود جماعية وليس فقط العمل العسكري، إذ لعبت الخبرة المتراكمة للقوات المسلحة على مدار أكثر من 100 عام دورًا هامًا في تحصين الجيش ضد أي تهديدات. كما أشار إلى أن دخول أسلحة جديدة وزيادة أعداد المقاتلين ساهمت في تعزيز هذه الانتصارات.
الدعم السريع والتهديدات
خلال الحديث، تم تسليط الضوء على تهديدات الدعم السريع والمخاوف من عودته إلى الخرطوم. وفي ضوء الأحداث السابقة، يشير جابر إلى أن الوضع الحالي يوحي بأن الدعم السريع قد يكون في حالة تراجع ولن يتمكن من العودة بنفس القوة التي كان عليها. كباقي الشعب السوداني، يعاني المواطنين من انقطاع الخدمات الحيوية مثل الكهرباء والمياه بسبب استخدام هذه القوات لمعدات تستهدف هذه البنى التحتية.
الأزمة الإنسانية
قال انه خلال الأحداث الأخيرة، تخلفت أزمة إنسانية واسعة النطاق. تسبب النزاع المسلح في نزوح أكثر من 16 مليون شخص داخل وخارج البلاد. بالرغم من هذه الأرقام القاسية، تعمل الحكومة على إعادة الحياة الطبيعية من جديد من خلال تأمين الخدمات الأساسية مثل المياه والكهرباء. يعتبر الجيش السوداني مهتمًا جدًا بهذه قضية الإعمار، ويدعو كافة النازحين للعودة إلى مدنهم وقراهم.
الأزمة الاجتماعية والقبلية
اوضح انه تتجلى آثار الصراع في الأبعاد الاجتماعية والقبلية، خاصة في دارفور، حيث بدت قوّات الدعم السريع وكأنها تتمتع بحاضنة اجتماعية كبيرة. لكنه يؤكد أن القوات المسلحة سودانية قومية ولن تنحاز إلى أي مجموعة عرقية أو قبلية. الجيش يسعى لتعزيز روح الوحدة الوطنية ويعمل بموجب القوانين العسكرية التي تمنع الانحياز لأي طرف.
في حديثه خلال المقابلة، أشار الفريق إبراهيم جابر إلى أن دارفور تتميز بتنوعها العرقي والإثني، حيث تضم مجموعة واسعة من المكونات القبلية التي تلعب دورًا محوريًا في الأحداث الجارية. في هذا الإطار، يبدو أن قوات الدعم السريع قد نجحت في جذب بعض هذه المكونات القبلية، مستغلةً الوضع الراهن في سياق النزاع المستمر. وقد أدى هذا الدعم إلى ظهور نوع من التأييد من قبل العديد من القبائل، مما ساهم في تحقيق استقرار نسبي في أربع من أصل خمس ولايات في المنطقة.
على الرغم من أن هذا الاستقرار النسبي يحمل في طياته بعض الإيجابيات، إلا أنه قد يكون أيضًا مؤشرًا على وجود تصدعات عميقة داخل النسيج الاجتماعي. فمع تزايد الانقسامات القبلية، تصبح عملية التعافي بالنسبة للشعب السوداني أكثر تعقيدًا وصعوبة. هذه التصدعات قد تؤدي إلى تفاقم الأوضاع، مما يستدعي ضرورة فهم الأسباب والعوامل التي تسهم في انقسام المجتمعات، وذلك من أجل وضع استراتيجيات فعالة للتعامل مع هذه التحديات.
أكد الفريق إبراهيم جابر في مقابلة له أن تداعيات الانقسام الوطني في دارفور لم تعد محصورة في الإقليم فحسب، بل أصبحت تؤثر على مختلف مناطق السودان. هذا الانقسام ينعكس على العديد من الإثنيات التي تتعرض للاستقطاب والانحياز نحو أحد الأطراف، مما يزيد من تعقيد عملية الاستشفاء الوطني. يتطلب الوضع الراهن تحقيق توافق شامل بين جميع المكونات الاجتماعية والسياسية في البلاد، وهو ما يعد خطوة أساسية نحو تحقيق السلام والاستقرار المنشود.
في ظل هذه الفوضى، يبرز سؤال مهم حول دور الجيش السوداني في معالجة هذا الانقسام. هناك اعتقاد واسع بأن الجيش، باعتباره مؤسسة قومية، يجب أن يتجنب دعم قبيلة معينة أو الانحياز لأي طرف من الأطراف المتصارعة. هذا الموقف يعكس رؤية قادة القوات المسلحة الذين يؤكدون على ضرورة الحفاظ على وحدة البلاد واستقرارها، مما يتطلب من الجيش أن يكون محايدًا وملتزمًا بمبادئ الوطنية.
الجيش
أكد الفريق إبراهيم جابر في حديثه أن القوات المسلحة السودانية تمثل كيانًا قوميًا بامتياز، مشددًا على أن هذه القوات لا تتبنى أي انتماءات قبلية، بل تسعى لتعزيز الهوية الوطنية الشاملة. هذا الفهم يعد حجر الزاوية لأي جهود تهدف إلى بناء الثقة بين المجتمعات المختلفة، كما أنه يساعد في تفكيك التصورات السلبية المتعلقة بالتحيزات القبلية. من الضروري أن يدرك الجميع أن القوات المسلحة يجب أن تكون رمزًا للوحدة الوطنية، مما يعزز من تماسك المجتمع السوداني في ظل التحديات الراهنة.
اشار انه من الضروري أن يتم تشكيل القوات العسكرية وفقًا لقوانين واضحة تضمن عدم انحيازها لأي من الأطراف المتنازعة. يجب أن تكون جهود التجنيد في القوات المسلحة مبنية على أسس من الولاء الوطني، بعيدًا عن الاعتبارات العرقية أو القبلية. هذا التوجه يسهم في خلق بيئة عسكرية متماسكة وموحدة، حيث يتمكن الأفراد من العمل معًا من أجل مصلحة الوطن، مما يعزز من فعالية القوات المسلحة في مواجهة التحديات الأمنية.
في ظل الأوضاع الحالية، يبرز القلق من ارتفاع مستوى التسليح بين الجماعات المسلحة، حيث يخشى الكثيرون من أن يؤدي ذلك إلى تفاقم التوترات والصراعات. ومع ذلك، فإن وجود آليات قانونية للتجنيد والتسليح يمكن أن يسهم في تنظيم هذه الجماعات، مما يتيح إقامة قواعد عسكرية واضحة للجميع. من المهم أيضًا إعادة دمج الأفراد الذين تم تسليحهم سابقًا، بحيث تتاح لهم الفرصة للانضمام إلى المؤسسة العسكرية بشكل قانوني. تعتبر هذه الخطوة أساسية في جهود بناء السلام واستعادة الثقة بين المكونات القبلية المختلفة، مما يسهم في تحقيق الاستقرار في البلاد.
الاقتصاد في خضم الأزمة وأمن البحر الأحمر
قال بانه تسود المخاوف بشأن تأثير الحرب على الاقتصاد السوداني، لا سيما في غياب الخدمات الأساسية مثل المياه والكهرباء. ومع ذلك، تبرز عناصر إيجابية تشي بتحسن الاقتصاد عبر الزراعة أو إنتاج الذهب، مع توفير فرص لتحسين الأوضاع في ولايات مثل الشمالية ونهر النيل.
علاوة على ذلك، تُظهر الأحداث الأمنية في البحر الأحمر أهمية كبيرة للسودان كواحد من أهم الممرات المائية العالمية. يعمل السودان على الحفاظ على سلامة وأمن هذه المنطقة الحيوية، وذلك يتطلب تعاونًا فعالًا مع الدول المجاورة للعمل على مكافحة التهديدات التي قد تنشأ من التحركات غير القانونية.
